المواطن

عاجل
صور .. نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات يشيد بالمبادرة الرئاسية لبناء الإنسان انفراد ..«فن إدارة الحياة» يطلق مبادرة لتنظيف شارع 77 بالمعادي .. غدًا صور .. بدء اختبارات الطلاب الوافدين المرشحين لمسابقة الأوقاف العالمية للقرآن الكريم تنفيذًا لتوجيهات الرئيس .. «مستقبل وطن» يطلق مبادرة مجتمعة بعنوان«شتاء دافئ» على مستوى الجمهورية صور . .وزير الأوقاف ورئيس التنظيم والإدارة يتفقدان أعمال امتحان المتقدمين لشغل وظائف أئمة بمركز تقييم القدرات والمسابقات ويتفقان على مسابقة تكميلية يناير المقبل صور .. «الشباب والرياضة» تنظم ندوة للتحذير من التفكك الأسري بـ«السويس» «وزير الأوقاف» يعتمد زيادة عقود خطباء المكافأة الملحقين على البندين ٣/٤ و ٣/١ صور..«طب بنات الأزهر» تحتفل بحصولها على شهادة الاعتماد للمرة الثالثة صور .. خلال مؤتمر «القومي للمرأة» .. داود : الأمن سياج يحيط بحياة الفرد صور .. «رئيس منطقة القاهرة الأزهرية» يعقد اجتماع بشأن ضم معلمين بالحصة للمدارس
رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

«أبطال رفعوا الرؤوس».. قائد الكتيبة 85 مظلات يروي تفاصيل جديدة عن معركة استرداد كرامة المصريين.. اللواء عاطف منصف: «حائط الصواريخ» سر نجاح العبور.. وغياب القضية الوطنية يهدد مصر (الحلقة الأولى)

الخميس 06/أكتوبر/2016 - 02:38 م
طباعة
روى اللواء عاطف منصف، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة وقائد الكتيبة «85 مظلات» تفاصيل عمل الكتيبة، خلال حرب أكتوبر التي ضربت أروع الأمثلة في التخطيط الإستراتيجي وفنون القتال لأفراد الجيش الذي نجحوا في الثأر من العدو الإسرائيلي 1973.

يقول اللواء عادل منصف في حوار لـ«المواطن»: قبل البداية في تأريخ عمل الكتيبة التي شرفت بقيادتها في حرب أكتوبر المجيدة أود أن أشير إلي أن الشباب في مصر والعالم العربي يجب أن يعرف أن هناك ما يسمي بالقضية الوطنية، التي جعلتنا نحارب في 73 وننتصر وهي التي هزمتنا أيضا في 67 وهو تناقض يجب أن يعرفه الجميع، في عام 67 كانت قضيتنا الوطنية هي العروبة والمشروع الوحدوي العربي والاتحاد العربي، والتحم جميع فئات الشعب خلفها وعشنا انتصارات تلك القضية سواء في سوريا أو اليمن أو الخليج أو الثورة الجزائرية، وهزمنا في 67 لأن العالم كان ضد تلك القضية وكان يجب أن تُهزم مصر لكي تنتهي تلك القضية الوطنية – صحيح أن هناك قصور داخل مصر سواء في الفكر العام أو في المؤسسة العسكرية وتلك عوامل ساعدت في جعل الهزيمة لا مفر منها.

وبعد النكسة كانت القضية الوطنية مازالت حيه داخلنا، وان اختلفت أهدافها، فقضيتنا ومشروعنا القومي كان تحرير الأرض وهو ما جعلنا نتحد ونتكاتف ونبدع لتحقيق هذا المشروع وحل تلك القضية التي مثلت لنا تحديا.

كانت كرامتنا مجروحة وأرضنا مسلوبة، ووضعنا تحرير الأرض في عقلنا كهدف لا مناص عن تحقيقه، فكنا نضاعف العمل والإنتاج لتحقيق هدفنا، فلو طلب منا مهمة تستغرق 5 ساعات كنا نحققها في ساعتين، ولو طلب منا تنفيذ مشروع عسكري بعد شهر، كنا نتدرب قبله لكي نحقق المشروع بامتياز ونحقق اعلي معدلات من الكفاءة، ولو حدث اختراق للعدو في منطقه ما – كنا نستعد للرد حتى لو كان هذا الاختراق بعيدا عنا.

ويضيف قائلًا: "أوضح تلك الكلمات والدم ثائر في داخلي حتى الآن بعد عشرات السنوات من تلك الأحداث التي عشتها وسأرويها لكم بالتفصيل، فالقضية الوطنية ومشروعنا الوطني مازال حي داخلي حتى الآن".

فقد هزمنا في 67 وقبل مرور شهر علي الهزيمة كنا نرد علي العدو سواء في رأس العش او ضربات 14 و15 يوليو الجوية وبعدها إغراق "إيلات" وبعدها حرب الاستنزاف بمراحلها، وبعدها بناء حائط الصواريخ.. كل هذا العمل كان بقايا حلمنا الوطني وقضيتنا وهو ما جعلنا نفتخر بما قمنا به حتى الآن.

ويوضح أن مناسبة تلك الكلمات التي يرويها، أن الشباب المصري وفئات الشعب كلها تعاني الآن من غياب القضية الوطنية، فلو كان هناك قضية وطنية لوجدت الشباب المصري مختلف تماما عما نراه الآن من إدمان وضياع وعدم انتماء، ولست أقول كل الشباب، إنما أتحدث عن فئة كبيرة من الشباب نراها جميعا في كل مكان.

ويدعو بطل حرب أكتوبر الشباب لإعادة إحياء المشروع القومي المصري، فالشعوب لا تعيش علي الأكل والشرب فقط، لكن هناك عوامل أخرى تحيي الشعوب، مثل الحس الوطني والإحساس بالانتماء للوطن والإحساس بعظمة مصر.. فقد كنا نسافر (كضباط مظلات) إلي الدول العربية ونحس بمدي الفخر وعظمه مصر من معامله الشعوب العربية لنا، كنا نسير مرفوعي الرأس لأننا مصريين ونظرات الإعجاب والتقدير من كل عربي يرانا في الشارع، لم يكن فخرنا بمصر نابع من كم الأموال التي داخل جيوبنا في تلك اللحظة، لكن نابع من عراقه وتاريخ دوله تملئ كيانك يحسدك عليها الآخرين ويرون أن لديك من المقومات ما ليس لديهم.

لذلك أدعو كل من يقرأ تلك السطور، بأن يتبني مشروعا قوميا لمصر، يكون فيه الوطن هو الدافع لتحقيقه وليس الفرد، ويكون هذا المشروع بداية إحياء الانتماء لمصر أقوي مما كان وينقلنا هذا المشروع إلى مرحله امجد من حرب أكتوبر.

بداية الكفاح والعمل الوطني

يقول اللواء عاطف منصف، قائد الكتيبة «85 مظلات»، كانت بدايتي مع العمل الوطني سنه 51، فقد عاصرت إلغاء معاهدة 1936 في تلك السنة وكنت أعيش في مدينه السويس الباسلة وكان عمري وقتها خمس عشر عاما، وكنت شغوف جدا للانضمام إلى عناصر المقاومة لمقاومه الاحتلال البريطاني في القناة، فانضممت إلى جمعيه الشباب المسلمين والتي كانت تدرب كوادر المقاومة بالتعاون مع الجيش تحت ستار التربية البدنية، واذكر أن من دعاني لتلك التدريبات كان اسمه الصفتي بيه، وبدأت في الانخراط وسط مجموعه للتدريب العسكري ضمن مجموعة، وكان الاشتراك بمبلغ رمزي عبارة عن قرشين صاغ، واخبرني بأن مكان اللقاء للتوجه إلي التدريب سيكون بجوار سينما سانت كلير بالسويس، وبعدها نتوجه إلى سفح جبل عتاقه للتدريب العسكري هناك.

فتقابلت هناك مع زملاء لي في الحي، ولم أكن اعرف أنهم منخرطين في التدريبات العسكرية أيضًا، وكنا كلنا طلبه مدراس.

وفي المعسكر وجدنا رجالا ترتدي ملابس عسكريه تقوم بتدريبنا ولم نكن نعرف هويتهم، فبدأنا التدريب علي الأسلحة الخفيفة مثل المسدسات والرشاشات الخفيفة، وبعدها بدأنا تعلم كيفية عمل عبوات ناسفة صغيرة ومتوسطة، وكيفيه نسف خطوط سكة حديد لتعطيل عمل قوات الاحتلال البريطاني في القناة، من خلال فترة التدريب إيقانًا أن من يقوم بتدريبنا هم رجال قوات مسلحه بصورة غير رسميه.

وخلال فترة التدريب.. لم أتمكن من الاشتراك في أي عملية من عمليات المقاومة المستمرة في تلك الفترة، سواء عمليات كمائن أو تخريب أو اختطاف لجنود بريطانيين.
بعد قيام الثورة تطورت التدريبات إلى مستوي أعلي تحت مظلة منظمة الشباب التي أنشأتها الثورة، وكنت وقتها في الثانوية العامة، وتحت قياده ضباط الاحتياط بدأنا في الارتقاء بمستوانا التدريبي، حتى تقابلت صدفة مع صديق أخبرني بأنه منضم للحرس الوطني وطلبني للانضمام معه، فتساءلت عن ماهية الحرس الوطني، فأخبرني بأنه تنظيم رسمي يقوم علي التدريب فيه ضباط وضباط صف من القوات المسلحة ويقومون بعمليات فدائيه باستمرار.
-استشهاد محمد الفلسطيني
ويتابع اللواء عاطف منصف قائلًا: "قابلت الملازم علي سلامة وكان موفدا من الضباط الأحرار وكان مسئولا عن قياده المعسكر، وتم تقسيمنا إلى مجموعات بأسماء الخلفاء الراشدين وكل مجموعة تتدرب علي حده؛ حتى استشهد أحد طلبة جامعه القاهرة وكان اسمه المسيري، (له قاعة في جامعة القاهرة باسمه حاليا)، فتم تنظيم عمليه ليليه للرد علي استشهاد المسيري، وتم اختياري من عناصر التنفيذ كفرد مساعد لفردين يحملان رشاشين براوننج ودوري هو تغذيه الرشاشات بالذخيرة.
ويوجد علي ترعة السويس بالقرب من كفر أحمد عبده خزان مياه كبير، فخططنا أن تقوم مجموعة بالسباحة في ترعة السويس وتتقدم لنسف الخزان بينما فردي الرشاشات وأنا معهم نقوم بحماية وستر تلك المجموعة لو تم اكتشافها.

قاد عملية نسف الفنطاس شاب اسمه محمد الفلسطيني وهو فلسطيني الجنسية وكان محبوبا من الجميع، ومعه فرد أخر لا أتذكر اسمه حاليا، وقت التنفيذ تم اكتشاف تقدم مجموعه النسف وتم إضاءة المنطقة بالكامل وتحولت العملية إلى عمليه صاخبة وإطلاق نار متبادل، استشهد محمد الفلسطيني بالقرب مني وكنا وقتها قرب الفجر. وجدت عربه فلاحين تتحرك تجاه الحقول، فصرخت طالبا النجدة لإنقاذ محمد الفلسطيني، وقمنا بوضعه علي العربة وهرعنا إلى المستشفى الأميري بالسويس، ولم أكن أتحمل أن أتوجه معه إلى المستشفى من صدمه ما رأيت.

دخلت المنزل وملابسي مغطاة بالدم، فوجدت والدتي أمامي تتساءل عما حدث لي، فأخبرتها بأننا قد تشاجرنا مع بعض الصبية في الشارع، ولم يكن ردي أو منظري مقنعا لها، لكنها تسترت علي وأخبرتني بسرعة تغيير ملابسي قبل أن يلاحظ والدي، وأن أتوجه إلى المدرسة فورا، تلك الواقعة أثرت علي حياتي تأثير كبير، حيث أنها قد زادتني إصرارًا علي الدفاع عن وطني وأن آخذ بثأر كل من سقط شهيدًا من أصدقائي.

في حرب 56 كنت وقتها علي وشك الانتهاء من دراستي الثانوية، كان لدور منظمات الشباب دور كبير جدا لتأمين الأهداف الحيوية في السويس، وكنا كلنا تحت سيطرة صلاح سالم خلال فترة القتال، وقد لاحظت أن صلاح سالم يتحرك بيننا لبث العزيمة ورفح الروح المعنوية وهو يحمل معه دائما كتاب معركة "ستالنجراد"، وكلما سمحت له الفرصة، كان يجلس ويقرأ فيه، مما لفت انتباهي الاهتمام بالقراءة في ظل تلك الظروف.
وبدأنا في توزيع السلاح علي الشعب وعلي المقاومة، وكان الصحفي محمود السعدني مرافق لنا في السويس ونشر صور توزيع السلاح علي الشعب وكانت روح لا مثيل لها في حب الوطن والرغبة في الدفاع عنه أمام قوي الاستعمار وإسرائيل وبعد فترة هدأت الأمور وتم السيطرة علي الموقف في بورسعيد، مما جعلنا نتذوق طعم الراحة قليلًا.
وبعد الحرب.. كان لابد من إعادة جمع السلاح من الشعب مرة أخرى لكي لا تسود الفوضى، فتقدم صلاح سالم بفكرة جميلة وهي عمل مسابقات بين الأهالي في دقه التصويب، والفائز في تلك المسابقات يحصل علي رخصة سلاح فورا، وكانت فكرة ذكية لمعرفه من يحمل السلاح وخصوصا انه يكون قادرا علي استخدامه جيدا، وفي نفس الوقت جمع السلاح من غير الفائزين.

شاهدنا خلال الحرب تحركات القوات المسلحة المرتدة من سيناء، وشاهدت مدى التفاف أهل السويس حول الضباط والجنود وتقديم كل المعونة للجنود، وهي مشاهد تعبر عن ترابط الجيش والشعب خلف الرئيس عبد الناصر في تحرير مصر من الاستعمار.

الكلية الحربية وسوريا

بعد الانتصار السياسي المصري في حرب 56، حصلت علي الثانوية العامة والتحقت بكلية الزراعة، وكان طموحي في الكلية الحربية، فقدمت سرا بدون علم والدي، وانتظمت في كليه الزراعة وفي نفس الوقت كنت اجتاز اختبارات الكلية الحربية وكانت صعبه؛ ما أصابني باليأس من نجاحي، فقررت عدم دخول امتحان كشف الهيئة، يوم الاختبار كنت في كليه الزراعة بالمعمل، فمر علي صديقي سيد كامل والذي أصبح رئيس أركان القوات الجوية فيما بعد حرب أكتوبر، فوجدني في المعمل أقوم بتشريح ضفدعه، فاندهش من أنني لا أريد التوجه للاختبار لكنه أصر عليَّ وأقنعني بالذهاب للاختبار لأنني لن اخسر شيئا، وفعلا توجهت الي الاختبار، ودخلت الامتحان وقد نسيت علبه السجائر في جيبي، فسألني اللواء محمد فوزي مدير الكلية الحربية عما إذا كنت سأشرب سجائر لو دخلت الكلية الحربية فأجابته بالنفي، وسألني هل تعدني بذلك فأجبته بالإيجاب، فسألني مره أخرى – ما هي واسطتك فأجبته بعدم وجود واسطه، فأمرني بالانصراف ولم يكن لدي شك من رسوبي في القبول نظرا لعلبه السجائر وعدم وجود واسطة.

وفوجئت بقبولي بالكلية الحربية، وكان خبرا سعيدا عليَّ جدا، فغادرت إلي السويس وأخبرت والدي والذي قابل الخبر بهدوء وحاول إقناعي بالبقاء في الزراعة، وعندما وجد إصراري علي الكلية الحربية، اخبرني بأن انتظر قدوم إخوتي الأكبر مني لآخذ رأيهم لأنه كان رجلا ديمقراطيا بمعني الكلمة، ووافق إخوتي ووعدني والدي بتدبير مصروفات الكلية الباهظة والتي كانت تصل إلي 300 جنيه وهو مبلغ كبير جدا في تلك الأيام، لكنه أوفي بوعده وتكفل بالمصروفات.

انضممت إلي الكلية الحربية في نوفمبر 57 وعاصرنا الوحدة المصرية السورية عام 58، وجاء الينا طلبه سوريين شاركونا الدراسة وتخرجوا معنا عام 60، وكان درجاتي المؤهلة تؤهلني الي سلاح المشاة أو المدرعات فاخترت سلاح المشاة – ساده المعارك - وعند ملئ رغبات مكان الخدمة، طلبت أن اخدم في سوريا، وهو ما حدث فعلا، فسافرت الي سوريا بعد تخرجي مباشرة لكي احصل علي دورة أساسيه متخصصة في المشاة وكنا مصريين وسوريين مختلطين، لا يفرق بيننا أي شئ، فقد أصبحنا شعب وجيش واحد في تلك الفترة.

الزعيم جمال عبد الناصر في سوريا

حصلت علي الدورة المتخصصة في سلاح المشاة ولمدة ستة أشهر وزارنا الرئيس عبد الناصر في سوريا وكان معه المشير عبد الحكيم عامر.
وأهم ما قاله لنا الرئيس عبد الناصر: «مصر أمانه في رقبتكم – كلكم مصر هنا – لو عملتوا عمل كبير هيقولوا مصر كبيرة، عملتوا عمل صغير هيقولوا مصر صغيرة – كل واحد فيكم جمال عبد الناصر وكل واحد فيكم سفير لمصر».

وبعد الدورة التحقت علي اللواء الرابع مشاه كقائد فصيلة، وبعد فترة تم حشد قوات أردنيه في منطقه درعه قرب الحدود نظرا لعدم تجاوب الأردن مع فكرة الوحدة ومعارضتها للوحدة، فتحرك اللواء لتأمين الحدود السورية الأردنية، وكانت فصليتي تحتل موقعا علي الطريق الرئيسي المار علي الحدود؛ ما جعل قائد الكتيبة دائم الزيارة والمرور علي قواتي للتأكد من تفهمي المهمة وقدرتي علي التصرف.

-انفصال مصر عن سوريا 1961

بعد انتهاء فترة الطوارئ هذه رشحني قائد الكتيبة للانتقال الي سريه استطلاع اللواء، فانتقلت إلي الاستطلاع، وعملنا جهد جيد في تلك الفترة، وشهدنا بعض الصراعات القبلية المحدودة والتي زادتنا خبره في التحرك الجبلي.

وبعد الانفصال عام 61، عدت الي مصر حزينا علي فراق سوريا والشعب السوري المحب لمصر وللشعب المصري حتى النخاع، ويجب الاشاره أن جموع الشعب السوري كان رافضا الانفصال بشده وان من قام بالانقلاب هم ضباط اقل ما يوصفوا بالخونة للعروبة ولسوريا، لان انفصال سوريا عن مصر اضعف البلدين وأفاد إسرائيل.

عند عودتي إلي مصر في نوفمبر 1961 ألحقت علي الكتيبة 77 مظلات وكانت نواه قوات المظلات في مصر والتي مازالت تحت التشكيل، وكنت مازلت برتبه ملازم. وكان قائد الكتيبة اسمه ماهر بدر ويعتبر من أعظم قاده المظلات في مصر ورئيس عمليات الكتيبة عبد الرحمن بهجت وتم تعييني كقائد استطلاع وامن الكتيبة، وتوطدت علاقتي مع عبد الرحمن بهجت والذي تعلمت منه الكثير عن الرجولة والتضحية والفداء والانضباط.

وكان دورنا في تلك الفترة هو التدريب فقط، وكان تشكيل الكتيبة كله من المتطوعين المتميزين في المظلات، فساهم ذلك في سرعه وصول الكتيبة إلي مستوي عال من التدريب والانضباط والكفاءة، وكانت الكتيبة 75 مظلات هي الكتيبة المنافسة لنا وكانت كتيبه لها سمعتها في حرب 56 وقامت بمشروعات كبيرة أمام الرئيس والمشير، وبدأنا في التنافس مع الكتيبة 75 وبدأت كتيبتنا في الظهور كمنافس حقيقي، وهي روح ساعدت في رفع مستوي الكتيبتين التي تشكلان كل قوات المظلات في هذا الوقت.

وكانت كتيبتنا تتمركز فيما أصبح يسمي الآن مدينه نصر مكان دار المدرعات المجاور لإستاد القاهرة وبانوراما حرب أكتوبر.

مشاركة الجيش في حرب اليمن

وفي أول أكتوبر 1962 استدعاني قائد الكتيبة والذي جاء إلينا جديدا – المقدم محمود طاهر خشبه، وكنت وقتها في دورة تدريبيه علي قراءه الخرائط، وعندما قابلت قائد الكتيبة أخبرني بأنها متوجه إلي اليمن على الفور.

فبدأت في العمل علي الفور بمساعده حسن الزيات ذلك الرجل الرائع، واخبرني بأنني مسئول التحميل إلي السويس علي السكة الحديدية ومنها علي الباخرة مكة إلي اليمن، فبدأت في التحرك سريعا للتحرك إلي السويس في خلال يومين فقط، وكانت مهمة صعبه غير عاديه، لان الوقت كان ضيقا والاستعدادات ضخمه لتحرك الكتيبة إلي اليمن بما معها في عربات وإمدادات وذخائر ومعدات.
وصلنا ميناء الحديدية بعد اقل من عشر أيام من قيام الثورة في اليمن وتحديدا يوم 7 أكتوبر 61 وكان عبد الخالق محجوب قد سبقنا في السفر إلي اليمن مع 10 ضباط من قياده قوات المظلات كمفرزة متقدمه لنا، وكان قرار عبد الخالق محجوب هو سفر الكتائب 75 و77 وبالفعل وصلنا إلي صنعاء وبعدها إلي منطقه تسمي عمران، وهي منطقة غير مستقره حتى الآن وتبعد 40 كيلو من صنعاء.

وكان تسليح قواتنا يسمح لنا بالقيام بمهام قوات مشاه مدعمه بعناصر مدفعيه ودفاع جوي بسيط لكنها أعلى مستوى من تسليح كتائب المشاة، تتكون اليمن من قبيلتين رئيسيتين – حاشد وبكير –وكان الانطباع الأول لنا والطرق لم تكن أسفلتية نهائيا إنما ترابية معبده، وان التخلف الحضاري لأهل اليمن هائل جدا، فهناك من لم يرى عربات مدرعة في حياته، ومنهم من كنا نحس انه مازال يعيش وقت امبراطورية سبأ، فاندهشنا من كم التخلف الحضاري في اليمن، وتمركزنا في قلعه عمران والتي بدأت منها الثورة، وتقابلنا مع أفراد من مجلس قياده الثورة اليمنية وبدأنا في عمل تنظيم التعاون.

«الكتيبة 85» في اليمن
وفي أول يوم جمعه لنا، أمرنا قائد الكتيبة بالتوجه إلى الجامع للصلاة وسط الأهالي لمحاوله الاندماج معهم وتعريفهم بنا وبدورنا، وأدت تلك اللفتة من المقدم خشبة إلى بناء جسر تواصل مع أهالي منطقه عمران لدرجة أنهم كانوا يتوافدون إلينا في القلعة ومعهم طعام ونبادلهم ذلك بالحلويات من مخزون الكتيبة.

في تلك الفترة وصل العقيد عبد المنعم خليل إلي اليمن كمدير لمسرح عمليات حرب اليمن، وبدأنا في التحرك إلي عده مناطق لتنفيذ عمليات متنوعة ضد قبائل مضادة للثورة، ولتأمين طرق.

وكان أول تحرك لنا إلى جبل «ارحب وجبل سفيان» للسيطرة علي منطقه معينه نظرا لوجود معلومات بتحرك لواء ميكانيكي بريطاني من عدن تجاه تلك المنطقة، وكنا نشك في نوايا البريطانيين تجاه التواجد المصري في اليمن.

وكانت الجبال المطلوب التحكم بهم علي ارتفاع كبير جدا، كان تسلق الجبل الواحد يحتاج إلي ست ساعات وكانت الصخور الحاده تهلك أحذية الجنود تماما؛ مما استدعى تغيير أحذية الجنود كلها بعد تسلق هذا الجبل.

ووضعنا خطط الدفاع عن الوادي لمواجهه اللواء البريطاني، وتنسيق التعاون مع قوات الكتيبة 75 التي احتلت جبل سفيان، ووضعنا قوات في أسفل الوادي لعمل خط دفاع رئيسي وقمت بالتحرك بقوة فصيلة الاستطلاع إلى حصن عزام أعلي قمم الجبل لاستطلاع الموقف دائما ومعي عناصر من سلاح الإشارة لفتح اتصال دائم مع القيادة.
وبعد حوالي فترة طويلة من المعاناة فوق الجبل لعدم وجود إمدادات منتظمة من أسفل الجبل استقر بنا الحال، وعلمنا أن اللواء البريطاني قد وقع في كمين من قوات ليست مصريه ولم تكن علي اتصال بنا، لكن المعلومات الواردة أن اللواء تعرض لخسائر وعاد إلي نقطه تمركزه مرة أخري في مأرب، وتحرك حسن الزيات للتأكد من تلك المعلومات، وفعلا وجد أرض معركة طازجة حيث الدخان يتعالي من العربات المدرعة الانجليزية وهناك قتلى كثيرون في ارض المعركة، وحتى الآن لا اعرف من الذي نصب هذا الكمين فربما قوات صاعقه مصريه أو ربما قبائل يمنيه أخري لأنه لم يتم إبلاغنا بأي تحرك لقوات مصريه أو تنظيم معركة.

واستمررنا في القيام بعمليات متنوعة طبقا للمهام، لفتح طرق جبليه أو لمعاقبه قبائل تتبع الحكم الملكي، وكانت أيام صعبه علينا بسبب الطبيعة الجبلية القاسية لتلك المناطق، وفي تلك الأثناء عينت قائد لسريه استطلاع الكتيبة خلفا لزميلي احمد سامي الذي أصيب في انفجار قنبلة؛ ما أدي إلي إصابته بـ 52 شظيه، لكنه عولج وشفي بعدها.

عملية تعز السرية

بعد حوالي العام تحديدا في فبراير 1963 وصلت الكتيبة 79 مظلات والتي شكلت حديثا وأخذت مهام قتاليه فور وصولها لتأمين ممرات جبليه استراتيجيه، وتحركت الكتيبة بدون أي معلومات استطلاع أو تنسيق، وإثر ذلك وقعت الكتيبة في كمين واستشهد ماهر بدوي في هذا الكمين ومعه احد عشر ضابط، وكان هذا أسوأ خبر سمعته في حياتي حتى هذه اللحظة من عمري وبكينا علي استشهاد ماهر بدوي الرجل الخلوق الممتاز، وتشتت الكتيبة فكان لازمًا إعادة تجميعها في صنعاء مره أخرى لاستعاده الكفاءة.
وبعد فترة قصيرة بدأنا في غيار القوات في أكتوبر 63 حيث تولت الكتيبه 79 السيطرة علي مواقعنا ونعود نحن إلي صنعاء، وفي توقيت مقارب وصل المشير عامر الي صنعاء واجتمع مع المقدم خشبه قائد الكتيبة ومع قاده السرايا، واخبرنا بأننا قد تم تكليفنا بعمليه وبعدها نعود إلي مصر ووعدنا باستقبال الرئيس عبد الناصر والمشير لنا في ميناء الأدبية.

كانت العملية مهمة في تعز وكان بها قوة أمريكية تقوم بتدريب جواسيس للعمل خلف خطوطنا، والمهمة أننا سنقفز مظليا فوق تلك المنطقة، وقامت القوات الجوية باستطلاع جوي، ثم سافر عدد من الضباط بطائرة اليوشن 14 الي تعز لاستطلاع المنطقة من الأرض، وكنت منهم، فوصلنا الي هناك بملابس مدنيه وبدأنا في تصوير المكان والتجهيز للعملية التي لم تكن تحتاج إلي أكثر من سريه واحده تتقدم برا وخلفها سريه أخرى احتياطي، لكن بعد يومين حضر إلينا الفريق أنور القاضي قائد القوات المصرية في اليمن وابلغنا بإلغاء العملية، واخبرنا بأن الرئيس عبد الناصر قادم وسنكون في استقباله باليمن وسيتم عمل عرض عسكري في صنعاء ثم بعده تعودوا إلى الأدبية.

وكنتيجة لمجهودات ضباط الكتيبة في اليمن تم ترقيه جميع ضباط الكتيبة استثنائيًا إلي الرتبة الأعلى بقرار من الرئيس عبد الناصر، وبناء علي اعتراض بعض الضباط الآخرين في بعض الكتائب، تم ترقيه ضباط كتيبه 75 أيضًا.

وفي 15 أكتوبر كنا بالأدبية، واستقبلنا الرئيس عبد الناصر والمشير كما وعدنا وكان استقبال حافل وظهرت صورتي بجوار الرئيس علي الباخرة وسط الجنود والضباط في الصفحات الاولي لكل الصحف

هيكلة قوات المظلات بعد حرب اليمن
يتابع اللواء عاطف منصف، قائد الكتيبة «85 مظلات»: بعد عودتنا من اليمن بدأت عمليه إعادة هيكله قوات المظلات المشكلة من 3 كتائب فقط وبدون قياده موحده، فلا يمكن اعتبارها لواء أو قوات منفصلة، في ذلك الوقت كانت الكتائب 81 و85 تحت التشكيل.
فسافرت الكتيبة 85 إلي اليمن فور استكمال تشكيلها لمده عام حتى عادوا وحلت الكتيبة 77 مره أخرى إلي اليمن وكنا في تلك الكتيبه القوه الوحيدة من المظلات المتواجدة في اليمن وظللنا هناك فترة أخرى وكان أخر فصيلة تغادر اليمن بعد 67 هي فصيلة مظلات بقياده الملازم أول يسري الشماع، تزامن عودتنا من اليمن سنه 63 مع وصول العميد عبد المنعم خليل كقائد لقوات المظلات، فأنشأ قياده قوات المظلات، والمكلفة بقيادة وسيطرت كتائب المظلات وهو إجراء تنظيم هام جدا في تاريخ المظلات لتنظيم عمل تلك الكتائب وتدريبها.

وكان عبد المنعم خليل ذو مدرسه متميزة في القيادة وذلك اثر كثيرا علي مستوي قوات المظلات، فتم إرسال الضباط المتميزين عسكريا في دورات إلى روسيا.

مغامرة دخول مطار «المليز» بسيناء

وفي 24 ابريل 1967 صدرت لي الأوامر بعمل دوريه استطلاع روتينيه في سيناء لتدريب الضباط علي محاور سيناء المختلفة، وطرق التقدم وتعريفهم بالجبال والوديان، وكانت تلك دورة استطلاعيه عاديه ومكرره وتدريبيه في كل أنحاء مصر، وصلنا في دوريه الاستطلاع إلي مطار المليز وكان به لواء مدرع متمركز هناك، وحاولنا دخول المطار لتحيه زملائنا.

وقف جندي الأمن أمام البوابة مستفسر عن هويتنا ويطلب كلمه سر الليل – طبعا لم نكن نعرف كلمه سر الليل لأننا في دوريه استطلاعيه بعيدا عن دخول المطار وليس لنا أن نعرف كلمه سر الليل الخاصة بالمطار. فأسقط في يدنا، فماذا نفعل، فتفتق ذهن احد زملائي في الدورية وبدأ يتكلم بصوت حاد وطلب ان يتم استدعاء الشاويش المسئول عن أمن البوابة والذي كان نائما في كشك الأمن فحضر الشاويش مهرولا، فصاح فيه زميلي – انت مش عارف احنا مين ؟؟؟ فلم يرد الشاويش، فقال له انا الرائد ناجي من لواء الجولاني، استكملت أنا – أنا النقيب عاطف من اللواء شيفع فبهت الشاويش وأمر الجندي بفتح أبواب البوابة لدخولنا فورا علما بأن الأسماء التي رددناها كانت لالويه مدرعة اسرائيلية ذائعة الصيت داخل القوات المسلحة المصرية، وهذا الموقف وضح لنا تماما نوعيه القوات التي كانت في سيناء ومستوي القوات المسلحة المصرية عامه في سيناء والتي سمحت لنا بدخول اقوي واكبر قاعدة جوية في سيناء لمجرد إرهاب شاويش امن البوابة بمصطلحات لم يفهمها.

ظللنا في سيناء لمدة أسبوع وعدنا في الأول من مايو ففوجئنا بوجود لجنه تفتيش من القيادة العامة للتفتيش علي كفاءة كتائب المظلات، فقامت تلك اللجنة بمراجعه دفاتر الحضور والانصراف للجنود – وحضر الفريق أول هلال مساعد المشير، وأقيم له احتفال لائق، وغادر الرجل تاركا بقيه أفراد اللجنة لمراجعه كفاءة القوات، فتم إحضار لوحه مساحه متر في متر، وتم رص أفراد السرية (200: 300 فرد ) وتم إعطاء كل جندي طلقه واحده وطلب من السرية التصويب علي تلك اللوحة من مسافة قريبه، ويتم الضرب في وقت واحد ثم يتم احتساب عدد الطلقات التي أصابت اللوحة من إجمالي من قاموا بالضرب، فلو تعدى الرقم 50% تكون السرية ناجحة أما بقيه عمليات التفتيش والمراجعة فتمت بشكل صوري تماما جعلتني أرى الهزيمة قادمة أمامي من مستوى الاختبارات التي تم القيام بها، فضلا علي انه لم يكن هناك أي نوع من التفتيش علي مستوي الضباط.. كفاءة قوات المظلات تم احتسابها عن طريق طابور عرض عسكري ودفاتر الحضور والانصراف للطوابير، وعن طريق ضرب نار بقوة سرية كاملة علي لوحه كبيرة ومن مسافة قريبه.

ويشير «قائد كتيبة 85» وأحد أبطال حرب أكتوبر، إلى أنه بعد هزيمة 67 فقد اختلف مستوي التفتيش وقياس مستوى الكفاءة القتالية بشكل جزري وأصبحت المعايير مختلفة وصحيحة وأصبح هناك تفتيش على الضباط وعلى كفاءتهم أيضًا.
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads