هو الشاب المحبوب، أحد جانات السينما المصرية، في فترة الستينيات من القرن الماضي، اشتهر بأدائه للأدوار الرومانسية، فكان الفتى الذي عشقه الجماهير وتسبب في إسعادهم، لكنه لم يحظ بنفس القدر من هذه السعادة في حياته الخاصة.

هو أبو العروسة الذي أصابه الاكتئاب بشدة في آخر سنواته، العاشق الذي جعل جميلات السينما يقعن في حبه، وكانوا السبب الرئيسي في آلامه في الحياة، جان السينما المصرية، عماد حمدي.


ويحتفل "المواطن" اليوم 25 نوفمبر بذكرى ميلاد فتى الشاشة الأول، الفارس النبيل، من خلال التقرير التالي:

ولد محمد عماد الدين عبد الحميد حمدي، 25 نوفمبر عام 1909، في محافظة سوهاج، ثم انتقلت أسرته إلى القاهرة، وكان والده يعمل مهندسًا بالسكة الحديد.

إلتحق بكلية التجارة، وكان في بداية حياته "بشكاتب" في مستشفى أبو الريش، إلى أن إلتقى صدفة بصديقه محمد رجائي، خلال تصوير فيلم "وداد"، باستديو مصر عام 1936، فطلب مساعدته في إيجاد وظيفة مناسبة له داخل الاستوديو، وبالفعل أسند له وظيفة رئيس حسابات بالاستديو، وذهب حمدي، إلى مستشفى "أبو الريش" وقدم استقالته، واستلم عمله في اليوم التالي باستوديو مصر، وهكذا أصبح قريبًا من هوايته الفنية، وكان يجالس يوميًا كبار الفنانين لكي يحاسبهم ويعطيهم رواتبهم وعلاواتهم.

استمر في وظيفة استوديو مصر إلى أن تم ترقيته إلى مدير للإنتاج، وجاءت أول فرص التمثيل له، عندما طلبت وزارة الصحة من استوديو مصر إنتاج أفلامًا تسجيلية عن البلهارسيا والإنكلستوما، فاختاره المخرج جمال مذكور، للمشاركة في تمثيل هذه الأعمال الإرشادية ونجح فيها بشدة، وحصل بعدها على أولى بطولاته من خلال فيلم "السوق السوداء" عام 1945.

وانطلق "حمدي"، بعد فيلم "السوق السوداء" إلى عالم الأضواء والنجومية، ولُقب بـ"فتى الشاشة الأول"، وقام ببطولة العديد من الأفلام الهامة في السينما المصرية منها "أم العروسة، وميرامار، وثرثرة فوق النيل، سيدة القطار، أبي فوق الشجرة، امرأة مجهولة، الباطنية والمذنبون".

قبلة عماد حمدي لسيدة الشاشة العربية 

وقف عماد حمدي، أمام جميلات السينما المصرية في أكثر من عمل فني، وتبادل الكثير من القُبلات معهم، ولكن القبلة التي جمعته مع فاتن حمامة في "لا أنام"، كانت محل جدل كبير، وأثارت تلك القبلة إعجاب إحسان عبد القدوس، باعتباره مؤلف العمل، ولكن كان للرقابة رأي أخر، حيث تم تصنيف الفيلم "للكبار فقط".

وبعد القبلة الشهيرة، انتشرت الشائعات حول علاقته بـ"سيدة الشاشة العربية"، فاتن حمامة، والتي أثارت الجدل كلما زادت أعمالهم السينمائية معًا، ولكنه لم ينتبه لمثل هذه الإشاعات والاتهامات واكتفى بالصمت، وكان رده المفاجئ للجمهور على اتهامه بعلاقة مع فاتن حمامة، بإعلان زواجه من الفنانة شادية، التي كانت تعلم حقيقة الشائعة بينهما.

الزوجة الأولى "فتحية شريف"

بعد تحقيقه نجاحًا كبيرًا واطمئنانه على مستقبله، بحث النجم عماد حمدي عن الحب، فوجد المونولوجيست فتحية شريف، التي تعمل في فرقة نجيب الريحاني، فانشغل بحبها وتزوجها عام 1946، وكانت فتحية "وش السعد" عليه، حيث انهالت عليه بعدها العروض لبطولة أفلام كثيرة، وأنجبت له ابنه الأول "نادر"، وظلا معًا لمدة 7 سنوات، انتهت بالطلاق، بعدما وقع فتى الشاشة في حب دلوعة السينما "شادية".

الزوجة الثانية "شادية"

بدأ حب "حمدي"، للفنانة شادية، أثناء تصويرهما فيلم "قطار الرحمة"، وتزوجا عام 1953، رغم رفض عائلتها لأنه يكبرها في العمر بحوالي 20 عامًا، وتم الزواج بعد إصرارها وإقناعهم في حفل عائلي صغير، وفي أول زواجهما واجه مشاكل كثيرة بسبب نفقة زوجته الأولى وهي الفنانة فتحية شريف، وبلغ ثمن النفقة في ذلك الوقت 1000 جنيه، ولكنه تجاوز هذه المحنة.

وأسس لها شركة إنتاج لتنتج أفلامًا مثل "شاطئ الذكريات وليلة من عمري"، ولكن كانت أفضل ما أنتجته لها هذه الشركة هما فيلمي "موعد مع الحياة" و"المرأة المجهولة"، اللذان حققا نجاحًا كبيرًا وأضافا كثيرًا إلى رصيدها الفني.

وتفاجئ الجمهور حين أعلن "حمدي وشادية" طلاقهما، بعد زواج استمر 3 سنوات، بسبب غيرته الشديدة عليها، مما جعلهما في شجار مستمر، خاصة بعد سقوط "جنين" شادية، التي كانت تعاني في ذلك الوقت بأن جنينها يسقط دائمًا في الشهور الأولى، فالأمر حدث معها في زواجها الأول، وتكرر مرة أخرى في زواجها الثاني من عماد حمدي، وكان الأطباء قد أكدوا لها أن جسدها لا يتحمل الحمل، فأصبحت عصبية وزادت الخلافات بينها وبين "عماد" وتوقف بعدها عن العمل فترة طويلة، ثم بدأ يعمل بكثرة متفانيًا في عمله حتى يتجاوز أزمة طلاقه من شادية.

نادية الجندي

لعب الفقر دور كبير في المرحلة الأخيرة من حياة عماد حمدي، بعد أن كان الفنان الثري الذي ينفق المال بسخاء شديد، وحذره من ذلك وبشدة صديقه الفنان يحيى شاهين، بقوله: "يجب أن تعمل حساب بكره، محدش عارف بكره فيه إيه"، ولكنه لم يستمع للنصيحة، فعاش كما يطلق عليه "برنس"، وانتهى به المطاف ممثلًا باليومية في "سواق الأتوبيس" مع نور الشريف، ومات ورصيده في البنك جُنيهان فقط.

أصيب "حمدي"، بالاكتئاب الشديد في آخر سنواته والعمى، وراح يصطدم بالأشياء، وقد زاره الشيخ محمد متولي الشعراوي، ليطلب منه التماسك والرضا بقضاء الله، وبعدها أحس بالراحة أيامًا قليلًا، ثم دخل غرفته وطلب عدم إزعاجه، وبعد يومين لم يصدر عنه صوت، واكتشف ذويه أنه قد فارق الحياة يوم 28 يناير عام 1984.