في ذكرى وفاة "ابن البشوات".. أشاد بفنه النقاد العالميين ولقب بـ"رائد مدرسة الاندماج"
الأربعاء 15/فبراير/2017 - 02:56 م

زكي رستم
منار إبراهيم
طباعة
تحل اليوم ذكرى وفاة أحد أهم ممثلي السينما المصرية، تميز بأسلوبه الملفت للنظر، تألق بأدوار الشر، رغم أنه لم يتزوج أو ينجب أبناء، إلا أنه برع في تجسيد دور الأب الحنون، وأعطى الفن عمره بالكامل، كان من أبرز نجوم زمن الفن الجميل، ليس بشهادة النقاد والجمهور المصري فقط، بل اعتبره العديد من النقاد العالميين أحد أكثر الفنانين موهبة على مستوى العالم.
اختارته مجلة "باري ماتش" الفرنسية كواحد من أفضل عشرة فنانين في العالم، كما وصفته مجلة "لايف" الأمريكية بأنه من أعظم ممثلي الشرق، وأنه لا يختلف عن الممثل البريطاني الكبير تشارلز لوتون، ينتمي لعائلة البشوات من الطبقة الارستقراطية، هو النجم المتألق زكي رستم.

.
في ذكرى وفاة "ابن البشوات" يرصد "المواطن" أبرز محطات في حياته بالتقرير التالي.
ولد زكي محرم محمود رستم عام 1903 في قصر جده اللواء محمود باشا رستم بالحلمية، وكان جده من كبار ضباط الجيش، أما والده محمود بك رستم فكان من كبار ملاك الأراضي الزراعية، ولم يكن في أسرته من يحمل لقب أفندي.

.
عشق "رستم" التمثيل منذ الصغر، وكان يخرج مع مربيته لمشاهدة الموالد وعروض "الأراجوز"، وعندما كان طالبًا في المرحلة الابتدائية كان يذهب مع أسرته لمشاهدة العروض المسرحية التي تقدمها فرقة جورج أبيض، وفي أحد المرات شاهد جورج أبيض وهو يؤدي شخصية "أوديب"، فعاد لمنزله وحاول استرجاع طريقة تمثيله، ولم يكتف بذلك فقط، إذ كان يجمع أصدقائه وأقاربه تمثيل الروايات معه في بدروم القصر، ولم يكن التمثيل هوايته الوحيدة، إذ كان بطلًا رياضيًا أيضًا، وكان يهوى رفع الأثقال، وحصل على بطولة هذه اللعبة عام 1923، وفي العام التالي حصل على شهادة البكالوريا.

.
التقى "زكي" بالفنان عبد الوارث عسر الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية، وكانت هذه نقطة التحول في حياته، وبعد وفاة الأب تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلنًا انضمامه إلى فرقة جورج أبيض، فطردته أمه من السرايا لأنه مثل سيئ لإخوته بعدما خيرته بين سكة الفن والتحاقه بكلية الحقوق فاختار المسرح، وأصيبت والدته بالشلل حتى وفاتها.

.
انضم إلى فرقة "عزيز عيد" ثم إلى فرقة "اتحاد الممثلين" وكانت أول فرقة تقرر لها الحكومة إعانة ثابتة، ولم يستمر فيها طويلًا فتركها، وذهب لينضم إلى "الفرقة القومية" وكان يرأسها في ذلك الوقت الفنان خليل مطران، وظل فيها عشرة أعوام كاملة.

.
اختاره المخرج محمد كريم ليشترك في بطولة فيلم "زينب" الصامت تأليف الدكتور حسين هيكل، وإنتاج يوسف وهبي وكان أمام الفنانة بهيجة حافظ.

.
بلغ رصيده الفني من الأفلام ما يقارب الـ250 فيلمًا، أشهرها العزيمة، عدو المرأة، وخاتم سليمان، وياسمين، وبائعة الخبز، والفتوة، وامرأة على الطريق، وكان آخر أفلامه أجازة صيف.

زكي رستم من فيلم الفتوة
.
أطلق عليه "رائد مدرسة الاندماج"، فكان نموذجًا رائعًا للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية، ومواقفها المتقلبة، والمتلونة، فكان لا يكاد ينتهي من أداء موقف من المواقف أمام الكاميرا حتى تتصاعد موجة من التصفيق من الحاضرين في البلاتوه، فاتن حمامة كانت تخاف من اندماجه عندما يستولى عليه فتقول: "يندمج لدرجة أنه لما يزقني كنت ألاقى نفسي طايرة في الهواء".

.
عرضت عليه شركة كولومبيا بطولة فيلم عالمي رفض زكي رستم ولما سألوه عن سبب الرفض قال بغضب "غير معقول اشتغل في فيلم يعادي العرب".
كان الفن عنده هو البلاتوه ولحظة خروجه منه تنقطع الصلة بينهما تمامًا، ولهذا لم يكن له أصدقاء، صديقه الوحيد سليمان نجيب وكان معروفًا بابن الباشا وكان يحترم ويحب الفنان عبد الوارث عسر.

.
كان "ابن البشوات" يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان بشارع 26 يوليو، ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عامًا وكلبه "الوولف" الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية.
حصل الفنان القدير في عام 1962 على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس جمال عبد الناصر، وفي عام 1968 توقف تمامًا عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس بعد أن فقد حاسة السمع تدريجيًا وكان يقضى معظم وقته في القراءة.

.
أصيب "رستم" بأزمة قلبية حادة نقل على إثرها إلى مستشفى دار الشفاء وفي ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير عام 1972 صعدت روحه إلى السماء، ولم يشعر به أحد ولم يمشِ في جنازته أحد، وفقدت مصر رمزًا من رموز الفن المصري.

.