جهات سيادية و امنية و دولية تهدد بسحب قروض بـ100مليون دولار لإنجاز 6% فقط
«وزارة الزراعة» تحصل على قروض من البنك الدولي ولا تمتلك مهندسين لتنفيذ العقـود وتسعي
لخراب بيوت المقاولين .
وزارة التعاون الدولي تمهل الزراعة حتى يونيو المقبل لتنفيذ المشروعات
حذر تقرير رقابي تم رفعه إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، والمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، ووزراء التعاون الدولي والموارد المائية والري والزراعة، من التراخي فى الأداء وفساد فى التطبيق.
ويكشف التقرير الذي حصل عليه « حق المواطن » عن إهدار للمال العام فى منظومة تطوير الري الحقلي، التي تنفذها وزارة الزراعة، متمثلة فى وحدة تطوير الري، التي حصلت على منح وقروض دولية بلغت قيمتها أكثر من 100 مليون دولار، مطالباً بتوجيه القروض إلى جهات أكثر جدية لتطوير المنظومة فى 5 ملايين فدان بالأراضي القديمة لتوفير 10 مليارات متر مكعب لتوجيهها لخطط التنمية فى شرق سيناء وتوشكي والساحل الشمالي،
لتفادى الآثار السلبية لـ سد النهضة الإثيوبى، والمتمثلة فى تناقص حصص مصر من مياه النيل، فضلاً عن اتجاه تلك المنظمات لسحب القروض، الأمر الذى يمثل فضيحة دولية.
وأكد التقرير الذي حصل عليه حق المواطن ، أن مسئولي هيئة الرقابة الإدارية تمكنوا من مصادرة مستندات، قيد الدراسة والتحقيق حالياً، بالتزامن مع إصدار التقرير الذي يؤكد الفشل الحالي والمستقبلي لوزارة الزراعة في تنفيذ المشروع، كاشفاً أن نسبة التنفيذ حتى تاريخه لم تتعد 6% فقط، في حين أن فترة سماح القرض ستنتهي في 30 يونيو المقبل، وهو ما يعني استحالة تدارك الأمر وتنفيذ المشروع في حينه، ما سيؤدي في النهاية لسحب القروض واهتزاز الثقة الدولية في مصر وقدرتها على استخدام القروض في المشروعات التنموية، وربما يؤدي إلى تخفيض تصنيف مصر الائتماني، وهو ما يمثل كارثة بالنسبة للاقتصاد المصري.
وأشار التقرير إلى حصول وزارة الزراعة على قرض لتنفيذ مشروع تطوير الري الحقلي في الأراضي القديمة ، يسمي الأوفيدو (OFIDO) ممول بـ36 مليون دولار من الهيئة الدولية للتنمية الزراعية الإيفاد ، لتطبيقه في محافظات كفر الشيخ - البحيرة - قنا – سوهاج – أسيوط ، بالتعاون مع قطاع تطوير الري في وزارة الموارد المائية والري، طبقاً لبروتوكول رسمي ينص على قيام قطاع تطوير الري بالتخطيط والتصميم وتجهيز العقود والإشراف علي التنفيذ، مقابل 4% من قيمة المشروع، نظراً لعدم وجود جهاز لتنفيذ مشروعات الري في وزارة الزراعة، وحتى لا تكون هناك مخالفة للقانون 2013 لسنة 1994واللائحة 14900 لسنة 1995 ونصهما مسئولية وزارة الري عن أي أعمال تخص تطوير المساقي في جمهورية مصر العربية .
وأوضح التقرير أن من أشرف على تنفيذ هذا القرض من وزارة الزراعة الدكتور « محمد سمير أبو سليمان » ، مدير وحدة الري الحقلي في وزارة الزراعة، والذي ارتكب عدة مخالفات جسيمة تتعلق بإهدار المال العام والتربح وازدواج الصرف لنفس العمل، ما دعا رئيس قطاع تطوير الري السابق في وزارة الري المهندس على كمال الدين عمر فتيح لإبلاغ الرقابة الإدارية بمخالفات أبو سليمان ، التي حركت ضده القضية رقم 5534 لسنة 2012 وهي منظورة حالياً أمام القضاء.
وأضاف التقرير أنه بعد الفساد الذي شاب مشروع الأوفيدو في البحيرة و الصعيد، والخلل الواضح في إدارة وزارة الزراعة لأي نشاط يتعلق بتطوير نظم الري، ضغط عدد من مسئولي وزارتي الري والزراعة للموافقة على تعديل البروتوكول الخاص بالتعاون بين الوزارتين، ليمنح البراءة للدكتور محمد سمير أبو سليمان.
محمد سمير أبو سليمان مدير مشروع الري الحقلي
وأكد التقرير حصول وزارة الزراعة على قرضين، الأول من البنك الدولي والآخر من الوكالة الفرنسية للتنمية، لتمويل مشروع تحديث الري الحقلي (FIMP) الدلتا كمشروع لتحديث الري الحقلي، وبدأت طرح عقود تعتبر تمثيلاً لمستقبل تطوير الري بواسطة تلك الوزارة، حيث سيتم تحويل كل القروض القادمة لها لتنفيذها، وتبين بعد التجربة ما يلي..
1- أن وزارة الزراعة لا تمتلك مهندسين مدنيين للإشـراف على تنفيذ عقـود الـري الحقـلي، وأوكلت الإشـراف على الأعمــال لمهندسي الجمعيــات الزراعيــة من خريجى بكالوريوس زراعة، كما خالفت وحدة تطوير الري قوانين المهن الهندسية، في تحدٍ للقانون ونقابة المهندسين، وفي سابقة تعاقدية غير مسبوقة، حيث إن العقود تعمل بدون إشراف هندسي متخصص.
وأكد التقرير أن العقود غير مدروسة من الناحية الزمنية ومعدلات التنفيذ، حيث إن أحدها بقيمة تتخطى 80 مليون جنيه، ومدة تنفيذه 9 أشهر، وهو ما يعد مستحيلا تنفيذه فى المدة المذكورة، لأن معدل تنفيذ أكبر شركات المقاولات العاملة في هذا المجال لا تتخطى 15 مليون جنيه في العام الواحد.
كما خالفت وزارة الزراعة قانون العطاءات والمناقصات، بإغفال تصنيف الاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد، ومنحت عقودا لمقاولين من الفئة السابعة، حيث إنه غير مسموح إلا لمقاولي الفئة الأولي بالدخول في عطاءاتها وتم الترسية عليهم فعلاً، كما وردت بالعقود بنود تعد تربحاً وتحقق مصالح شخصية لبعض أفراد وزاة الزراعة، وتفتح الباب أمام إجبار المقاول على دفع مبالغ مالية، حيث نص البند على إمكانية تأجير المقاولين لحفارات وحدة تكنولوجيا الزراعة الآلية في وزارة الزراعة بقيمة 25 جنيهاً فى الساعة، شاملة السائق والضرائب وتالف الزراعة، لتتحمل الشركة المنفذة تالف الزراعة لو نفذت العملية بمعداتها ولا تتحمل تالف الزراعة في حال استئجارها لحفارات المشروع، وهو ما يعد نموذجاً صارخاً للفساد، على حد وصف التقرير.
وكشف التقرير أيضا عدداً من الأخطاء الفنية القاتلة في عقدى منطقتى الحمامي وبسنتواي ، وبيانها كالتالي: استخدام محابس حديـد لضخ مياه، وهو خطأ كارثي، حيث إن المحــابس ستصدأ وتتلف ، تنفيذ مواسير U.P.V.C. في التربة (طين) دون طبقة حماية من الرمل تمنع عدوانية التربة حول المواسير من إتلاف المواسير وتآكلها، كما أن تلك الطبقة تسمح بحركة المواسير حتى لا تنكسر عند مرور أي أحمال فوقها (جرارات ومعدات الزراعة) ، معدل التنفيذ المطلوب للمواسير في اليوم هو 1800 متر طولي، وهو معدل تخيلي تماماً، فضلاً عند وجود شرط في العقد يلزم المقاول بإنهاء الأعمال على المسقى خلال أسبوع، وهو مستحيل عملياً، لتنوع الأعمال من تركيب مواسير بلاستيك ومحابس عليها وصب خرسانات، بالإضافة لفك طلمبات وتكسير خرسانة قواعد الطلمبات، ثم إعادة صب قواعد جديدة وتركيب قواعد طلمبات وتوصيلات كهربائية ولوحات كهرباء، وتركيب الطلمبات والمواتير، وكذا المحابس وتشغيل وتجربة الخطوط وإصلاح ما يظهر من عيوب.
وأكد التقرير أن الأخطاء التعاقدية والفنية واضحة وتحتاج إلى العرض على مكتب من الخبراء وكلية الهندسة للفصل في قانونية العقود، وصلاحيتها من الناحية الفنية والمواصفات المتبعة، ومدى التزامها بالقوانين المصرية، مثل القانون 89 لسنة 1998، لافتا إلى أن المشروع يشوبه الكثير من إهدار المال العام وتحميل موازنة الدولة أعباءً يمكن تلافيها.
وفى سياق متصل كشف مصدر مسئول في وزارة الزراعة عن اجتماع سري، ضم وزيرة التعاون الدولي والري والزراعة والقائمين علي تطوير الري في وزارة الري والقائم على مشروع الري الحقلي الدكتور سمير أبو سليمان، تم خلاله مناقشة تقدم المشروع وسلبياته.
وحاولت الوزيرة أثناء الاجتماع، دراسة تحويل القرض لوزارة الري لتنفيذه، إلا أن وزير الري رفض رفضاً باتاً، مؤكداً أن وزارة الزراعة طرحت عقوداً مخالفة للمواصفات وغير قابلة للتنفيذ كمعدلات وأسندتها لشركات، ولا يجوز سحب تلك العقود تجنباً للقضايا التي سترفعها الشركات التي تمت الترسية عليها، وسيبقى الوضع معلقاً، حيث إن هناك 8 عقود في كفر الشيخ قيمة كل منها 85 مليون جنيه، تواجه العديد من عقبات التنفيذ ولم يتم تنفيذها، إضافة لتقاعس شركة سان مارينو ، التي تنفذ عقدين في محافظة البحيرة إجمالي قيمتها 170 مليون جنيه، عن الحضور لتنفيذ العقد، مما يعني 850 مليون جنيه معطلة وغير قابلة للتنفيذ حالياً، وهو ما دفع الوزيرة لطلب برنامج زمني لتنفيذ المشروع من القائم عليه، تنتهى فى شهر يونيو المقبل، على أن تتم مراجعة تقدمه بعد شهر من تاريخ الاجتماع تمهيداً لتغيير سياسة تنفيذ المشروع.
وأكد المصدر أن وزارة التعاون الدولي، بالاتحاد مع وزارتي الري والزراعة، عدلت شروط القروض التي تم منحهـا لوزارة الزراعــة لتكون تحت الإشراف الكامل لوزارة الــري، وإحالة العقود التي تم طرحها بوزارة الزراعة لهيئة الرقابة الإدارية لتشكيل لجنة من وزارة الري وكلية الهندسة لفحص العقود فنياً وزمنياً ومالياً لبيان صحتها ومدى إمكانية تنفيذها من عدمه، وتعديل العقود بواسطة وزارة الري حال وجود أخطاء جسيمة بها، مع إشراف وزارة الري على تنفيذ العقود وتحرير المستخلصات الشهرية، ومنع وزارة الزراعة من تنفيذ أي نشاط يتعلق بعملية الري في مصر لعدم تخصص الوزارة وعدم وجود مؤهلين فنياً للقيام بهذا العمل وتقييمه، بالإضافة إلى استغلال الجهاز الحكومي وأفراده الذين تم تدريبهم لسنوات على هذا العمل بدلاً من إشراف مكاتب استشارية على العمل وضياع تكلفة إشرافها من ميزانية القرض.
35 مليون دولار لتطوير 55 ألف فدان
وأوضح المصدر أن مشروعات تطوير الري تتم بتمويل من أربع منظمات دولية مانحة، تتمثل في منظمة الإيفاد OFIDO بقرض قيمته (36) مليون دولار، بالإضافه إلى (10) ملايين دولار من الصندوق الاجتماعي للتنمية لإقراضها لصغار المزارعين لتنفيذ أنشطة تنموية، فضلا عن منحة مليون دولار، ويتم تنفيذ المشروع في محافظات أسيوط، سوهاج، والمنيا لتنفيذ أعمال تطوير الري بالترع والمساقي والمراوي، بالإضافة إلى المشروع الممول من صندوق الأوبك للتنمية الدولية بقرض قيمته 35 مليون دولار لتطوير الري الحقلي على مساحة 55 ألف فدان في محافظات كفر الشيخ والبحيرة والشرقية والدقهلية، بنظام المشاركة وبدعم من وزارة الزراعة لصغار المقاولين بعد تأهيلهم، بالإضافة إلى تمويل قدره 10 ملايين دولار من بنك التنمية الأفريقى.