سكرتير البابا فرنسيس يطالب بعدم التحدث في اتفاقية المعمودية.. و"هاشتاج" يطالب بأصل الوثيقة
الخميس 04/مايو/2017 - 10:14 م
مونيكا فوزى
طباعة
أكثر من ألف وخمسمائة عام من الصراعات والقطيعة انتهت يوم الجمعة الماضية، عندما قام البابا تواضروس والبابا فرنسيس بتوقيع اتفاقًا تاريخيًا يقضي بتوحيد المعمودية بين الكنيستين، وعليه فمن أراد تغيير ملته من كنيسة إلى أخرى لن يكون محتاج لإعادة التعميد مرة أخرى، منهيا بذلك إنشقاقًا لاهوتيًا بين الكاثوليك والأرثوذكس دام 16 قرنًا، الأمر الذي قوبل بمشاعر مختلطة بين المسيحيين في شتى بقاع العالم.
الاتفاق بين البابا تواضروس والبابا فرنسيس على عدم إعادة المعمودية لمن تعمد بإحدى الكنيستين ويريد الانضمام لأخرى، لاقى معارضة شديدة على الشبكات الاجتماعية من أتباع الكنيسة القبطية، وبعض الذين هاجموا الاتفاق ذكروا البابا شنودة الثالث باعتباره "حامي إيمان الكنيسة الأرثوذكسية".
وجاء ذلك بسبب أن الاتفاق الموقع في أحد بنوده أنه "يمثّل البيان المشترك الذي تم توقيعه يوم 10 مايو 1973، حجر الزاوية لمسيرتنا المسكونيّة"، وقد شكّل نقطة الانطلاق لإنشاء لجنة الحوار اللاهوتي بين كنيستينا، التي أعطت العديد من النتائج المثمرة وفتحت الطريق أمام حوار أوسع بين الكنيسة الكاثوليكيّة وكل أسرة الكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة
الهجوم الشديد على البابا تواضروس جعل صفحة "سكرتارية المجمع المقدس" للكنيسة القبطية الأرثوذكسية على "فيسبوك"، تصدر بيانًا توضيحيًا قبل 24 ساعة من زيارة البابا فرنسيس، حول النص المزمع التوقيع عليه.
وذكرت عبارة "نسعى جاهدين بضمير صالح نحو عدم إعادة سر المعمودية الممارس في كنيستينا للشخص الذي يريد الانضمام للكنيسة الأخرى حسب تعاليم الكتاب المقدس وإيمان المجامع المسكونية الثلاثة في نيقية والقسطنطينية"، لكن هذا الكلام لاقى تعليقات هجومية من قبل أتباع الكنيسة القبطية.
وكانت بداية الأزمة تزامنًا مع زيارة بابا الفاتيكان للقاهرة فقال استاذ اللاهوت الدفاعي مينا أسعد على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عبر تدوينات متكررة، تؤكد مخالفة إقرار عدم إعادة المعمودية لـ "الإيمان الأرثوذكسي"، على حد قوله.
أسعد الذي يرى أن الخلاف بين الكنيستين ليس في أسلوب طقس التعميد، أوضح أن المعمودية تأتي بعد إقرار الإيمان، ودشن أستاذ اللاهوت الدفاعي هاشتاج على موقع التواصل الاجتماعي –فيس بوك تحت عنوان (#نريد_أصل_الوثيقة)، الأمر الذى جعل أسقف مغاغة والعدوة ورئيس رابطة خريجى الكلية الإكليركية الأنبا اغاثون قام بإعداد بحث بعنوان معموديات قانونية وصحيحةومعموديات غيرقانونية وباطلة عقب توقيع بيان مشترك بين الكنيسة الإرثوذكسية والكاثوليكية حول المعمودية،وذلك بعد الزيارة بيومين
وقال إن المعموديات القانونية والصحيحة التي تجرى في الكنائس المتمسكة بالإيمان للكنيسة الجامعة، ولم تنشق عليها عام 451 ميلاديا أو بعد ذلك، ومثال عليها كنائس العائلة الأرثوذكسية الشرقية القبطية الارثوذكسية والسريانية والأرمينية وبهذه الكنائس المعمودية واحدة ولا تعاد.
وأضاف أن المعموديات غير القانونية والباطلة التي تمت في كنائس منها الكاثوليكية وبقية الكنائس الغربية المنشقة عن الإيمان بالكنيسة الجامعة، حسب قوله.
ومن ناحية أخرى، قام موقع إذاعة الفاتيكان الناطق بالعربية، بنشر نص الاتفاق الموقع بين فرنسيس وتواضروس، ولم يذكر العبارة السابقة المنشورة في صفحة المجمع المقدس للكنيسة القبطية، بل ذكر نص الاتفاق الموقع “فإننا نعلن، وبشكل متبادل، بأننا قررنا عدم إعادة سر المعمودية الذي تمَّ منحه في كلٍّ من كنيستينا لأي شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى”، أي أن الأمر أصبح قرارًا بالفعل.
ولكن رغم كل الهجوم الشديد على البيان المشترك بين الكنيستين، إلا أن الاتفاق الموقع بين الكنيستين لاقى بعض ردود الفعل الإيجابية على الشبكات الاجتماعية.
كما رحبت "نيفين وهبة" - 30 سنة على صفحتها الشخصية بموقع "فيس بوك" بالوثيقة، واعتبرتها خطوة جديدة للوحدة بين الكنيستين.
ومن ناحية أخرى، نقل البابا فرنسيس في أولى عظاته عقب مغادرته القاهرة بعد زيارة استغرقت يومين، تفاصيل زيارته، معرجًا خلال لقاء محتشدين في ساحة القديس بطرس على زيارته لـ"تواضروس الثاني" بعبارة مختصرة جاءت على النحو الآتي: "تمكّنا بنعمة الله من أن نعطي علامة قويّة للشركة مع أخي العزيز البابا تواضرس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذكس، إذ جددنا الالتزام من خلال توقيع إعلان مشترك، لنسير معًا ونسعى كي لا نعيد منح سرّ المعموديّة الممنوح في الكنيستين".
وصباح أمس الأربعاء نشرت الصفحة الرسمية لزيارة بابا الفاتيكان لمصر على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بيانًا مقتضبًا (حذفته فيما بعد عظة البابا فرنسيس أمس)، يطالب الكاثوليك بعدم التعليق على قضية المعمودية.
وقال البيان الصادر عن سكرتير بابا الفاتيكان-الأب يؤانس لحظي-إن الكنيسةالكاثوليكية مطالبة بالصلاة من أجل البابا فرنسيس، والبابا تواضروس الثاني، وجميع الأشخاص الذي عملوا جاهدين بصمت من أجل وحدة الكنيسة. وأضاف: "أطلب من الجميع بمحبة ترك هذا الأمر للزمن، والصلاة فقط وبإلحاح من أجل وحدة الكنيسة، حتى يؤمن العالم."
ولكن متى بدأ الانشقاق بين الكنيستين:
ففى عام 451م اجتمع رجال الدين المسيحي في مؤتمر عام سمي باسم مجمع خلقيدونية، نسبة إلى المدينة التي استضافته، قبل أن يعقد ذلك المجمع (المؤتمر) كانت المسيحية طائفة واحدة، لكن خلافا لاهوتيا (عقائديا) دب بسبب هذا المجمع، ففي حين رأت كنيسة روما أن الابن منبثق من الآب والروح القدس، تمسكت الكنيسة الشرقية بأن الابن منبثق من الآب فقط، وعليه فمن نادي بالرأي الأول صاروا «كاثوليك»، (كلمة يونانية تعني عالمي)، ومن انضم للرأي الآخر سموا أرثوذكس (كلمة يونانية تعني الرأي الحق)، وكانت تلك بداية انقسام الكنيسة تلتها انقسامات أخرى في كلا الجانبين.
لكن هناك من يعزو أسباب الانشقاق لعوامل سياسية لا دينية، وفقا لتفسيرات أخرى فإن مجمع خلقيدونية والذي دعا إليه الإمبراطور "مركيان" كان الهدف الحقيقي منه هو بسط نفوذ كنيسة روما، واعتبار البابا بها هو الحبر الأعظم، وأن تكون باقي الكنائس تابعة له، وهو ما رفضته كنائس الشرق فانشقت.
وسواء كان الخلاف في أساسه لاهوتيا (دينيا) أو سياسيا تمت تغطيته بغطاء الديني فالنتيجة واحدة، الكنيسة انقسمت وأصبح لدينا كاثوليك وأرثوذكس، وتناصبا العداء وجرت بينهما دماء وصراعات لا مجال لسردها الآن.
وظلت العلاقات متوترة بين الكنيستين حتى عام 1962، حين طالب البابا يوحنا الثالث بعقد مجمع (مؤتمر) كاثوليكي كبير في الفاتيكان دعا إليه أساقفة الكاثوليك في العالم أجمع، وسمي هذا المؤتمر باسم المجمع الفاتيكاني الثاني كان الهدف من هذا المجمع هو إزالة تجاعيد الشيخوخة من وجه الكنيسة، على حد تعبير البابا
وحتى ندرك أهمية تلك الخطوة، فإن «التعميد» هو صك دخولك للمسيحية، والبعض يعتبره الطقس الأهم من بين 7 طقوس للدين المسيحي والتي تسمى "أسرار الكنيسة السبعة"وهم ( التعميد- زيت الميرون- الزواج- الاعتراف- التناول- مسحة المرضى- الكهنوت).
وتتم معمودية الأطفال أو الكبار اقتداء بمعمودية المسيح فى نهر الأردن، إلا أن معمودية الكنيسة الأرثوذكسية تختلف عن الكاثوليكية، ففى الكنيسة الأرثوذكسية يغطس الآباء الكهنة فى كل كنيسة الأطفال، بشكل كامل، 3 مرات، داخل إناء ممتلئ بالماء، مرددين "الأب والابن والروح القدس"، ثم تتلى الصلوات، أما الكنيسة الكاثوليكية فتكتفى بسكب الماء على الرأس، ثم تتلى الصلوات.