حالة من الغضب تنتاب سكان منطقة الحيتية بالعجوزة نظرا للإهمال المتعمد من قبل كافة الأجهزة في تقديم الحد الأدنى من الخدمات في الأمن والصحة والنظافة، مؤكدين أنهم رفضوا أن يطلق على منطقتهم بالمنطقة العشوائية ورضوا بأن يطلق عليها منطقة شعبية في محاولات سابقة للحول دون انتزاع أراضيهم من قبل الدولة بحجج واهية لإرضاء نجل الرئيس المخلوع مبارك قبل ذلك والأجهزة الحالية التي تحاول أن تأخذ أراضينا واستبدالها بأخري في المناطق النائية وأطراف القاهرة البعيدة، مؤكدين أن تلك المحاولات حدثت بالفعل في نظام مبارك حينما تم عمل مخطط لإزالة منطقة الحيتية بأكملها بأسلوب الإحلال بالتعاون مع جمعية المستقبل التي كان يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع حسنى مبارك، مؤكدين أن الأمر لن يتكرر مثل ما حدث في بعض المناطق بالعاصمة وان ذلك علي دمائهم، مطالبين بمعاملتهم بأدمية وتقديم الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية.

نبذة عن الحيتية

الحيتية منطقة عشوائية بين المهندسين والعجوزة مساحتها صغيرة لكنها ذات كثافة سكانية مرتفعة جدا ومحاطة بأربع شوارع رئيسية وهي شارع الجامع والفلوجة وداير الناحية وعبده مراد ويوجد بالمنطقة 4 حارات رئيسية وهي ثابت ومندور وصالح وإبراهيم عمر.

طلاب الجامعة عمال تراحيل

مع دخول مدخل الحيتية ستجد عمال التراحيل يجلسون فى مكان مخصص لهم ينتظرون مقاول الأنفار يختار بعضهم فى مقاولة قد تكون مدتها ساعات قليلة وقد تمتد لأيام، وأحياناً ينتظرون لأيام دون أن يأتي مقاول واحد لهم.
وعمال التراحيل ليسوا كما يتخيل البعض أميون جاؤا من أقصى الصعيد ليعملوا بالقاهرة ولكن الواقع يؤكد أنه لا يوجد أمى واحد بينهم بل هم حاصلين على مؤهلات عليا ومتوسطة وجميعهم جاؤا من محافظات الجنوب فاصطدموا بالحقيقة المؤلمة وهي أن سكان القاهرة يعانوا من البطالة مثلهم.
ومن بين عمال التراحيل ذوى المؤهلات العليا الذين التقينا بهم محمد محمد على من محافظة المنيا وحاصل على ليسانس شريعة وقانون جامعة الأزهر دفعة 2000، فشل في الحصول على وظيفة مناسبة لشهادته فى محافظته أو فى محافظة القاهرة فعمل فى البداية كعامل تراحيل ثم أصبح بائع مانجو وكذلك الحال مع صديقه فهمى أحمد عبد الله، 27 عام، من محافظة سوهاج وحاصل على ليسانس شريعة وقانون جامعة الأزهر دفعة 2008 الذى أصبح مثله بائع مانجو في النهاية.
أما محمد دياب، 35 عام، من محافظة بنى سويف وحاصل على بكالوريوس تجارة 2005 وقد بدء رحلته كعامل تراحيل منذ أن كان طالب فى المرحلة الثانوية وسافر الى ليبيا بعد تخرجه مباشرة وفقد كل رأسماله أثناء الثورة هناك وعاد ليبدأ من جديد كعامل تراحيل فى القاهرة من منطقة الحيتية.

بيوت أيله للسقوط

صباح يوسف، مالكة أحد المنازل، رفضت تماماً أن يقول أحد على الحيتية منطقة عشوائية بل هى منطقة شعبية لأن بها جميع المرافق من مياه شرب وصرف صحي وكهرباء حتى لو كانت ضعيفة ومقطوعة لساعات يومياً !!
الحاج أسامة، موظف على المعاش، أكد لنا أنه لن نجد من يقر بأن الحيتية منطقة عشوائية رغم أن كل طوبة تدل على أنها من العصر الحجرى لكن ملاك البيوت والمستأجرين أيضاً يخشون من الاعتراف بأنها منطقة عشوائية خوفاً من استيلاء الدولة عليها بحجة تطويرها فيتم طردهم أو أخذهم وحدات سكنية بديلة فى منطقة نائية وتطالبهم الدولة بدفع مقدم تعاقد يبدأ من 3000 جنيه فى حين أنهم لا يملكون قوت يومهم.
محمد أبو العلا، موظف على المعاش، كان يعمل بالبلدية وخرج على المعاش منذ 6 سنوات ويعيش فى منطقة الحيتية بداية من عام 1945 حتى الآن فى حجرة صغيرة بالإيجار هو وأسرته المكونة من 7 أفراد وأكد لنا أن منطقة الحيتية كان من المقرر ازالتها بأكملها قبل ثورة 25 يناير ارضاء لنجل الرئيس المخلوع جمال مبارك الذي قرر إستيلاء جمعية المستقبل التى يرأسها عليها بحجة تطويرها كمنطقة عشوائية وطرد السكان منها.
وأكد: إطلاق لقب عشوائية على الحيتية يشعرهم بالتهديد والخوف وإذا سعى أحد للاقتراب منها وهدمها فى المستقبل ستكون هناك ثورة دموية من أهالى الحيتية حتى لو قررت الحكومة تعويضهم عنها.
حمزة محمود، عامل، أشار للبيوت الآيلة للسقوط والمائلة وليس بها تخطيط عمرانى فجميعها متلاصقة ببعضها والحارات يصل عرضها أحياناً لمتر والاسقف مسنودة بعمدان خشب أو ماسورة مياه حتى لا تقع فوق السكان لذلك لا يدخلونها إلا للنوم وتناول الطعام فقط.
وهناك بيوت كثيرة هدمت لأنها شكلت خطورة داهمة على السكان ووعدتهم الحكومة بأخذ وحدات سكنية بديلة لكنهم لم يحصلوا عليها حتى الآن بسبب الإجراءات الروتينية العقيمة التى فرضتها عليهم مثل أن يهدم البيت للأرض أولاً ويكون مع المؤجر 10 ورقات رسمية على الأقل تثبت أنه كان يسكن هذا البيت قبل اخلاؤه، بالإضافة قرار الإخلاء وقرار الهدم وغير ذلك من أوراق يصعب توفيرها.
لذلك نجد مثل هؤلاء لا يجدوا أمامهم سوى الحصول على حجرة صغيرة ايجار جديد فى نفس المنطقة لأن سعرها مناسب لهم فيبدأ من 100 جنيه وأقصى ايجار جديد 200 جنيه.

أزمة القمامة

سلوى عفيفى، ربة منزل، ترى أن شوارع الحيتية بعد الثورة وحتى الآن تحولت لمقالب قمامة فى ظل الإهمال من قبل المسؤولين.
مؤكدة: أن ذلك الإهمال دفع جميع المصريين ثمنه مرتين، المرة الأولى حينما أجبرتهم الحكومة على دفع مبالغ مالية لشركات النظافة عن جمع القمامة من منازلهم فى فاتورة الكهرباء والمرة الثانية عندما رفض عمال النظافة جمعها وحتى يتخلصوا من رائحتها الكريهة جمعها السكان وحملوها على أعناقهم وحرقوها ليتخلصوا منها.
وتمنت سلوى أن يتم تنفيذ برنامج الرئيس الخاص بحل أزمة القمامة نهائيا.

شبح البطالة

أم صابر، أرملة وأم لأربعة شباب تخرجوا من الجامعة ولم يجدوا فرصة عمل واحدة ومصدر دخلهم الوحيد معاش زوجها 400 جنيه وقالت بأسى:
لقد تعبنا وحرمنا أنفسنا حتى يحصل أبنائنا على مؤهلات جامعية وتخيلنا أن مهمتنا قد انتهت لحظة تخرجهم وسيقومون بتعويضنا عن تضحيتنا لكن واقعنا الأليم حرمنا من هذا الحلم ونحن نرى أبنائنا قد أصبحوا شيوخ وفقدوا كل أمل لهم فى الحياة فهم مجبرون على البطالة الجماعية ولن يتزوجوا مطلقاً فمن يرضى ان يزوج ابنته من شاب عاطل.
وأضافت: نحن لا نريد تطوير بل نريد ايجاد فرص عمل لأولادنا لأن نسبة 99% من الشباب هنا بلا عمل وهم مثل غيرهم يحلمون بالزواج ويصل عمرهم للثلاثينات والأربعينات دون أن يجدوا وظيفة محترمة تناسب مؤهاتهم وبالتالى يصعب عليهم تأسيس عش الزوجية.
وتابعت: يكون أمامهم طريقين أم أن ينحرفوا ويبيعوا مخدرات أو يصبحوا بلطجية مرتزقة وهو الطريق الأسهل وربحه سريع لكن نهايته السجن أو الموت، أما الطريق الثاني فهو غير أدمى لكنهم مجبرين عليه وهو أن يتناسوا كافة أحلامهم ويرضوا بالأمر الواقع ويكونوا عاطلين ويجلسوا على المقاهى مثل أقرانهم.

الشهيد مصطفى

سناء محمد، ربة منزل، تعيش هى وأسرتها وحماتها فى أرض ملك الأوقاف فحولتها لحجرات صغيرة تعيش فيها حوالي 7 أسر تحدثت عن أحداث الثورة وكيف جمعهم الشهيد مصطفى الصاوى وعلمهم كيف يكونوا اللجان الشعبية ليحموا الحيتية ولم يتجرأ البلطجية على دخول أرضهم بعد أن تصدى لهم الرجال والنساء والأطفال.
وطالبت سناء الرئيس بضرورة منع خروج أي اسرة فقيرة من ارض وان كانت ملك الدولة لان مصر وارضها ملك شعبها مؤكدة: اروح اسكن في بلد تانية يعني؟