وقال إن هذا المشهد الفوضوي يراه يوميا صباحًا ومساءا، وبعد أن علم بأنني أقوم بتغطية صحفية عن عشوائية مواقف السيارات، وقام باصطحابني بضعة أمتار قليلة حتى وصلنا إلى موقف سيارات تنقل الركاب من مدينة طوخ إلى قرية تسمى كفر منصور، لأجد هناك مشهدًا مفزعًا، حيث وجدت سيارات أشبه بـ "بوكس الشرطة" تنقل ما يقرب من 20 مواطنًا في مساحة لا تكفي سوى 10 أفراد فقط، ناهيك عن المواطنين الذين يتسلقون السيارة من الخارج حتى يعودوا إلى منازلهم.

وعلى الفور، أوقفت إحدى السيارات لإستقلها ففوجئت بخناقة كبيرة بين أحد الركاب وسائق السيارة على تعريفة الركوب، حيث أن السائق مصمم أن يأخذ الأجرة كاملة وهي 150 قرش، والراكب يقول له انا هنزل في نصف الطريق فكيف أدفع الأجرة كاملة ؟، إلا أن السائق قام بسب الدين وبعض الشتائم القبيحة ونظر إلى ركاب السيارة بنظرة إجرامية وشرسة أجبرت كل الركاب على دفع الأجرة كاملة دون مناقشة السائق حتى لا يتعرضون إلى السب والقذف بأبشع الألفاظ، والأمر المخزي والمحزن أن هؤلاء السائقين البلطجية يستغلون عدم تواجد الشرطة بأماكن كثيرة في المدينة ويجبرون الركاب على دفع الأجرة مرتين، حيث أصبح هؤلاء السائقين متأكدين انه لن يظهر لهم مسئول يردعهم عن أفعالهم.

"عربات الكبدة وغرز الشاي وفتارين السندوتشات تزاحم الركاب"

وفي موقف كلية الزراعة بمدينة شبرا الخيمة، والتي تبعد عن مدينة بنها عاصمة القليوبية 40 كيلو متر، لم أجد أيضًا هناك ما يسر القلب، حيث لا وجود للسيارات داخل الموقف، مما دفعني لسؤال أحد المواطنين ويدعى "إسلام الشرقاوي" صيدلي، "هي فين السيارات اللي في الموقف"، فأجاب قائلًا: "أغلب السيارات بتخرج تحمل من على الدائري بدون تصريح وسايبنا هنا في الموقف نخبط دماغنا في الحيط وممكن نقف بالساعة والاتنين علشان نعرف نركب لدرجة أن الواحد كره المواصلات اللي في الدنيا كلها من اللي بنشوفه كل يوم في المواقف".

وأضاف: "لما بتيجي عربية كل فترة الركاب بيتخانقوا على ركوبها ناهيك عن الزحمة الشديدة واستغلال السائقين في رفع أجرة الركوب".

وتركت هذا المواطن لأتجول داخل الموقف، حيث وجدت كمية كبيرة من أكشاك البقالة وعربات الكبده والبسبوسة وعدد من الباعة الجائلين الذين يفترشون الأرض لبيع بضائعهم، والغريب في الأمر أن تلك الاكشاك وعربات الكبدة وغرز الشاي احتلت مساحة كبيرة من الموقف ومنتشرين أكثر من سيارات الأجرة نفسها.

واللافت للذكر أن موقف سيارات كلية الزراعة يعد من المواقف الرئيسية بالقليوبية، ويعتمد عليه المواطنين يوميا في تنقلاتهم حيث يحمل هذا الموقف على عاتقه نقل الركاب إلى مدن "بنها، وطوخ، وكفر شكر، وقليوب، وقها، وشبين القناطر، والبلاد والقرى التابعة لهذه المراكز"، الأمر الذي يؤدي إلى تكدس وإزدحام يومي لهؤلاء البشر دون أن يتحرك ساكنا لأي من المسئولين في هذه المحافظة من أجل إيجاد حلول لتلك المهازل والمآسي والمعاناة التي يتعرض لها المواطنين يوميا والتي لا تليق بأدميتهم، ولكن في مواقف سيارات محافظة القليوبية أصبح مباح كل شئ.

"سيارات متهالكة وغير أدمية لنقل الركاب"

أما في موقف سيارات مسطرد والتي تنقل المواطنين إلى منطقة أبو زعبل، فحدث ولا حرج عن كم الإهمال والبلطجة وانتهاك حرمة المواطنين الذي يشهدها هذا الموقف، حيث وجدت هناك قمة الإستخفاف بأرواح المواطنين، حيث وجدت هناك عدد كبير من السيارات منتهية الصلاحية والمتهالكة والتي تنقل أهالي أبو زعبل والقرى المجاورة لها إلى مسطرد، حيث أن موديلات هذه السيارات تعود إلى الستينات والسبعينات من القرن الماضي، فنظرت إلى إحدى هذه السيارات وسألت أحد الأشخاص الذي كان يتأهب لركوب تلك السيارة "هي دي عربيات تنفع تنقل ركاب أساسا"، فرد عليا هذا الرجل وهو متعصب قائلًا: "يا راجل احمد ربنا أنت هتفتري وتتبتر على النعمة".

وإلى هنا أنهيت جولتي بعدد من مواقف السيارات العشوائية والغير أدمية بمحافظة القليوبية، عائدًا إلى بلدتي، متسائلًا إلى متى سيظل المسئولين بتلك المحافظة قابعين في مكاتبهم الفخمة والمكيفة، ويخرجون علينا كل يوم بعدد من التصريحات الوهمية، وتاركين المواطنين تنتهك آدميتهم وإنسانيتهم في مواقف السيارات كل يوم.