"عيدًا للوفاء".. هكذا حول عبد الفتاح السيسي يوم الاحتفال بعيد الشرطة، بلمسة بسيطة كعادته، حين احتضن - باسم مصر - فلذات أكباد شهداء الوطن، فكان التكريم أبلغ والوفاء أوقع، ربما لم يكن ما فعله مرتبًا أو مخططًا له، لكن أخرج لوحة فنية بديعة رسمتها يد رجل يعرف شرف العسكرية، وكرامة الزي العسكري، فنظر لهؤلاء الأطفال ليس كرئيس جمهورية لكن كأبناء زملاءه وشركاء وطنه، فوقف السيسي يكرم أبناء شهداء مصر.

لم يكونوا قط شهداء مؤسسة أو وزارة أو هيئة، إنما كانوا شهداء الوطن ولذا كرمهم بوسامه وحفاوة رئيسه، ذلك الرئيس الذي لمسوه اليوم أبًا لمن فقد الأب، وأخًا وصديقًا وسندًا لمن فقد سنده، ليقول للجميع مصر لا تنسى، أو كما اعتاد أن يردد هو "مصر لا تنسى أبناءها".

رسالة بلا كلمات.. وجهها السيسي اليوم ليس لأبناء الشهداء فقط، ولا لأسرهم لكنه وجهها للجميع داخل مصر وخارجها، وجهها لمصر أولًا مؤكدًا وقوفه على العهد والوعد، وللشهداء قائلًا لهم، لم تذهب تضحياتكم سدى، فلا نزال على ما تركتمونا عليه "يد تبني ويد تحمل السلاح"، ولم تقف رسالة الرئيس عند هؤلاء فهم يعلمون ويوقنون، لكن رسالته تخطت حدود الداخل ليعلم العالم كله أن مصر بمؤسساتها وعلى رأسهم الشرطة الوطنية والقوات المسلحة لن يعودوا إلى الوراء ويتركوا هذا البلد فريسة للإرهاب الأسود.

وأخيرًا.. لم ينتظر السيسي كثيرًا ليحصل على جواب رسالته، فأتاه الرد أسرع من البرق على لسان أحد أبناء الشهداء، والذي بعث هو الآخر برسائله - مع قرنائه - إلى العالم حين وقف شبلًا يؤدي تحيته العسكرية، يزأر بصوت ورثه عن والده، مؤكدًا على ثباته ورسوخه، لا يكسره فقدان أب عزيز، يرى ثأره بين يدي رفاق والده، فحياهم في ملحمة لا تزال مستمرة.