"كوبرنيكوس".. تحدى أساتذته وأثبت حقيقة الكون
الثلاثاء 20/فبراير/2018 - 09:48 ص
لمياء يسري.
طباعة
اليوم تمر علينا ذكرى ميلاد العالم الفلكي والرياضي نيكولاس كوبرنيكوس، وهو الذي أحدث ثورة في علم الفلك، عندما عارض نظرية أرسطو حول مركزية الأرض.
وتقدم "بوابة المواطن" تقرير عن أهم مراحل حياة "نيكولاس كوبرنيكوس" كما يلي:
تفسير العالم:
كانت بلاد اليونان منذ ظهور الفلاسفة الطبيعيين الأوائل، قد بدأت تعيد النظر إلى العالم، فحاولوا تفسير بداية الكون ونشأة الإنسان على الأرض تفسير عقلاني خارج دائرة الأساطير، فمثلا قال "طاليس": أن الماء هو أصل كل الأشياء.
وقال أنكسماندر، أن المادة الأولى لكل شيء هو شيء غير محدد ( لا نهائي) ويمكن أن يتحول إلى أي شيء آخر، أما عن الإنسان فكانت نظريته أشبه بنظرية التطور الحالية لدارون، ثم جاء "أناكسيمنيس" ليقوم بإثبات "أن الهواء هو أصل كل شيء".
ثم فيما بعد، "هيراقليطيس" الذي قال أن النار هي أصل الوجود، لتكتمل آخر حلقات سلسلة الفلاسفة الطبيعيين الأوائل وهو "ديموقريطيس" وقال: "أن الذرة ( الجزء الذي لا يتجزأ ) هو أصل العالم والوجود".
ويستمر الحال من بعد هؤلاء الفلاسفة الطبيعيين الأوائل على نفس المنوال، وهو محاولات عقلانية في تفسير العالم، وجاء المعلم الأول أرسطو، ووضع عدد من النظريات الخاصة في تفسير حركة الأجرام، وقال أن العالم السماوي مليء بالأثير، والأجرام تدور في حركة دائرية لأن الدائرة هي أكمل الأشكال، وفيما بعد طُور قول أرسطو العالم الفلكي "بطليموس"، حيث قال أن الأرض هي المركز التي يدور حولها كافة الكواكب، وهذا الرأي هو ما تبنته الكنيسة في العصور الوسطى ولم تسمح لأحد بمخالفته، وظلت هذه النظرية هي السائدة في العالم، حتى مجيء كوبرنيكوس والذي أعاد النظر فيها، بل خالفها بالفعل.
ولد "نيكولاس كوبرنيكوس" 1473م، وعُين كاهنًا مسيحيًا، وانتقل بعد فترة إلى جامعة بولونيا بإيطاليا لدراسة الفلك والرياضيات والفيزياء، وتعرف هناك على آراء عدد من العلماء الإغريق حول ثبات ومركزية الأرض، ولكن آرائهم توارت بعد ظهور العالم الإغريقي بطليموس والذي قال بمركزية الأرض ودورانها حول الشمس، وبعد دراسته الأولى درس الطب والقانون، ثم عاد إلى بلاده، واشتغل طبيب وسكرتير في أسقفية هايسبيرغ.
وتفرغ أثناء هذه الفترة لوضع نظريته حول مركزية الشمس، كما وضع كوبرنيكوس مخطوط بعنوان ( تعقيب موجز ) والذي شمل أراء حول أن الأرض ليس مركز الكون، بل هي مركز جاذبية لكوكب الأرض.
وقد لاقى "كوبرنيكوس" معارضة من قبل كهنة الكنيسة التي عرض عليهم مخطوط الكتاب قبل نشره، فقال الألماني "مارتن لوثر": "إن الناس يستمعون إلى منجم محدث حاول التدليل على أن الأرض تدور، لا السموات ولا القبة الزرقاء، ولا الشمس ولا القمر... فهذا الأحمق يريد أن يقلب نظام الفلك كله رأسًا على عقب، ولكن الكتاب المقدس ينبئنا بأن يشوع أمر الشمس لا الأرض أن تقف" كما رد الفرنسي "جان كالفن" بآية من الكتاب المقدس "أيضًا تثبتت المسكونة لا تتزعزع".. (1-93).
وانتهى كوبرنيكوس من كتابه عام 1530، ولم ينشره، وفي عام 1539 جاء شاب إلى كوبرنيكوس كان قد قرأ مخطوطة التعقيب الموجز، وأقتنع بأطروحاته، وطلب منه نشر الكتاب، وبعد عدة محاولات ورفض لملخص الكتاب الذي أصدره هذا الشاب، تمكنوا من نشر الكتاب في 1543م تحت عنوان لجزء الأول من كتاب نيكولاي كوبرنيكي عن الدورات.
لقد كانت نتائج حسابات كوبرنيكوس أقرب ما تكون إلى الصحة، حيث قدر أن كوكب زحل يتم دورته في 30 سنة بينما الرقم الحديث 26.24 سنة، وأن كوكب المشترى يتمها في 12 سنة، بينما الرقم الحديث 11.86 سنة، وكوكب المريخ في عامان، بينما الرقم الحديث 687 يوم، ثم الأرض كل سنة أي 365 أو 366 يوم، وكوكب الزهرة 9 شهور والرقم الحديث 225 يومًا، ثم عطارد في 80 يوم والرقم الحديث 84.02 يوم، مما يعني أن الفارق بسيط بين حساباته والحسابات الفلكية اليوم.
وفي عام 1616م حرمت "لجنة الفهرس" قراءة كتاب الدورات إلى أن يتم تصحيحه، وفي 1620م تم حذف تسع عبارات تمثل النظرية على أنها حقيقة، ثم اختفى الكتاب نهائيًا من فهرس المراجع، ولم ينته الحظر صراحة إلا في عام 1828م.
أما عن النشر الأول للكتاب في حياة كوبرنيكوس، فقد وصل إليه كوبرنيكوس وهو على فراش الموت، وكان عمره حينها 70 عام، وقرأ العنوان ثم ابتسم وفارق الحياة.