عسكري "الدرك".. وجوده أمان.. وسلاحه "صفارة وكلمة" في مواجهة المجرمين
الإثنين 05/مارس/2018 - 10:35 ص
صبري بهجت
طباعة
كانت الطرقات بلا مصابيح، الإضاءة ضعيفة، على الرغم من الظلام الخافت المخيف إلا أن وجوده كان يبعث الطمأنينة في قلوب المواطنين في الشارع ليلا ونهارًا، بردائه الأبيض أو الأسود، وحزامه الأسود الذي يزينها، وقبعته المصنوعة من الجوخ الأسود، وصفارته الحديدية المعلقة على صدره، متفحصًا بعينيه نوافذ العمارات وشبابيكها، والأقفال الضخمة على أبواب المحلات، كان يعرف جميع سكان الحي، ويعرفونه بالاسم، إنه "عسكري الدرك"، لذلك كانت الجريمة محدودة وقتها بسبب عبارة واحدة يطلقها: "ها مين هناك".
صفارة واحدة منه تفرق أي اعتداءات وتجعل كل من بها يهرب في شتى الاتجاهات، قبل أن يروه أو يلمحوه - مترجلًا أو فوق دراجته - في اتجاهه إليهم، كان وجوده يخيف ويربك الجميع - أغنياء وفقراء - لا يستطيع أي منهم أن "يبجح" فيه أو ينهره بسخافة وهو يقول: "إنت ماتعرفش أنا ابن مين" مثل ما يحدث الآن.
لم يطلق "الدرك" صافرته إلا لتنبيه الناس بوجود "حرامي" أو "قاتل" بالشارع، كي يجتمع الناس حوله ليمسكوا به، حيث كان لكل موقف عدد من التنبيهات التي يطلقها العسكري في صفارته، فتكون لغة يفهمها عسكري الدورية الذي كان مكلفًا بأن يتجول في الشوارع بالقرب من الشرطة حيث لكل موقف معين عدد من التنبيهات.
بداية "عسكري الدرك"
في القرن الـ19 الميلادي أنشأ العثمانيون "الدرك"، وجاء تلك اللقب بعدما كانوا يطلقونه على رجال الشرطة في هذا العصر، لحفظ الأمن في الشارع، وكانت كلمة "الدرك" تعني باستدراك الشئ أو ملاحقته، وهو ما ينطبق على رجل الشرطة الذي يطارد المجرم في عصر العثمانيون وجاء في القرن الـ19 الميلادي بعد إنشاءه على يدهم، لحفظ الأمن في الشارع وقتها.
ظل عسكرى الدرك متواجدًا في مصر لفترة طويلة جدًا منذ دخول الخلافة العثمانية، وحتى قيام ثورة يوليو 1952، إلى أن ألغى مجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر، وظيفة "عسكر الدرك" واستبدالها بأمناء الشرطة، والتي استمرت حتى الآن.