اليونانية سافو.. صاحبة أول مدرسة للشعر أم الشذوذ الجنسي؟!
السبت 10/مارس/2018 - 05:30 م
لمياء يسري
طباعة
قدمت بلاد اليونان، العديد من الشعراء والفلاسفة للعالم، فعرفنا على سبيل المثال هوميروس وهيسودوس وإيسوبوس، في الشعر، واكسينوفان وسقراط وأرسطو في الفلسفة.
وكانت أول شاعرة عرفها التاريخ أيضًا هى شاعرة يونانية، تدعى سافو، عاشت سافو تقريبًا في القرن السابع ق.م، وكانت تحظى بتقدير الكثيرون من رجال القانون والسياسة والفكر والثقافة، لما كان لها من موهبة شعرية متميزة مكنتها أن يكون لها وزن شعري محفوظ باسمها وهو الوزن السافوني، كما جعلت المشرع اليوناني صولون، حيث يقول عنها " أنني أريد أن أحفظ أشعار سافو، ثم أموت"، وكان سقراط يلقبها بالجميلة، أما عن أفلاطون فوصفها بقوله " يقولون إن ربات الشعر تسعى، ألا ما غبائهم، فليعلموا أن سافو ابنة مدينة لسبوس هى العاشرة".
كما أنها كانت تتمتع بصوت رائع، مكنها من غناء وتلحين أشعارها، وبالإضافة إلى موهبتها الشعرية، تتمتع بثقافة عالية، جعلت حكام مدينتها يخافون آرائها، ويخشون تأُثيرها على الرأي العام، فكانت تتمتع بجرأة واسعة في التصريح بآرائها السياسية، أو إظهار معارضتها لسياسات الدولة، مما تسب في نفيها خارج لسبوس مرتين، الأولى عندما كانت في سن التاسعة عشر من عمرها، والثانية وهى في سن الحادية والعشرين.
تزوجت سافو بعد عودتها من منفاها الثاني من تاجر يدعى أندروس، وأنجبت منه ابنتها الوحيدة كلايس، وبعد وفاة زوجها، ورثت ثروة ضخمة، وقامت ببناء مدرسة خاصة بها لتعليم الفتيات الشعر، وتعد هذه المدرسة هى أول مدرسة في التاريخ من نوعها، لتعليم الفتيات.
سافو مثلية جنسيًا أم مجرد شائعات
و لكن دارت حول هذه المدرسة شائعة كبيرة، ما تزال لصيقة بها ربما إلى الآن، وهى أن هذه المدرسة كان يمارس فيها الشذوذ، إلى جانب كتابة الشعر، حتى في اللغة الإنجليزية ما يزالون إلى اليوم يطلقون على البنات المثليات كلمة lesbian، نسبة إلى جزيرة ليسبوس التي كانت تنتمي إليها الشاعرة سافو، وربما السبب وراء هذه الاتهامات يكون طريقة تعبير سافو الشعرية عن حبها تجاه تلميذاتها في المدرسة، فكتبت ذات مرة عن تلميذاتها "إن الحب لهن يهز قلبي، كما تهز الريح القوية أشجار البلوط".
كما نقرأ في إحدى قصائدها التي بعد زواج تلميذاتها أبيس " إنه سعيد ذلك الرجل، الذي يجلس ويراك بعينيه أمامه، يجلس بالقرب منك معقود اللسان وأنت تتحدثين حديثك الفضي.... إنني إذا رأيتك لحظة قصيرة، خشع صوتي من فوري وانقعد لساني، وسرت في ضلوعي نار يحس بها كل من حولي، ولا تبصر عيناي منها شيئًا، وتطن في أذني أمواج من الصوت العالي، ويتصبب جسمي عرقًا فيجري أنهارًا، وترتجف جميع أعضائي، ويصبح لوني أكثر إصفرارًا، من لون العشب في الخريف، وتنتابني آلام الموت المترصد، فاضطرب وأضل في سكرات الحب".
أما عن رد تلميذتها أبيس، فكان " واحسرتاه ما أتعس حظنا، أقسم لك يا سافو أن فراقي إياك كان على الرغم مني".
يقول الكاتب الصحفي رجاء النقاش، في كتابه عباقرة ومجانين، هناك من الباحثين الذي رأوا أن سافو كانت صاحبة لغة شاعرية، صادقة وهذا هو السبب وراء الحميمية في هذه الأشعار، ويؤيد النقاش، أن هذا الرأي هو الأقرب للصواب، نظرًا لما كانت تتمتع به سافو من مكانة كبيرة في المجتمع أولًا وثانيًا أن هذه المدرسة كانت مشهورة في اليونان القديمة، وكان يذهب إليها الكثير من الفتيات فلو كان هناك شك من الأهالي حول هذه التهم، بالتأكيد كانوا سيمنعون بناتهن من الإلتحاق بهذه المدرسة درءا لهذه التهم.
من أشعار سافو
1
أبلغي كل إنسان
الآن، اليوم، بأني
في عذوبة سأغني
لمتعة من صادقتني
2
ولسوف نستمه معا بالغناء
مثل من تجد
بالخطايا، وربما في الحماقة
والحزن ما ينسيها
3
كانت واقفة بجوار سريري
بصندليها الذهبيين
والفجر في ذات
اللحظة أيقظتني