"الفتوة".. لقب تحول من الشهامة والجدعنة إلى السرقة والنهب
السبت 10/مارس/2018 - 08:46 م
أحمد حسن
طباعة
بعمته ونبوته.. جسده نجيب محفوظ في فيلمي "المطارد" و"التوت والنبوت"، قدمته السير الشعبية أحيانًا كنموذج للحاكم الذي يسعى لتطبيق قانون القوة والحق حسب معادلاته الخاصة، وبما يتوافق مع طبيعة أهل الحارة التي يحكمها، فهو حاكم شعبي سواء اختاره الناس أو فرض نفسه بالقوة على الناس.
ولكي يستمر في موقعه، عليه أن يضيف إلى قوته ما يجعل الناس تحبه كأن ينصر الفقراء ويقيم العدل ويلعب دور الحكيم ويرتب الحياة في الحارة التي يحكمها بحيث يظل الجميع قانعين به ومدينين لحمايته، فهو على سبيل المثال يأخذ الإتاوة- مبلغ من المال- من القادر ليعطي المحتاج إنه "الفتوة".
يقترن ظهور الفتوة بغياب السلطة المركزية المسؤولة عن ضبط المجتمع، فالناس تحاول أن تجد بديل أو قائد محلي من بينهم، وتتنازل له عن بعض الاستقلال في مقابل حمايتهم.
بدأ الفتوة في الظهور بحارات مصر القديمة مع تراخي الدولة العثمانية النصف الثاني من القرن الثامن عشر عندما بدأ المماليك يعاودون السيطرة على الأوضاع من جديد فسادت الفوضى، وكثر الهرج والمرج، وكان المماليك يكونون أحزابًا وشيعًا تتقاتل فيما بينها، فضلًا عن التعدي على الممتلكات والأحياء، وعدم وجود الأمن مع غياب القانون والردع.
من هنا بدأت طائفة الفتوات تبرز في المجتمع وتأخذ مكانتها وشرعيتها من الأهالي أنفسهم لحماية الأحياء من الاعتداءات الخارجية سواء من المماليك أو غيرهم من البلطجية و قطاع الطرق، لكونهم يتسمون بمكارم الأخلاق ونصرة الضعيف والمظلوم.
أطلق عليهم نابليون بونابرت لقب "الحشاشين أو البطالين" لدفاعهم عن طوائف الشعب المختلفة، وتصدرهم المشهد في ثورتي القاهرة الأولى والثانية.
لكن مع وقتنا هذا تحول اسم الفتوة من لقب يسعى الجميع إلى نيله بقوته وشهامته إلى "سُبه" على الجبين بعد أن ساء استخدامه وأصبح عنوانًا للبلطجة وفرض الإتاوات على البسطاء، وتخلى عن دوره الحقيقي الذي ظهر من أجله في العصور القديمة، ليأخذ شكلًا آخر أكثر انحرافًا يعتمد على السرقة ونهب الأموال من المواطنين والضعفاء بدون وجه حق.