وقالت له يومها
أنا أحبك يا عبد الجواد و سأمكث بجانبك أرعاك و أهتم بك .. اعتبرني خدامة تحت رجليك .. ثق أنني سأهون عليك كل الالامك.و معانتك في هذه الحياة .. هذه رسالتي انت رسالتي في الحياة .. حتما سأدخل الجنة اذا أخرجتك من حالتك و جعلتك تنفر من الأفكار الانتحاوية و تدرأ الحزن و تدفعه بعيدا بمنجنيق قوي كهذا الذي نراه في الأفلام .. أعشقك يا عبد الجواد و ثق أنني لن أتذمر أبدا و أضجر و أضيق بحالتك الصعبة لا بل ليست صعبة ولا عويصة كل انسان يتعرض الي منحنيات و صعود و نزول و شروق و افول و سماء ناصعة و أخري اعترتها السحب و الصواعق و العواصف .. اتمني لك دوام الخير .. آمين

و رفعت أيديها بخشوع ضارع للسماء لتردف : ربنا يجعلك حياتك كلها سعادة و فرح و قوة و صحة. يا عبد الجواد يا زوجي يا حبيبي.

تذكر عندما قدم لها ورقة الطلاق و أجهشت هي ببكاء حار طفولي ينضح منه جنون الحب و التشبث به حتي أخر نفس لها كما وعدته !

قال له بوضوح و إصرار أنه لن يستطيع أنه يكمل في علاقة.زوجية لأنه شخص فاشل بائس تعيس يكره المسؤليات و يهاب و يخاف من تلك الفكرة المريعة و هي أن يصبح أبا له أولاد و مسؤليات و مصاريف مالية ..

ويسأل نفسه ساخرا متهكما من تلك الفكرة السازجة العقيمة سيجئ أولاد بسببي إلي تلك الحياة ليتعذبون و يرزحون مرة أخري و يلقون نفس الشقاء و البؤس الذي لاقاه في حياته الحقيرة و الذل بسبب كسب الأموال ليعيش فقط ليأكل و يشرب لا لترفيه أو حياة آخري . أحس مرارا أنه مجرد حمار أو حيوان يعيش فقط حياة عبثية يأكل و يشرب فقط يتسكع في الشوارع و يهيم كالمجنون .. سأله الكثير من الأقارب و ما أسوء الأقارب فالأقارب أسوء ما في هذه الحياة و قد حاول عبد الجواد تحاشي جلساتهم و ألسنتهم الثرثارة و غطرستهم و غرورهم و حقدهم
قال له أحد أقربائه و هو ابن عمه : هل ستعيش حياتك. وحيدا ؟ .. ستموت وحيدا ؟! .. لا تريد ولد هادئ مطيع يعتني بك في أواخر أيامك .. من سيورث أموالك بعد مماتك و ترتاح و يطيب قلبك في القبر من أنه ورث أموالك التي أنفقت من أجلها عمرك و أجمل لحظات حياتك ! .. فكرة حمقاء أن تعيش عازبا و تموت عازبا بلا أولاد فلذات الأكباد .. راهب أنت يا عبد الجواد تتواري في صومعتك متزهدا عن الناس .. أم مجنون أنت لا أعرف لك شئ !

و رد عليه عبد الجواد يومها و قال : الوحدة قدر الإنسان منذ الأزل .. فالجسد سيسكن و يخلد في قبر رطب بمفرده إلي الأبد .. أليس ذلك وحدة و عزلة و انطواء و انذواء عن الناس ! .. غريب أمركم أيها البشر تعيشون علي الأكثر سبعون ثمانون عاما في هذه الحياة و تموتون الالاف السنين و لا توعظون أبدا و تركضوا وراء الكد و المشقة و التعاسة بأيديكم تتعسون أنفسكم بأنفسكم تقتلون بعضكم البعض تكرهون تقترفون الجرائم و الخطايا .. تعلمون جيدا و هذا أكثر ما يدهش .. أن الإنسان فاني زائل ولا قيمة له بعد الموت و كأنه ذرة رمل أو نفحة من القش ! تلتقطها الرياح أينما شاءت .. و تحفرون قبروكم بأيديكم و تصنعون النهايات بمهارة و حذق .. تحسبون أنكم مخضرمين و أنتم لا شئ و أبخس و أحقر شئ في الحياة يستطيع أن يقضي عليكم في أقل من ثانية .. ما أغباكم أيها البشر فما أنتم إلا مجموعة من الحمقي خدعتهم الحياة و انطلت ظروفها عليهم و رسنت طريقتكم و قانونكم الفاشل علي مر العصور تورثوه لأجيال لاحقة أكثر حمقا من السابقة .. الموت للجنس البشري حقا و المجد للحيونات و الطيور و الحشرات!