"أم الإسلامبولي وخنساء حرب العاشر من رمضان" الشهادة التي ضيعها "الإرهابيين"
السبت 26/مايو/2018 - 04:35 ص
وسيم عفيفي
طباعة
في العام 2011 م شهدت مصر تغيراً إعلامياً متطرفاً لا زال غير مفهومٍ إلى الآن، حيث جرى اهتمام كبير بتاريخ "الإرهابيين" الذين أذاقوا مصر الدمار بـ "الإرهاب" طوال 36 عاماً، فحدث تأبين للمشاركين في أحداث الفنية العسكرية التي راح ضحيتها 17 شهيداً من طلبة الكلية الحربية، بالإضافة إلى الاحتفاء بـ "عبود الزمر" ووالدة خالد الإسلامبولي.
وصلت المسألة في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى درجة المهزلة، حيث شارك في احتفالات مصر بنصر العاشر من رمضان، وفي نفس الوقت كان من ضمن الحاضرين أحد الذين شاركوا في قتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وفي مشهدٍ غريب قام من شارك في الإرهاب بإطلاق مليونية حملت شعار "لا للعنف" في 21 يونيو سنة 2013 م، برئاسة عاصم عبدالماجد الذي قتل أكثر من 121 ضابطاً وعسكرياً ومدنياً في أسيوط يوم العيد سنة 1981 م، وفي نفس المظاهرة جاءت إمرأة عجوزة على كرسي متحرك بجسدٍ منهك وهي للموت أقرب، وكانت تشير إلى المتظاهرين بعلامات النصر والتشجيع، والجميع يهتفون بـ "التكبير"، فور أن سمعوا أن هذه المرأة هي أم خالد الإسلامبولي.
في خِضم تلك الأحداث وقعت الدولة المصرية من عام 2011 إلى 2013 م، في كارثتين لن يغفر التاريخ للمسؤل عنهما، كانت الأولى الابتهاج بـ "أبطال الإرهاب"، والثانية "تغييب مفهوم الشهادة" فكان غير مفهوم قاتل فرد الأمن بطل ؟ أم أن القتيل من الذين يهاجمون مؤسسات الدولة "شهيد" ؟ وهل من دفع حياته ثمناً على الحدود "شهيداً" أم "ضحية" ؟.
"أم الأربعة ووالدة الاثنين" أيهما أعظم ؟
خنساء حرب أكتوبر
يبلغ عدد أمهات شهداء حرب العاشر من رمضان 8,528 إمرأة، غالبيتهن على قيد الحياة، ومنهن من لهن أحفاد من أنجالهن الشهداء، وإلى الآن لم يسأل عليهن أحد إلا بتكريم سنوي في ذكرى حرب العاشر من رمضان.
يظهر في تاريخ أمهات حرب أكتوبر نموذج لـ "سيدة" لم يحفظ التاريخ اسمها، وترك المجال للباحثين لوضع وصف لها ولعل أفضل لقب تأخذه هو "خنساء حرب العاشر من رمضان" وذلك لأنها مثل "تماضر بنت عمرو السلمية"، تلك الشاعرة التي فقدت أولادها الأربعة يوم 13 شعبان سنة 15 هجرية في معركة القادسية.
يظهر في تاريخ أمهات حرب أكتوبر نموذج لـ "سيدة" لم يحفظ التاريخ اسمها، وترك المجال للباحثين لوضع وصف لها ولعل أفضل لقب تأخذه هو "خنساء حرب العاشر من رمضان" وذلك لأنها مثل "تماضر بنت عمرو السلمية"، تلك الشاعرة التي فقدت أولادها الأربعة يوم 13 شعبان سنة 15 هجرية في معركة القادسية.
والدة الشهداء الأربعة في العاشر من رمضان
نفس النموذج ينطبق على "الأم المجهولة" زوجة الرجل المجهول الذي يُدْعَى سالم، واستشهد أولادها الأربعة في حرب العاشر من رمضان، وأولادها هم حسام وعصام ووسام و وئام، وكلهم في يوم واحد.
نموذج تلك المرأة لا يصح مقارنته بـ "أم خالد ومحمد الإسلامبولي"، فولدها قاتل، ونجلها الثاني إرهابي، وهي نفسها شجعتهم على ما فعلوه، ذلك الفعل الذي قيمه شيوخ الإرهاب بأنه شهادة، بينما غضوا الطرف عن الشهادة الحقيقة في حرب العاشر من رمضان، ثم وصل بهم الأمر إلى إنكار النصر في هذه الحرب التي حققها الجيش المصري.
نموذج تلك المرأة لا يصح مقارنته بـ "أم خالد ومحمد الإسلامبولي"، فولدها قاتل، ونجلها الثاني إرهابي، وهي نفسها شجعتهم على ما فعلوه، ذلك الفعل الذي قيمه شيوخ الإرهاب بأنه شهادة، بينما غضوا الطرف عن الشهادة الحقيقة في حرب العاشر من رمضان، ثم وصل بهم الأمر إلى إنكار النصر في هذه الحرب التي حققها الجيش المصري.
الشهادة التي ضيعها الإرهابيين
شجرة فكر سيد قطب التي غيرت مفهوم الشهادة
كتب الدكتور علي شريعتي كتاباً سماه "الشهادة"، ويمكن استشفاف معنى الشهادة الحقيقية وليست الشهادة بالنسبة لأفكار سيد قطب والتي ليس لها صلة بالشهادة التي تكلم عنها الدين بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية يفسرها الإرهابيين على هواهم، فالشهادة في تعريفها العام هي التضحية بالروح من أجل تحقيق هدف فيه سمو دون أن يهدد حياة المسالمين وممتلكاتهم ويعرضهم الهلاك.
إشكالية الشهادة الآن أنها تؤول بتفسيرات سياسية، فتجد أن الإرهابيين يصفون قتلاهم بـ "الشهداء" في عمليات العنف التي تستهدف المسالمين كانوا مسلمين أو غير مسلمين، على الرغم من أن القرآن الكريم واضح في تلك الجزئية حيث قال تعالى "إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
نجح الإرهابيين في "التسويق لمعنى الشهادة"، فتجد كتبهم تباع بكثرة، كما أنهم يهتمون بـ "قتلاهم" عبر الأفلام الوثائقية أو فيديوهات المالتميديا، في الوقت الذي ظهرت فيه منى الشاذلي ووقفت على الحياد حين سُئِلَت "ما هو وصف المجند الذي دفع حياته وهو يدافع عن السجون في سنة الانفلات الربيع بعد أحداث 25 يناير"؟.