"عملية 14 أغسطس" .. قصة المحاولة الأولى والأخيرة لاغتيال محمد علي باشا
الإثنين 11/يونيو/2018 - 02:03 ص
وسيم عفيفي
طباعة
جاء تولي محمد علي باشا لينهي ثوابت سياسية تعرفها مصر من العثمانيين، فلم يكن العثمانيين ليسمحوا أن يتم تولية حاكم على مصر بقرار شعبي في ثورة بعد أن كان يتم اختياره عن طريق فرمان من السلطان العثماني.
تولى محمد علي باشا حكم مصر في مايو سنة 1805 م وظل الوضع السياسي ملبداً بالغيوم حتى جاء يوم 14 أغسطس سنة 1805 م، وقرر المماليك تشكيل تنظيم لتدبير عملية انقلاب عسكري ضد محمد علي باشا وعزله عن الحكم مع قتله إن نجحت المحاولة.
تولى محمد علي باشا حكم مصر في مايو سنة 1805 م وظل الوضع السياسي ملبداً بالغيوم حتى جاء يوم 14 أغسطس سنة 1805 م، وقرر المماليك تشكيل تنظيم لتدبير عملية انقلاب عسكري ضد محمد علي باشا وعزله عن الحكم مع قتله إن نجحت المحاولة.
احتفالات مصر بعيد وفاء النيل
قرر المماليك وضع خطة تستهدف مهاجمة القاهرة يوم احتفالات مصر بعيد وفاء النيل، وجاء اختيار ساعة الصفر كضربة استباقية قبل رحيل مندوب العثمانيين في مصر قبطان باشا، وذلك لكي يبلغ الدولة العثمانية عن قوة المماليك وبالتالي تنحاز تركيا لهم وتولي على مصر والياً مملوكيا.
يخالف عبدالرحمن الرافعي في كتابه "عصر محمد علي" هذا السبب، حيث قال "اختاروا لهجومهم يوم الاحتفال بوفاء النيل إذ يكون محمد علي باشا والجمع الحاشد من الجنود والأهالي مشغولين بالاحتفال في مصر القديمة بعيدا عن المدينة".
يخالف عبدالرحمن الرافعي في كتابه "عصر محمد علي" هذا السبب، حيث قال "اختاروا لهجومهم يوم الاحتفال بوفاء النيل إذ يكون محمد علي باشا والجمع الحاشد من الجنود والأهالي مشغولين بالاحتفال في مصر القديمة بعيدا عن المدينة".
غلاف كتاب عصر محمد علي لـ الرافعي
ويصف الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار، وصفاً دقيقاً لمحاولة الانقلاب على محمد علي باشا حيث قال "احكموا تدبيرهم بأن تآمروا سرا مع بعض رؤساء الجند أن ينضموا إليهم إذا هم دخلوا المدينة، وتبادلوا وإياهم الرسائل من قبل في هذا الصدد، لكن محمد علي علم بسر هذه المؤامرة، فاعتزم أن يوقع المماليك في الكيد الذي كادوه، واتفق سرا مع بعض رجاله الأمناء على أن يتصلوا بالمماليك ويتظاهروا لهم بالإخلاص، ويستدرجوهم إلى دخول العاصمة، فيمدوا لهم في غيهم، ويزينوا لهم نجاح خطتهم، وهم في الواقع أعوان لمحمد علي".
مخطوط كتاب الجبرتي
وتابع الجبرتي وصفه قائلاً "في اليوم الموعود هجم المماليك على القاهرة في قوة تبلغ ألفا من المقاتلة شاكي السلاح، وعلى رأسهم جماعة من زعمائهم وهم عثمان بك حسن وشاهين بك المرادي وأحمد كاشف سليم وغيرهم، واقتحموا باب الحسينية بعد أن حطموه ودخلوا القاهرة من باب الفتوح، وقصد زعماؤهم إلى دار السيد عمر مكرم ليعجموا عوده ويستنجدوه، ولكنه رفض مقابلتهم، فقصدوا إلى دار الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الجامع الازهر وهناك وأفاهم السيد عمر مكرم وصارحهم القول بألا ينتظروا منهم عونا ولا نجدة، ونصح إليهم أن يعودوا من حيث أتوا".
عمر مكرم - كبير الزعامة الشعبية
كان المماليك في حالة صدمة إزاء رفض الزعامة الشعبية لدعمهم، ويصف الجبرتي تلك الأزمة بقوله "انقلبوا هناك خائبين، ودب الفشل والارتباك في صفوفهم وصفوف جندهم، فخرج فريق منهم من باب البرقية نجاة بأنفسهم، وذهب رهط آخر إلى باب زويلة وتقدموا جهة الباب الأحمر، فتلقاهم الجند الذين كانوا وذهب رهط آخر إلى باب زويلة وتقدموا جهة الدرب الأحمر، فتلقاهم الجند الذين كانوا هناك بالرصاص فتقهقروا إلى داخل باب زويلة، وحاولوا دخول جامع المؤيد والامتناع به، فهاجمهم جماعة من المغاربة والمرابطين هناك وأطلقوا عليهم الرصاص، فلجأ فريق منهم إلى جامعة البرقوقية، وذهبت طائفة أخرى تعدو بخيلها إلى باب النصر، فألفوه مقفلا، فنزلوا عن جيادهم وتسلق بعضهم الأسوار ونجا بنفسه، وتفرق آخرون في العطوف واختفوا فيها".
جامع البرقوقية
ويواصل الجبرتي الكلام عن فلول المحاولة الانقلابية على الباشا بقوله "أما الذين لجأوا إلى جامع البرقوقية فان اثنين منهم تمكنا من الخروج ولحقا بالمماليك النازلين بدار الشيخ الشرقاوي، وبعد أن أنبأهم بما وقع فر الجميع خارجين من باب الغريب، أما الباقون في جامع البرقوقة فقد أحاط بهم الجند وقتلوا منهم مقتلة نحو الخمسين وأسروا نحو الثمانين وذهبوا بهم إلى محمد علي باشا، فأمر بقتلهم فقتلوا جميعا، وبذلك انتهت مؤامرة المماليك بالخيبة والخسران، ولم يتفق للأمراء المصرية المماليك أقبح ولا أشنع من هذه الحادثة وطبع الله على قلوبهم وأعمى أبصارهم وغل أيديهم".