من عامل نظافة في العيد إلى شعب مصر: أحب القمامة لأسبابي وأكرهكم بسببها
الأحد 17/يونيو/2018 - 07:05 م
كتب: وسيم عفيفي - تصوير: محمود الدايح
طباعة
يوم حار في وداع العيد، لكن عامل النظافة لا يشعر به بسبب عمله لأنه أهم عنصر موجود في الشارع، لكن مع ملامح هذا العامل التي رصدتها عدسة بوابة المواطن نطرح سؤال، ماذا لو نطق لسان عامل النظافة بما تتكلمه نظرات عيونه للقمامة والمصريين في آن واحدٍ، من المتوقع أنه سيقول أحب القمامة لأسبابي وأكرهكم بسببها؛ لكن لماذا ؟.
عامل نظافة في العيد
عامل النظافة على المستوى النفسي هو حُطَام إنسان دمره الواقع ونواة إنسان آخر شكلته الظروف، فربما لأسباب تعليمية أو شخصية تغير مصير شبابه وبدلاً من ركوب قطر الميري في وظيفة حكومية هانئة، استقبلته أرصفة شوارع مصر ليكون منظفاً لها ولشوارعها.
عامل نظافة في العيد
عشق كبير بين عامل النظافة والقمامة رغم أضرارها على صحته، لكن سبب هذا الحب أن القمامة تعلمه التنظيم في حياته، فهو يستطيع بمهارة فائقة أن يفصل بين "الوَسَخ" و "أكوام الرفايع من الأكياس"، كما ينجح في عزل "قمامة الروائح الكريهة" ، و أكوام الزبالة غير الضارة، ويخوض معارك ممتعة في الحرص على نفسه من "ضربة سرنجة" أو جرح زجاج مكسور.
عامل نظافة في العيد
سبب آخر يجعل عامل النظافة يحب القمامة وهي أنها تعلمه الزهد والقناعة رغم الغِنَى، فمهما دفع الإنسان من أموال في أي شيء ترفيهي أو غير ترفيهي فإن مصيره في النهاية قمامة تداس بالأحذية أو يسحبها الهواء من مكانٍ إلى آخر.
أهم الأسباب التي تجعل عامل النظافة عاشقاً للقمامة، أنه تضيف له رؤية جمالية في حياته يمكن له من خلالها أن يرسم ديكوراً لمنزله مهما كان بسيطاً، أو يعطي نصائح فائقة الجمال لكل أسرته ومعارفه وأصدقائه، فهو نواة فنان في الحكمة ورسم الكلمات.
أهم الأسباب التي تجعل عامل النظافة عاشقاً للقمامة، أنه تضيف له رؤية جمالية في حياته يمكن له من خلالها أن يرسم ديكوراً لمنزله مهما كان بسيطاً، أو يعطي نصائح فائقة الجمال لكل أسرته ومعارفه وأصدقائه، فهو نواة فنان في الحكمة ورسم الكلمات.
عامل نظافة في العيد
مع كل هذا فإن عامل النظافة يبدو من نظراته أنه يكره شعب مصر، ليس لأسباب طبقية فهو يدرك أن الله تعالى هو من قسم الأرزاق والمعايش عملاً بقوله " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ"، لكن سبب الكره هو نفسه الشيء المعشوق بالنسبة له وهو القمامة.
عامل نظافة في العيد
ينبع الكره من بئر الحيرة التي تحتل كيان الرجل حين ينظر للتناقض بين سلوكيات الشعب المصري وواجبات الشارع، فكيف لكمية القمامة تلك أن تكون موجودة في الشوارع الرئيسية وفي نفس الوقت على ناصية الرصيف يوجد صندوق للقمامة، وكأنما يسألهم "لو دا بيتكم .. هتعملوا فيه كدة ؟!".
طوفان الغليان يسري من على جبين الرجل في عرقه الذي يتصبب من على وجهه وكأنه يخاطبهم "رضينا بمستوانا الذي منعنا من رفاهية الحياة، فلماذا تمارسون رفاهيتكم على حسابنا .. ألا يوجد بينكم رجل قدير على التقدير ولو بجملة".
طوفان الغليان يسري من على جبين الرجل في عرقه الذي يتصبب من على وجهه وكأنه يخاطبهم "رضينا بمستوانا الذي منعنا من رفاهية الحياة، فلماذا تمارسون رفاهيتكم على حسابنا .. ألا يوجد بينكم رجل قدير على التقدير ولو بجملة".
عامل نظافة في العيد
الحر لا يعطي للعيد أجواءاً إلا في "لمة الناس"، وهذا وضع يدركه ويراه عامل النظافة، لكنه يتساءل إزاءه "لماذا لا تلتفون حولي لتشكروني على أني خُلِقْت سبباً لتنظيف مناكب الأرض التي تسيروا عليها فلولاي ما نجحتم في التقاط صورة سيلفي لذكراكم أفلا تتذكروني ؟!".
ينظر عامل النظافة لكمية كانزات البيبسي الملقاة في الشارع وهو يستغرب ويقول "تفيديني هذه الكانزات حينما أذهب بها لتدويرها فشكراً لكم .. لكن لا مرحباً بفوضويتكم .. كيف لسائق السيارة الملاكي أن يلقيها في الطريق العام من سيارته ولا يلقي بالاً بالإنسان الذي سيزيل هذا الكانز .. لماذا لا يلقيها في الصندوق بدلاً من أكون دودة أرض أجمع شتات قمامته".
عامل نظافة في العيد
يحمل عامل على كاهله ما استطاع جمعه ولا شيء يهدأ باله إلا ارتياحه لشكل الشارع فيخاطبه "الآن أنت أصبحت نظيفاً .. وأنا صرت مرتاح الضمير .. لكن حكايتنا لم تنتهي .. فبعد سويعات ستحتلك القمامة ويأتي زميل لي لتكرار ما فعلته .. فلا شيء يتغير والسبب أن الناس يستسهلون وإلينا لا ينظرون وبنا لا يشعرون".