نظلة ليفي .. حكاية اليهودية التي خطبت في الجامع الأزهر
الأربعاء 25/يوليو/2018 - 09:06 م
ندى محمد
طباعة
تشتهر ثورة 1919 م في التاريخ المصري الحديث، بمشهد إظهار مفهوم الوحدة الوطنية لدى المصريين وذلك عبر القسيس سيرجيوس الذي ألقى خطبته من فوق منبر الأزهر الشريف محذراً من الفتنة ومؤكداً على ضرورة الإتحاد ضد الإنجليز، وكان هذا هو أشهر المشاهد في الأزهر الشريف زمن ثورة 1919 م .
لكن هناك أمر عابر لم يلتفت له كثير من المؤرخين لتلك الحقبة ، وهي واقعة قيام السيدة نظلة ليفي بإلقاء خطبة داخل الجامع الأزهر ، في واقعة تاريخية لم تحدث من قبل، حيث أن الغرابة لو كانت في قيام إمرأة بالخطابة، فإن العجاب كله يكمن في أنها يهودية .
خبر الأهرام عن نظلة ليفي
كان إبريل 1919 م شهراً صعباً على الأزهر، فإنجلترا خاطبت إمامه الأكبر بضرورة غلقه نهائياً بعد وقوع أحداث ثورة 1919 م، لكن الشيخ الجيزاوي رفض خطاب اللورد أللنبي ، بل شكل الأزهر بعد مقتلة صوفية الحسين في مارس 1919 م داخل المسجد، كتيبة لحماية الأمن أشبه ما تكون باللجان الشعبية الآن .
خبر الأهرام عن نظلة ليفي
في منتصف إبريل من نفس هذا العام ، كان الشيخ أحمد الحملاوي يواصل لقاءاته مع الشباب المصري داخل الجامع الأزهر ويلقي خطبته اليومية مثل رموز الأزهر الذين يجوبون الأروقة للخطابة .
شقت الصفوف إمرأة ترتدي زياً محتشماً ، وألقت خطبة في الأزهر أعجبت عالم اللغة والصرف أحمد الحملاوي وأثارت استغرابه .
الشيخ الحملاوي
سر استغراب أحمد الحملاوي لم يكن نتيجةً لحكمة المرأة وبلاغتها، وإنما كان بسبب عقيدتها ، وهو نفس الاستغراب الذي أحاط بطالب مدرسة الطب السلطانية الذي كان يحضر الموقف، لكن طالب مدرسة الطب جعل من نفسه صحفياً وراسل الأهرام بخبر شديدة الغرابة نُشِر في عدد رقم 12778 بتاريخ يوم الأربعاء 16 إبريل سنة 1919 م تحت عنوان "خطيبة إسرائيلية بالأزهر الشريف" .
خبر الأهرام عن نظلة ليفي
لم يذكر مراسل الأهرام اسم السيدة ولا حتى اسمه كمحرر للخبر، لكن كتاب "الوحدة الوطنية فى مصر الملحمة والديوان" لـ صلاح حسن رشيد ، حفظ اسم هذه السيدة وهي نظلة ليفي .
وفق هذا الخبر ، تحدثت نظلة ليفي عن الوحدة الوطنية، ودعت الناس على التمسك بها والرباط عندها ، لأنها سبيل قادر على طرد الإنجليز من مصر .
واستطردت في خطبتها إلى أن الرسل جميعاً إخوة موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
وأكدت أن الله كرم هذه الأمم بهؤلاء الأنبياء ، وأنها جاءت لتحيي رمزا ً من رموز هذه الوحدة في الأزهر الذي هو ملك للجميع وبيت للجميع .
وقالت علينا أن نستمر في ثورتنا حتى تتحقق الحرية والكرامة لهذا الوطن أشادت بمصر كأعظم الأوطان الذي يسع الناس جميعا ً ولا يفرق بين أحد منهم.
أنهت حديثها بهتاف الحاضرين وتصفيفهم وإعجابهم ، وأعقب حديثها كلام موجز للشيخ أحمد الحملاوي الذي رحب مرة أخرى بها وبحديثها وتحدث عن العلاقة الجيدة التي تربط بين عناصر الأمة المصرية الثلاثة المسلمين والمسيحيين واليهود فضلا عن تاريخ الإسرائيليين بالعرب
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة إسرائيلي طبقاً لخبر الأهرام لم تكن عيباً أو سُبَّة وقتها لأنها كانت مصطلحاً لطائفة اليهود والذين يرون أن إسرائيل هو النبي يعقوب، لكن تبدد كل هذا عقب قيام دولة إسرائيل سنة 1948 م