ثورة الضباط الأحرار و انقلاب كنعان إيفرين .. الخيط الرفيع بين السلمية والدموية
حب الشعب المصري لفاروق
يكمن حب الشعب المصري للملك فاروق، في أنه وعند توليه للحكم، كان لا يزال شابا صغيرا يحل لهم الأمل بأن يشهدوا مرحلة أفضل من ذي قبل، خاصة وأن الفترات الماضية التي مرت بها البلاد خلال أجداده وخاصة أبيه كانت عصيبة تحمل في طياتها العديد من الأزمات وانتشر الفساد والفقر والجوع بين الناس، لذلك كان فاروق بنسبة لهم بمثابة الأمل المنتظر.
ثورة يوليو 1952
قرر الضباط الأحرار ممن يمثلون الجيش
المصري، الإطاحة بالملك فاروق، وتخليه عن الحكم، فأشعلوا نار ثورة 1952، التي تعد
من أشهر وأهم الثورات التي عرفتها مصر على مدار تاريخها، ليتحول المسار السياسي
لمصر 360 درجة، من الملكي إلى الجمهوري، ويتولى الزمام واحدا من أشرف أبناء مصر الأبرار،
الذي تمركز تفكيره في الشعب المصري أولا وكرس حياته من أجل إسعاده وتلبية
متطلباته.
خروج أمن
عندما اجتمع الضباط الأحرار ليحددوا مصير الملك فاروق روفضوا فكرة إيذائه، أو مجرد
تلطيخ الثورة بالدماء فكانت ثورة سلمية رائعة، لم تشهد نقطة دم واحدة، ولو أن هناك
من رموز الفساد، الذين كانوا متواجدين في مصر أيام الملك قاموا بأفعال تبيح قتلهم
ألف مرة، لكن أبناء القوات المسلحة من الضباط الأحرار، رفضوا أن يكون القتل هو
السبيل الذي يفكرون فيه، وباتت الثورة أمنة وخرج الملك فاروق خروج أمن ولبيت رغبته
بالسفر عبر " سفينة المحروسة" كما وجهت له التحية العسكرية.
سر السرد
بالتأكيد أن تتساءل عزيزي القاريء عن سر كل هذا السرد، وتقول أننا لسنا في محاضرة
تاريخية، لكن النقاط المقبلة، ستكشف سر ما سبقها.
انقلاب تركيا الدموي
لا شك أن 23 يوليو 1952 هي في حقيقتها انقلاب ناعم، تحول إلى ثورة، فقد قرر ضباط
الجيش الانقلاب على النظام الملكي، لكنهم قاموا بالعديد من المشروعات التنوية
الرائدة، التي صبت في المقام الأول لصالح الشعب، لذلك تحول هذا الانقلاب إلى ثورة
حقيقية، لكن إذا وضعنا ما حدث في تركيا تحديدا في 12 سبتمبر 1980، سنجده ليس
إنقلابا عاديا، بل كان عبارة عن كارثة دموية لا إنسانية تسجل أكبر عدد من الجرائم
اللاإنسانية، التي أرتكبت وتعمد أصحابها إنتهاك حقوق الإنسان سواء في أجسامهم، أو
أعراضهم أو كرامتهم.
حماية أفكار أتاتورك
قرر الجنرال كنعان إيفرين قيادة مجموعة من الضباط في تركيا، وأنقلبوا على الحكم،
مؤكدين أن هدفهم هو تطبيق مباديء مصطفى أتاتورك، لكن في حقيقة الأمر تم إعتقال كل
شباب تركيا ممن يمثلوا المعارضة، علاوة على كل الكتاب والشخصيات البارزة، والأهم
هو أنهم كانوا حينما يررون أي إنسن يحمل كتابا أو ورقة في يده، يحققون معه ويسجنونه.
سجون ديار بكر
باتت ديار بكر ذكرى أليمة في قلب كل تركي، ولو كانت حوائطها تتحدث لصرخت على ما
شهدت من تعذيب يفوق حد الخيال، وإنتهاكات للبشر، لا يقبلها أي دين، وإنتهاك
للأعراض والأجسام وتشويه خلق الله، فقط لفرض سياسة التخويف، والترويع ولكي يطمئن
إيفرين ومن معه، أن سيطرتهم باتت محكمة، ولن يخرج أي إنسان عن وطأتهم.
الجيش المصري ونظيره التركي
أن العلاقة التي من الممكن أن تربط بين أحداث يوليو 1952 وإنقلاب 1980، هي
المقارنة بين بلدين، أو بالأحرى توجهين، فعند النظر لما سبق ذكره نجد أن الجيش
المصري تعامل مع الملك فاروق الذي يعود لأصول تركية في الأساس، بمنتهى الإحترام،
والرحمة برغم كل ما شهدته مصر في عهده، وكيف لبيت متطلباته، أما الجيش التركي، قرر
أن ينقلب وطبق سياسة العنف والانتهاكات اللاطبيعية ضد أبناء الشعب الذي ينتمي لنفس
جنسيته، دون أن يقترف ذنب واحدا.
نقطة نظام