" لقد أحبني البيض والسود والمثليون واليهود، عدا الرجل الذي أحببته "
بهذه الكلمات اختتمت الأميرة ديانا قصتها الحزينة، في يومياتها التي لم تظهر سوى بعد موتها، كلنا أردنا أن نكون في نصف حظ ديانا أو جمالها، لكننا لم نكن نعلم أننا نتمنى الحظ العثر ليس إلا، لم يظهر سواد أيامها للعامة سوى بعد رحيلها، هي التي تزوجت من الأمير تشارلز، لتصير بعدها أسيرة أحزان لا يمكنها البوح بها، أحبته كما لم تحب امرأة، وكالعادة نسيها كما ينسى الرجال.
كانت ديانا سجينة أفكارها ومشاعرها، برغم كونها أميرة إلا أن حدود تعاملها مع الأمير وأسرته الملكية لم يتعد دور الخادمة المنبوذة، وطوع رغباته وشهواته، وينتهى الدور هنا!.
تعجبنا قصص الأميرات في ديزني، كنا في الصغر نتمنى لو رُزقنا بمثل هذه القصص الوردية، ماذا لو ؟
ماذا لو اقتحم الأمير حصني المنيع، أمير مجهول ما إن تتلاقى الأعين، حتى نهيم عشقا ولا نفترق للأبد، لينتهي بنا الحال في مشهد تراجيدي، رومانسي ودرامي الطابع، وسط فرحة عارمة وحفل كبير، والنهاية تُسطر، ليُسدل الستار، لكن في الواقع الستار لا يُسدل هكذا، النهاية لا تأتي كما نتوقعها دوما، لكانت ديانا الأسعد حينها، ولربما الواقع ليس سيئا بقدر ما نظن، إننا فقط عشنا الأوهام لفترة طويلة، وها نحن نجني حصاد السراب، الحب لا يأتي من لحظة، لا نظرة أولى ولا ثانية، لا دقات قلب ثلاث، ولا حتى في ثوران القولون، إنها خرافات تداولتها الأجيال، المشاعر التي تسير دونما رادع، وعكس التيار، ستُهلك أصحابها، الحب نتاج المودة والرحمة، لم يكن يوما عنصرا معزولا أو عازلا، وإن كان لكان خاملا!.
الكرامة لا تُجزأ، فإن هانت فذاك لم يكن حبا، إننا لا ننسى الأحبة، لكنهم يحفرون ثقوبا في قلوبنا، إلى أن يصبح القلب.
فجوة ثم هوة، يسقط بها ولا يدري القلب بأي ذنب هلك..
ديانا لم تعترض يوما على الأذى النفسي الذي سببه لها تشارلز وعائلته، رغم أعمالها النبيلة إلا أن أحلامها تطايرت كالرماد في سبيل الحفاظ على من لم يتكلف عناء فهم ما أرادته، تشارلز عَلم بحبها، فأيقن أنها باقية رغم كل تصرفاته التي تدعوها أن تنكص وتنتكس، ديانا أحبت وكذا تشارلز، إلا أنه لم يلمح التعاسة في عيونها التي انطفأ وهجها، ولا روح السبعينية التي تلبستها في ريعان شبابها، هو فقط لاحظ ما أراده، جمالها، وسلطته عليها، كيف لمحب أن يُسبب كل هذا الألم لمن أحبه، ويظل موقنا أنه على صواب، اللعنة على كل ألم يتوارى تحت مسمى الحب، إننا ننجرف خلف التيار دونما معرفة عقباه، نلقي بأنفسنا في الهاوية بكل أريحية، نسميها تضحية لأجل الحب فقط لأننا نخشى الفقد بعد التعود، ديانا لم تمت، إنها حية تُرزق في أرواحنا، نهجنا نهجها بحجة الخزعبلات الرومانسية، أسطورة تشارلز لم تنته، قد أكون ديانا أو تشارلز، لا يهم سوى أننا لم نخل بعناصر قصة الحب الوهمية، وإن سألتني عن هوية قلوبنا، كلنا في عقيدة الحب يهود!.