الباسوس .. العجوز الشاعرة التي تسببت في حرب استمرت 40 عاما
الإثنين 24/سبتمبر/2018 - 12:01 م
شيماء اليوسف
طباعة
كانت سعاد " الباسوس" ، أخت الملك تبع حسن الذي قتله كليب و هي المرأة التي ذكرها كليب في ملحمته بأنها سوف تظهر بعده و تلقي الفتنة في القبائل وبسببها يقتل كليب بن ربيعة و تثير الحرب بين بكر و تغلب و باقي عشائر العرب و كانت هذه العجوز من عجائب الزمان و غرائب الأوان ذات مكر و احتيال و خداع ساحرة و شاعرة.
كان لها أربعة أسماء " الباسوس" و عن هذا الاسم عرفت الحرب بين بكر و تغلب بحرب الباسوس، و " سعاد" لأنها كانت تأكل جوز الهند كثيرا و غيرهما، و رغم هذه الأوصاف القبيحة كانت جميلة المنظر فصيحة اللسان شديدة البأس و لما كبرت و انتشت و صارت في مقتبل العشرين، كانت تصارع الطواشية و تركب الخيول في الميدان و تبارز الأبطال و الفرسان.
شروط الجواز من الباسوس
صورة تعبيرية للقبائل العربية قديما
و قد ذاع صيت الباسوس، في كل مكان و تواردت إليها الخطاب من جميع البلدان فكانت تقول لا أتزوج بإنسان إلا من يقهرني في البلدان و كل من بارزها انتصرت عليه حتى اقتصر عنها الخطاب.
سمع بأمر الباسوس، ملك عظيم اسمه سعد الثاني و كان من أبرز فرسان الجاهلية و كان ملك بلاد السرور و ابن عم أخوها تبع و بطل صاحب مدن وبلدان و جيش وفرسان و قد هام في حبها فركب في جماعة من أبطاله و سار قاصدا ديارها و لما وصل رحب به أخيها تبع و ضايفه و في اليوم الثالث قال لأخيها تعلم أني حضرت من بلادي لأخطب أختك سعاد فلا تردني خائب فرد عليه بموافقته و رغبته في ذلك ولكن الأمر متوقف على مبارزتها في ساحة القتال ولكنه فوجئ برغبته في مبارزتها قائلا " أني ما أتيت إلا لهذا الشرط" فأخبرها أخوها بقدوم الأمير سعد و طلبه.
زواجها من الأمير سعد
صورة تعبيرية لفرسان العرب قديما
استعدت الباسوس، بآلة حربها و جلادها و ركبت ظهر جوادها و برزت في الميدان و كان الأمير ينتظرها و أخذ يتقاتلا قرابة ساعة من الزمان حتى أقرت له بالغلبة فتزوجها و أخذها إلى بلاده، ظلت في رغد العيش لعشر سنوات حتى فقد زوجها بصره فصارت تحكم القبائل العربية بدلا منه و عظم شأنها و اشتهرت حتى قتل كليب أخوها تبع.
موت أخيها و الأخذ بالثأر
الحجاز قديما
وقع عليها الخبر وقع الصاعقة و تنغص عيشها فهمت على الأخذ بثأره و قتل كليب، فعينت وكيلا ينوب عنها في الحكم و ركبت الباسوس، وزوجها و بناتها و قطعت البراري حتى وصلت لبلاد الشام حتى وصلت لحلة " بني مرة " و سألت على أمير يدعى " جساس " ابن عم الأمير كليب الذي قتل أخوها.
الحيلة الأولى للانتقام
صورة تعبيرية لحرب الباسوس و تغلب
شكت الباسوس، لجساس، قلة حيلتها و أنها شاعرة تمدح الأكابر و الأمراء ثم طلبت منه أن يستضيفها في بيته فرحب بها قائلا : " مرحبا الأرض و الديار دياري و أنت نزيلتي و في جواري فكل من تعدى عليك قتلته، في ذلك الوقت كثرت شكاوي العرب الذين يحكمهم جساس من أفعال بني تغلب الذين يحكمهم كليب و كلما اشتكوا إليه سألهم الصبر.
اندلاع الفتنة و سحب فتيل الاشتعال
صورة تعبيرية لحرب الباسوس و تغلب
لما أيقنت الباسوس، قبول ومحبة الأمير جساس بدأت في التفكير لبث الفتنة بين القبيلتين فأخذت إناء من الفضة إلى ناقتها الجربانة و أخذت تطليها و تدهنها بريح طيب ثم أمرت العبيد أن يأخذوها إلى المرعى بالقرب من صيوان جساس صباحا ومساءا و أوصتهم إذا سأل أحد عن سبب تلك الرائحة العطرة ينفوا علمهم حتى استنشق الرائحة العطرة و استدعى العجوز لتخبره عن أمرها فقالت له إنها ناقة من سلالة ناقة النبي صالح عليه السلام و أن بها خواص غريبة الأحوال مثل أن بعرها من المسك و بولها من العطر فتعجب و طلب شرائها و ما سمعته إلا وبكت و قالت له ما خرجت من بلادي إلا من أجل هذه الناقة و إن كان الأمر كذلك سأرحل.
قتل كليب و بداية الحرب
صورة تعبيرية لحرب الباسوس و تغلب
فطيب بخاطرها وقال إن حديثه مجرد مزاح فقط، ثم طلبت من العبيد أخذ الناقة إلى بستان قصر الأمير كليب، و أن يتركوها تهدم الجدران و تقلع الأشجار و أن يشتموا كل من يتعرض لهم و لكن حراس البستان قتلوا الناقة و ضربوا العبيد، و ما إن عرفت بالأمر دخلت على الأمير كليب و شقت ثيابها و ندبت حظها ووضعت التراب على رأسها و صارت تبكي و تولول و اخبرته لما فعله كليب و أوقعت الفتنة بينهما حتى قتل سعد ابن عمه كليب و دبت الفتنة بين القبيلتين ل 40 عام، على أرض الحجاز في العصر العدناني.