ناصر وعامر .. ثنائية الصداقة القاتلة التي أدت إلى النكسة
السبت 29/سبتمبر/2018 - 03:01 ص
شيماء اليوسف
طباعة
في أبريل من عام 1954م، كان عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية، بالإضافة إلى توليه منصب وزير الحربية، وما جعله يصل لهذه المكانة الرفيعة أنها كان أحد تنظيم الضباط الأحرار، الذين أشعلوا ثورة يوليو 1952م، وكان صديقا مقربا للرئيس جمال عبدالناصر القائد الروحي لثورة يوليو.
بدأت علاقته بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر خلال حرب 1948م، عندما رافقه في وحدته العسكرية، كان عبدالرحيم عامر أصغر وزيرا للحربية في تاريخ الجيش المصري، بعد نكسة 1967م، توفي عامر، وكانت وفاته خبرا مزعجا بالنسبة للرأي العام المصري، حيث أشيع بأنه انتحر أو قتل، إلى أن الطب الشرعي أكد خبر انتحاره.
السادات يؤكد انتحار عامر
جمال عبدالناصر و السادات وعبدالحكيم عامر
قال الرئيس الراحل أنور السادات بأن انتحار عبدالحكيم عامر كان في مصلحة البلد من جميع الجوانب، هل تعتبر تصريحات السادات وثيقة تؤكد انتحار عامر؟ ولما بثت الإذاعة المصرية خبر وفاة المشير، قالت أنه أنتجر عن طريق ابتلاع كمية من المواد المخدرة والسامة، وكذلك رئيس هيئة العمليات في حرب أكتوبر المشير محمد الجسمي قال في مذكراته أن عامر توفى منتحرا.
عندما ارتقى عبدالحكيم عامر إلى رتبة مشير، ذاع صيته و اشتهر، لأن هذه الرتبة لم تكن معروفة من قبل على مستوى الجيوش العالمية، ظل عامر قائدا للجيش المصري ثلاثة عشر عاما، وملك زمام مؤسسات ضخمة كلها كانت تحت قيادته كالمخابرات الحربية و البوليس الحربي و المباحث الجنائية العسكرية، ومنها انطلقت شارة الصراع.
بداية الصراع بين ناصر وعامر
جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر
الصراع على السلطة بين عبدالرحكيم عامر و جمال عبدالناصر، فهل ينقلب الجيش الذي يقوده عامر على الريس عبدالناصر، هل يجبره الأمر أن يتخلص أحدهما من الأخر، وهل كان عامر يطمع في نفوذ الرئاسة وطارد عبدالناصر؟
إن النفوذ التي سيطر عليها عبدالحكيم عامر جعلت عبدالناصر يشعر أن عامر يرغب في السيطرة على كل شيء ويجمع كافة السلطات في يده، هذه السلطات ستمكنه من الإطاحة بأي شخص يعارضه أو يقف في وجه نفوذه، ولعبت الوشاية دورها في بث الحقد داخل نفس عامر، ضد رفيق دربه عبدالناصر رغم الصداقة العميقة والصلة التي ربطت بينهما، فإن مسألة أن يكون المشير الرجل الثاني في دولة أصبحت مكانة قليلة بالنسبة للقدر الذي أعطاه لنفسه، وعلى الجانب الأخر يحتكر عبدالناصر الزعامة والجماهيرية لنفسه.
ولكن " برلنتي عبدالحميد" زوجة عبدالحكيم عامر، قالت أن المشير مات مسموما ولم يفكر في الانتحار، إلا أنها أكدت أن المشير شعر بمخاوف عديدة من الممكن أن تعرضه للقتل! في الوقت نفسه كانت تحقيقات النيابة العامة تقول أن المشير تناول بنفسه عن بينة مادة سامة بقصد الانتحار، وقد أمرت النيابة العامة بحفظ ملف مقتل عبدالحكيم عامر، وحفظه إداريا.
نكسة 1967م و كبش الفداء
الصحافة وموت المشير
في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر1956م، بدأت العلاقة بين ناصر و عامر تأخذ مسارا سيئا واستغل جمال عبدالناصر هذا الحدث لإيلام عبدالحكيم عامر سوء إداراته للمعارك العسكرية، وبعد فشل الوحدة بين مصر و سوريا، لحقتها هزيمة مصر في 1967م، وعلى خلفيتها قصفت مطارات مصر العسكرية وانسحب الجيش بشكل عشوائي، وكان قرار الانسحاب بالطبع من قائد الجيش عبدالحكيم عامر، مما جعل العلاقة بينهما تنتهي وديا.
وقد نتج عن هزيمة مصر في حرب 1967م، إعلان جمال عبدالناصر التنحي وقد أصدر بيانا رئاسيا أعلن فيه رغبته في التنحي عن منصبه الرئاسي، ولما رفض الشعب تنحيه عاد لمزاولة عمله الرئاسي، وربما كان بيان التنحي حيلة ماكرة استخدمها الرئيس لغرض سياسي وهو ما حدث لأن فور عودته عزل قيادات الجيش وعين غيرهم، مما كان هذا الأمر قمة الصراع بين الرجل الأول و الثاني في الدولة.
اشتداد الخلافات بين ناصر وعامر
جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر
تحت بند الحيادية في وقت الحرب خيانة فإن الخلافات بين القيادة في وقت الحرب خيانة هي الأخرى، و باعتبار أن جمال عبدالناصر كان الرجل الأول في مصر ورئيسها فلا لوم على احتكاره للقرارات العسكرية لنفسه فهذا حقه، وفي الواقع أن عبدالحكيم عامر، قبضت يده على خيوط هامة كثيرة، وقد أشعرته هذه الحقوق بأنه الرجل الأول وهي بالفعل مكانة يرغبها ويسعى لها.
قبر المشير الراحل عبدالحكيم عامر
ربما كان سعي عبدالحكيم عامر أن يصل لمنزلة الرجل الأول في مصر هي التي جلبت لها الموت، سواء منتحرا أو مقتولا وبالرغم من كل ما يؤكد موته منتحرا، فأن نجله جمال عبدالحكيم عامر قال في أكثر من حديث أن والده مات مقتولا، بل و الأحرى من هذا أنه نجل المشير علق مسئولية قتل والده في عنق الرئيس جمال عبدالناصر وقال أن اغتيال والده كان كبش فداء بسبب هزيمة 1967م، ربما ما يثير العجب أنه أكد تكرار طلبه بإعادة تشريح جثة والده قبل أحداث 25 يناير ولكن طلبه دائما ما كان يقبل بالرفض.
الصراع الذي نشب بين جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر كان سببه الأساسي حب السيطرة والزعامة و السلطوية ربما كانت هذه القشة التي قسمت ظهر عامر، الحب الذي أودعه ناصر لعامر جزءا من المأساة التي عاشاها الطرفين بعد الهزيمة، لاسيما اقتناع ناصر أن عبدالحكيم عامر لا يصلح للقيادة، وكل منهما كان معه سلاحه لهزيمة الأخر فكان ناصر يملك الشعب و عامر يملك الجيش.