النوبيون أصحاب البصمة السرية في حرب أكتوبر 1973 .. كيف شاركوا في هزيمة إسرائيل
الأحد 30/سبتمبر/2018 - 02:40 م
شيماء اليوسف
طباعة
كان استخدام اللغة النوبية كسلاح للإشارة أحد أسباب هزيمة الإسرائيليين في حرب أكتوبر 1973م، حيث ابتكر فكرة استخدامها العم إدريس، أحد النوبيون الذين شاركوا في الحرب، نجح خلالها المصريون من تعجيز العدو الإسرائيلي عن معرفة الأوامر العسكرية التي تسري بين قيادات قواتنا المسلحة وجندنا القاهر.
السر الذي خفي في بطن أصحابه سنينا مديدة، اللغة التي ورثها النوبيون عن أجدادنا الفراعنة، وهي اللغة التي تسمع ولا تكتب ولا تقرأ، وكان دعامة نصر الجيش المصري في حرب أكتوبر1973م، وآلة الدفاع الاتصالية، وقد مكنت النوبيون من الوقوف في جبهة الحرب، حتى هزيمة العدو الإسرائيلي.
سلاح الإشارة واللغة النوبية
العم إدريس صاحب فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة سرية في الحرب
عندما التقى العم إدريس، بالرئيس السادات أكد له أن اختيار أبناء النوبة القديمة الذين نزحوا بعد بناء السد العالي، الذين كانوا وقتها مجندون بقوات حرس الحدود، وكان الرئيس السادات قائدا سابقا بهذه القوات، وتخلو اللغة النوبية من أداة التعريف، فكل الأسماء بها معرفة، كما أنها لا تعرف التذكير و التأنيث، ولا يمكن التفريق بين المذكر والمؤنث فيها.
لعب النوبيون في حرب أكتوبر1973 دورا محوريا، خاصة بعدما وافق الرئيس الراحل أنور السادات على تنفيذ فكرة العم إدريس المتعلقة بسلاح الإشارة ورغم مهارة الجيش الإسرائيلي حينها في مجال الاتصالات إلا أنهم عجزوا عن فك رموزا شفرة اللغة النوبية، وحرموا من فهم المعلومات والأوامر التي تستقبل وترسل من بين القادة في جيشنا الشامخ
النوبيون وحرب أكتوبر 1973م
النوبيون
وصل عدد النوبيون المعنيون بإرسال واستقبال الأوامر العسكرية في حرب أكتوبر 1973م، إلى 344 جنديا كلفوا فقط بالتعاون مع الوحدات والكتائب العسكرية داخل الجيش، وقد قسموا على شكل معسكرات في أرض الفيروز "سيناء"، ومن ثم نفذت لهم محطات هاتفية أطلقت عليها أسماء نوبية.
هؤلاء الجنود النوبيون المرابطون على الجبهة والمدافعون عن تراب وطنهم مصر، وزعوا على قادة الجيش في حرب أكتوبر 1973م، بحيث يكون لكل قائد عسكري وفصيل ورئيس كتيبة جندي نوبي يتحدث اللغة النوبية، التي صارت سلاح حربي من المستوى العميق، وقبل إطلاق صفارات الحرب، كانوا قد تلقوا أمرا بالانسحاب من سيناء، وفي ليلة الجمعة قبيل بدء مراسم عيد الغفران تم ضرب العدو الرئيس والفتك به.
التكنيك العسكري في حرب أكتوبر
قادة حرب أكتوبر
إن التكنيك العسكري في حرب أكتوبر والصلة الشديدة الترابط بين القائد والجندي وبين الرئيس والمرؤوس جعلت الرئيس السادات يستقبل العم إدريس في جلسة حوارية ليتناول معه الحديث حول فكرة استخدام اللغة النوبية كسلاح عسكري لإرسال واستقبال المعلومات العسكرية، خشية القيادة المصرية من كشف رموز شفراتها من قبل العدو الإسرائيلي، ولكن الحل كان عند النوبيون، قدموا السهل العميق الممتنع.
الجندي المصري في حرب أكتوبر
الجيش المصري قبل حرب أكتوبر 1973م، كان لا يسمح للتطوع في الجيش المصري إلا النوبيون الذين كرسوا حياتهم لخدمة القوات المسلحة المصرية، وشاركوا في الحروب التي خاضها الجيش المصري، وعلى لسان العم إدريس صاحب فكرة استخدام اللغة النوبية كسلاح حربي في المعمعة، فإنه تطوع على غرار أقرانه وعائلته وأصدقائه الذين أفنوا حياتهم.
اللغات التي يتحدثها النوبيون
حرب أكتوبر
يتحدث النوبيون لغتهم النوبية على طريقتين، اللهجة الأولى تنتشر بين أهلها النوبيون الأوائل و هي " لهجة نوبة الكنوز" أما الطريقة الأخرى هي " لهجة نوبة الفديكا" وتمتد أصول اللهجة الكنزية إلى الدنقلاوية، التي تعود تسميتها بهذا الاسم إلى دنقلة بالسودان، بينما لهجة الفديكا، ترجع إلى اللهجة المحسية، التي كان يتحدثها سكان شمال السودان.
تتميز اللغة النوبية بالعديد من الخصائص، حيث أنها تقرأ ولا تكتب، ربما هذه الخاصية بالتحديد كانت من أدق الأسباب التي منعت العدو الإسرائيلي من فك رموز سلاح الإشارة المصري، في حرب أكتوبر1973م، وقد اختلف الباحثون حول تحديد أصل اللغة النوبية التي يتحدثها النوبيون في جنوب مصر بمحافظة أسوان، ومن المعتقد أن أول ظهور للغة النوبية كان في القرن الثالث الميلادي.
انتصارات حققتها النوبية في التاريخ المصري
حرب أكتوبر
يقول النوبيون أن اللغة النوبية مثلها كمثل سائر اللغات التي استعملت الحروف الأبجدية في الكتابة والتدوين، ربما في فترة زمنية معينة، نظرا للمخطوطات والوثائق الكتابية التاريخية، وبالرغم من انتشار اللغة العربية عند دخول الإسلام إلا أن اللغة النوبية باقية تتناقلها الأجيال النوبية الأسوانية المصرية، وتستخدم بين النوبيين في مجمل أمور معيشتهم.
استطاعت اللغة النوبية أن تكون علامة هامة في تاريخ الانتصارات المصرية التاريخية، ومن المؤكد أنها من سلالة اللغة المصرية القديمة " الهيروغلوفية" إن تاريخ اللغة النوبية كشفرة سرية بين القيادات لم يقتصر على حرب أكتوبر 1973م، فقط بل استمر استخدامها حتى 1994م، بين القيادات العسكرية.
قادة حرب أكتوبر
استمر تدريب الجنود على استخدام اللغة النوبية في حرب أكتوبر1973م، في عملية إرسال و استقبال الرسائل الحربية والأوامر العسكرية بدءا من 1971م، وحتى 1973م، وكانت أشهر الكلمات النوبية في حرب أكتوبر1973م، كلمة " أوشريا" والتي تعني أضرب، بينما كلمة " ساع آوي" تعني الساعة الثانية، ومنهما انطلقت صفارات الحرب، دون أن يعي العدو الإسرائيلي ماذا يجري!