حكايات مصر الحلوة الشقيانة.. النيل ملتقى العشاق ودراويش سيدي إبراهيم يتوافدون
الجمعة 19/أكتوبر/2018 - 05:30 م
شيماء اليوسف – تصوير/ أيمن _ توفيق _ كريم
طباعة
تبدأ حكايات مصر الحلوة الشقيانة، عندما تقف على أحد الكباري العملاقة من أعلى زاوية فترى المارة يتنقلون من هنا وهناك، تراها حينما تدخل أحدى دور العرض السينمائية وتسمع تعليقا ساخرا من أحد نجوم السينما المصرية ثم تجده يتردد على ألسنة المصريين، تشاهدها أينما ذهبت لصلاة الجمعة في مسجد الحسين وترى وجوه كثيرة لأشخاص غير مصريون ولكن حضارتنا جذبتهم وشعبنا وطننا أكرمهم، حكايات الشارع المصري تجدها في منزل أم مينا التي تداوم على رفقة جارتها أم محمد في رحلتها للسوق، تجدها في رائحة موائد الرحمن الرمضانية في صوت أم كلثوم يخرج من إحدى المقاهي الشعبية بمنطقة وسط البلد، تجدها في بوابتنا الإخبارية " المواطن".
الحنطور..وسيلة الموصلات الباشاواتي
الحنطور
دخلت هذه الوسيلة الأنيقة مصر على يد الإيطاليون، وطبعها العامل المصري بثقافته المصرية، بعد أن كانت غالبية مكوناتها يتم استيرادها من الخارج، واستطاع المصري أن يتفوق في هذه الصنعة أكبر بكثير من أرباب المهنة نفسها، فنجح في تطويع الأخشاب والمعادن على يده، حتى تمكن من استحداث أنواعا مختلفة وجديدة من الحناطير، ومن أشهر أنواع الحناطير " الكوبيل الملكي، والبنز والفينون" إلا أن قوانين هذه المهنة لم تستطع مواجهة اندثارها.
تروي لك حكايات مصر الحلوة الشقيانة، جولتك المحلية عندما تحل ضيفا أو مقيما بمركز ملوي بمحافظة المنيا، ستجد الحنطور من أكثر وسائل المواصلات انتشارا بين الشوارع الرئيسية والداخلية، وهو المركز أو المدينة الوحيدة التي ينتشر داخلها الحنطور، ومن الغريب ما ستلاحظه أنه عند وفات أحد المواطنين في هذه المدينة، يظل الحنطور بين الشوارع ينادي في الناس أن فلان ابن فلان مات ثم يعلن عن مكان العزاء وموعد الجنازة، ويعرف المارة تفاصيل عائلة المتوفي ونسبه والمراكز التي يرأسها أقاربه في المدينة، وهو بمثابة وجاهة اجتماعية وهذا يعود لتاريخ هذه المدينة.
مولد سيدي إبراهيم الدسوقي
الطريقة المحمدية الدسوقية
تعد الطريقة الدسوقية المحمدية إحدى الطرق الصوفية السنية التي تنسب إلى الشيخ إبراهيم الدسوقي، الذي ينتمي إلى مدينة دسوق بشمال مصر، حيث يقيم أهل المدينة سنويا احتفالية دينية بمناسبة مولدي الشيخ إبراهيم، ويقال أن هذا الشيخ تنسب إليه كرامات خارقة للعادة وقد انتشرت طريقته في مصر والسودان إلى جانب العديد من الدول الأخرى التي تؤمن بمبادئ الصوفية، وخرجت من هذه الطريقة، طرق أخرى منها الشهاوية والبرهامية، أما في السودان الطريقة الدسوقية الشاذلية، وفي مصر، الطريقة الدسوقية المحمدية، وشيخ الطريقة الحالي هو «مختار علي محمد الدسوقية، وترصد حكايات مصر الحلوة الشقيانة، اجواء البدع المختلطة بالتراث والفلكلور الشعبي المصري.
القاهرة مدينة الألف مئذنة
حكايات مصر الحلوة الشقيانة
تأخذك العظمة حينما تمر بعينك نحو التراث المصري، ستجد أن كل ركن في شوارعنا يحمل في طياته تاريخا طويلا من الكفاح والنضال والفخر، وتزخر مصر بالمساجد ذات المعمار الهندسي الإسلامي النادر، حتى أن القاهرة قد لقبها الرحالة القدامى بمدينة الألف مئذنة، وقد بدأ إنشاء المساجد في مصر منذ الفتح الإسلامي على يد الخليفة عمرو بن العاص، الذي قام بتأسيس مدينة الفسطاط، وازدهر بناء المساجد في عصر الدولة الفاطمية التي سعت لجعل القاهرة المدينة الأهم والرئيسية في عصرها.
الابتسامة المصرية جمال من نوع أنيق
ابتسامة مصرية
يعرف المصريون بخفة ظلهم وطيبة أصلهم وكرم ضيفاتهم، وليس كرم الضيافة يقتصر على كونه حفاوة استقبال المستضيف في أحد المنازل المصرية، بل هو ابتسامة صغيرة على جبين رقيق، ومهما ثقلت المتاعب على أكتف المصريون تجد يبتسمون حتى في أحلك سواد ظروفنا، كمثل هذا الرجل الذي يرتدي الأزرق ويدب الشيب من لحيته وشاربه، وبشاشة وجهه تخفي لواعج الدهر في عيناه الضاحكتين، مشهد تجسده حكايات مصر الحلوة الشقيانة في لقطة.
مسافرون على درب الزمان
حكايات مصر الحلوة الشقيانة
يتميز الشارع المصري بالبساطة التي تسكن كل زاوية وكل ركن في الطرقات، ستجد ذلك الرجل يحمل قفص العيش على رأسه وهو يسوق دراجته فيلقي التحية على كل من يمر به، يقابله في الجهة الأخرى امرأة تجلس في أحد الأحياء الشعبية تصنع من الشارع مقهى وتبيع المشروبات الساخنة للمواطنين، وتلاحقها امرأة أخرى قادمة من أول الشارع تحمل على رأسها أو في يدها متطلبات بيتها ومشترياتها، لا تعبئ بمن حولها ولا بالزحام الضاجة لكنها تهرول قدما حتى تصل لمنزلها، حكايات مصر الحلوة الشقيانة، صورة واقعية عن الشارع المصري وما يحمله.
ميدان عبدالمنعم رياض
ميدان عبدالمنعم رياض
كان عبدالمنعم رياض قائد عسكري، شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، وفي التاسع من مارس عام 1969م، استشهد القائد العسكري، وعلى خلفية استشهاده قرر محافظ القاهرة آنذاك أن تقيم المحافظة تمثالا له تخليدا لذكراه، وقد أطلق على الميدان الذي يقع عند تقاطع رمسيس وشارع محمود بسيوني، المؤدي لميدان التحرير، اسم ميدان الشهيد عبدالمنعم رياض، ويطل الميدان على المتحف المصري.
مسجد قايتباي
مسجد قايتباي
عرف مسجد قايتباي بهذا الاسم نسبة للسلطان الأشرف أبو النصر قايتباي بعدما قرر بهدم مسجد المقسي، حينما تعرض للتخريب ووقف إقامة الشعائر الدينية به، فأمر السلطان في 1481م، بهدمه وإعادة أصلاحه ومن ثم أطلق عليه هذه الاسم نسبة له، كما أنه مساحته اتسعت، وأسس حوله العديد من الحدائق والعمائر، ولكن المسجد تعرض مرة أخرى للتخريب في 1801م، تأثرا بانفجار مخزن للبارود كان يجاور المسجد، وأثر الحريق على التراث الخشبي للمسجد حتى فقد معظم معالمه الأثرية التراثية.
عتاب الدهر والأحبة.. أي الطرق توصلني بأحبتي؟!
حكايات مصر الحلوة الشقيانة
التقط مراسل بوابتنا صورته في غفلة من صمت النهار، كأنه يعاتب الأيام على عمره الذي ضاع منه سريعا ولم ينعم بحياته، أو خاطرة دقت طبولها على جبينه وهو يحسب لها، العمق والحيرة يملا عينيه، ليس الدهر وحده من يعاتب على هذا الشيب الذي لم يفرق بين سواد شعره وسواد الليل، بل الأحبة هم الآخرين على متن سفينة العتاب، وحده يجلس والهم سويا يقلب في دولاب الذكرى فيجد الراحلون أكثر من الوافدون وهو لازال يمضي بمفرده.
نهر النيل ملتقى العشاق
نهر النيل ليلا
يجلس على ضفاف نهر النيل هؤلاء العاشقين لسماء القاهرة وسحر الليل، يتوافدون إلى حيث الشطأن الصاخبة التي تزخر بالنسائم القاهرية، حيث الأضواء المتراقصة، وأصوات الربابة التي تنبعث من الجوانب القريبة للجالسين، تنظر إلى الليل المظلم في بنت المعز على نيلها، تجده مولعا بالأنوار التي تزين أعين الناظرين في بهجة فريدة من نوعها وحكايات الشباب وأصوات ضحكاتهم تجعل قلبك يغرد صمتا وابتهاجا، حتى تود ألا تعود لمنزلك وتترك هذا الكرنفال الشعبي.