محمود محمد.. صعيدي يحارب بالرسم العادات والتقاليد الخاطئة
الجمعة 19/أكتوبر/2018 - 11:01 م
شيماء اليوسف
طباعة
شاب فلاح من بني سويف نشأ وسط أسرة فنية من الطراز الرفيع، أحب الرسم منذ صغره، لكنه مؤخرا تعرض للهجوم بسبب الحجاب! على الرغم من طابع محافظة بني سويف المحافظ بحسب عادات وتقاليد صعيد مصر إلا أن محمود محمد، شاب متحرر فكريا ومفتح على العالم، ترعرع في بيت يعتبر الرسم ركيزة أساسية في حياة الأسرة فنشا على فطرة الحب لهذا المجال المستقل بذاته.
لوحات محمود محمد
تخرج محمود في إحدى الأكاديميات بالقاهرة وحصل على بكالوريوس، ثم عمل موظف استقبال بأحد البنوك بالقاهرة خلال فترة دراسته، كان يأخذ لوحاته أثناء ذهابه للعمل كنوع من الفخر والاعتزاز أو شكلا من أشكال التميز.
علقت إحدى العميلات الدائمات الذهاب للبنك، وظلت تمازح الرسام حتى انتقدت رسمته، التي وصفتها بالجمال ثم قالت له " جميله بس لو كانت محجبة كانت هتكون احلي" ويقول ل "بوابة المواطن" :" كنت باخد الرسم معايا الشغل كنوع من التباهي بهاء أمام الطبقة البرجوازية العاملة ف البنك ولكي اثبت إن كلمه فلاح مش أهانه وان معظم أدباء مصر كانوا فلاحين".
الحجاب أطاح بأحلام الرسام محمود محمد
لوحات محمود محمد
اندهش محمود من رد فعل المرأة ذات الخمسين عاما، ورأيها في لوحة الرسام محمود التي رسمها للمطربة اللبنانية "فيروز" على الرغم من أن فيروز ليست محجبة من الأساس، ويضيف: " جاءت عميله عندنا من عملاء البنك الدائمين واللي كان ليا كلام معاها وهزار، ست ف سن الخمسين او اكثر ليس اقل، شافت الرسمه بالصدفة، وكانت مبسوطه اني موهوب وكدا، بس قالتلي الملاحظة اللي صدمتني".
الصدمات المتلاحقة وأزمة الفكر الضيق
لوحات محمود محمد
لم تكن هذه الواقعة الأولى من نوعها التي حدثت مع محمود بخوص منطق الحرام والحلال في مجال الرسم، بالرغم من أنه لون إبداعي يخرج فيه الأفراد مكبوتاتهم ويفرغوا طاقاتهم السلبية من خلاله، حتى جاءت له امرأة أخرى من السيدات اللواتي يترددن على البنك بصفة مستمرة، حتى رأت لوحاته هي الأخرى فعلقت عليها قائلة : " أنت موهوب جدا بس بلاش ترسم بشري تاني ارسم ورد أو طبيعة أي حاجه بس بلاش رسم لبشر، علشان حرام".
الأسلاك الشائكة حول موهبة محمود
لوحات محمود محمد
وقعت هذه الكلمات على قلب محمود وقع الصاعقة، ولكنه أصر على الاستمرار في الطريق الذي كلما انقطع عنه عاد له مرة أخرى حيث يقول أنه بدأ الرسم عندما كان يبلغ من العمر ست سنوات، تعلم الرسم على يد أخته الكبرى التي يعتبرها الأب الروحي له في الرسم، وهذه المرحلة العمرية التي عرف فيها أختاه مجال الرسم وأنواعه، موهبة فطرية لم تعتمد على التدريبات الخارجية ولكنها ترتكز على المهارة الذاتية والإبداع الشخصي.
الانصراف عن ممارسة الرسم وأسباب العودة
لوحات محمود محمد
انصرف محمود عن ممارسة الرسم لفترة طويلة وتحديدا خلال المرحلة الثانوية حيث المذاكرة، إلى جانب العديد من الظروف السيئة الأخرى التي حالت بينه وبين الرسم، تغير الوضع بعد دخوله للجامعة وكأنها كانت بمثابة عودة الروح للجسد، وفي محاولة للاعتماد على الذات عمل بذلك البنك الذي واجه فيه الاضطهاد بسبب الحجاب، قبل أن يتم إغلاقه ويضيف: " كنت بعمل حجات بسيطة زي أسعار العملات وورق سحب أموال وستر يونيون".
افتقاد التشجيع والسعي نحو الاستقلال
لوحات محمود محمد
يفتقد محمود التشجيع المجتمعي، والأسري بصرف النظر عن أخته الكبرى التي تتقن وتحترف الرسم، فالمنهج القائم في صعيد مصر لاسيما القرى المتطرفة لا تسعى لتنمية المواهب والقدرات الخاصة، فالمداومة على المذاكرة بالحفظ والذهاب إلى الكتاب لتلقي الدروس الدينية هو الغاية والسبيل لتربية النشئ، وتقتصر الخامات التي يستخدمها محمود في تنفيذ لوحاته على الأقلام الرصاص ونظرا لبعض ظروفه السيئة حاول محمود الاعتماد على نفسه والاستقلال الذاتي ويضيف: " اشتغلت شغلانات كتير، وصلت ساعات العمل ل17ساعه".
لوحات محمود محمد
لوحات محمود محمد