إن المسيحية تهتم في تعاليمها بسلوك " الشباب " وبكل ما يصدر عنه من قول وفعل أو حتى حركات فركزت على إرشاده وكيف يسلك وكيف يكون خلوقًا وقدمت الكنيسة منهجًا ومدرسة فتعددت الفصول في اقتناء الفضائل التي تعتبر أهم الأخلاقيات وأساسيات تعامل المؤمن مع
نفسه ومع " الله " ومع الآخرين، داعمة إيجابيات التعامل، ناهية عن سلبيات التعامل ؛ كما ركزت على احترام الشباب للعلاقة الإنسانية التي تربطه مع غيره، من شأنها جعل الإنسان ينقب عن الفضائل ثم يتمسك بها.
إن الدين ليس ممارسات، وليس شكليات ولا فروضًا بل هو حبًا وعلى ما في قلب الإنسان من حب لله وحب للناس وحب للخير، هكذا يكون جزائه في اليوم الأخر، أي ما بعد الموت والإنسان الذي يعيش بالحب عليه حب الجميع، أن القلب الضيق هو الذي يحب محبيه فقط والقلب الواسع يسع ويحب الجميع حتى أعدائه.
إن المسيحية أكدت على فضيلة المحبة والتي هي أم الفضائل ومدرسة الأخلاق، وقد جاء السيد المسيح إلى العالم لكي ينشر المحبة الباذلة المعطية " محبة الله للناس " ومحبة الناس لبعضهم البعض وقال لرسله: " إن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض " وبهذا فقد علمنا أن نحب الناس ونحب الخير ونطيع الله من أجل محبتنا له ومحبتنا لوصاياه ؛ كما أن قال: " أحبوا أعدائكم، باركوا لأعينكم، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ".
إن طيار المادية زاحف في المجتمعات بلا توقف فيحاول أن يطغى على كل قيم الإنسانية محاولًا هدم كل ما هو نافع على المستوى الشخصي والاجتماعي، فتتكاره الشعوب وتتصارع وتتعصب بوحشية، لكن الشاب الروحي المؤمن الحقيقي، هو الذي ينظر للآخرين نظرة المحب، واضعًا لنفسه هذا الدستور " المحبة تتأنى وترفق، المحبة لا تحسد " إذا المحبة لأبد أن تكون عملية، لا نحب بالكلام أو باللسان بل نحب بالعمل والحق، لأن المحبة التي لا تعبر عن ذاتها عمليًا ليست محبة حقيقية، والمحبة التي لا تحتوي الأخلاق داخلها محبة ناقصة.
يظن البعض أن الحياة مع " الرب " هي مجرد إيمانًا نظريًا، لكن المؤمن الحقيقي هو من ينفذ تعاليم إيمانه، الذي ينادي بمبادئ أخلاقية فلا يوجد دين بدون أخلاقيات، فيتمسك الشباب بإيمانه، حريصا على تطبيق تعاليم دينه، بأخلاقياته ومبادئه التي تحثه على فعل الخير، وعلى الشباب أن يلزم الصدق وينطق بالحق ويكون إنسان عفيف اللسان، يطبق أخلاقيات إيمانه.
إن الشباب ملئ بالسلام، سلام بين الله والإنسان وسلام في أعماق النفس من الداخل وسلام من الله يفوق كل عقل، حتى أن السلام تحية الناس بين بعضهم، فلابد أن نسعى جميعًا نحو السلام، مع كل من نعيش معهم، ويجمعنا بهم وطن أو عشرة أو مجتمع واحد رافضين أعداء السلام ( العنف، الثرثرة، الأنانية، حب الذات، الكراهية ).
إن دور الأسرة في تربية الأبناء هام وقد مدح بولس الرسول، إيمان وسلوك تلميذه " تيموثاوس " والذي يرجع الفضل في ذلك إلى جدته وأمه، كان قدوة لابنهم ومن هنا نحتاج إلى التربية والقدوة العملية وليست الكلامية، " خلقني بحياتك مش بكلامك ليا هذا أفضل جدا لحياتي الأخلاقية " وهذا دور الأسرة والمدرسة والجامعة ودور العبادة.