فيديو | يوميات السوريين في مصر .. تركوا العاصمة واتجهوا إلى الأقاليم
الأحد 09/ديسمبر/2018 - 01:34 م
محمد وجيه
طباعة
أعوام عديدة مرت على اندلاع الحرب والأزمة السورية، عزفت عن مقتل الآلاف من السوريين ونزوح الملايين إلى بلدان العالم، وتركت الحرب السورية آثارها في كل بيت وعائلة، فلم تخلوا عائلة من عائلات سوريا من شهيد أو مصاب، دوامة يعيشها كل فرد كبير أو صغير من أفراد العائلات السورية.
الشعب السوري رفض الموت واختاروا الحياة والتفوق على أزماتهم، فضلوا الفرار من الحرب المشتعلة في سوريا وكانت وجهتهم الأساسية مصر، حيث أقاموا مجتمعهم الخاص بهم وكانت محافظة البحيرة، نصيب من استقبال اللاجئين السوريين، وأصبحت مدينة دمنهور ملاذا ومأوى للعائلات السورية الذين لجأوا إليها وعاشوا فيها، حيث أقدم العديد من اللاجئين السوريين من أصحاب المهن المختلفة علي تأسيس مشاريع صغيرة وكبيرة في مدينة دمنهور، حيث شغلت هذه المشاريع عددا من السوريين وكان لها طابعها الخاص فتركت أثرا إيجابيا عند المواطن البحراوي.
رصدت " بوابة المواطن "، عدد من الأشخاص السوريين النازحين إلى مصر، والذي أقاموا في مدينة دمنهور محافظة البحيرة.
محمد فايز الخراط " أبو نادر " كما يحب أن يناديه جيرانه في محل سكنة، رجل سوري من ريف دمشق في الستينات من عمره، اختار مصر وطنا ثانيا له بعد أن أدمته جراح وطنه الأم، ليس تهجيرا قسريا وإنما لجاء اختياريا لأرض اعتبرا إقامته فيها بمثابة البلسم لجراحهم وآلامه وأحزانه.
في بداية يقول " أبو نادر ": "كنت اعيش بريف دمشق بسوريا واعمل مهندس زراعي في مديرية زراعة دمشق متزوج ولي ثلاثة بنات متزوجين ولي سبعة أحفاد، جميعنا نقيم بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، فبعد الأحداث والأزمة السورية خرجت أنا وعائلتي من دمشق عام 2013 نتيجةقصف احدى الفصائل لقريتي الصغيرة في ريف دمشق.
ويضيف " أبو نادر " قررت مغادرة دمشق عن طريق مطار بيروت إلى مطار القاهرة، وأقمت بمدينة جناكليس بأبو المطامير بجوار أحد أقاربي من اللاجئين السوريين، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مدينة دمنهور، واستأجرت شقة وبها أولادي وأحفادي، فبعد خروجي من سوريا، تم تسجيلنا بمفوضية اللاجئين السوريين، واستقبلنا الحكومة المصرية بترحاب شديد، واعيش هنا بمدينة دمنهور وسط أهلي ووطني الثاني مصر.
ويستطرد " أبو نادر"، ويقول تقطن معي إحدى بناتي، وتدعى " إيمان "37 سنة متزوجة ولها ثلاثة أطفال أكبرهم بالصف الأول الإعدادي بمدرسة الشهيد أحمد عفت بدمنهور، فقدت زوجها أثناء القصف الجوي على ريف دمشق، وتيتم أطفالها في سن صغير وأنا الآن أقوم بدورالأب لأطفالها.
ويصف " أبو نادر " أن أحفادي بالمدارس المصرية يعاملون معاملة كريمة ولا توجد تفرقة بينهم وبين المصريين، حيث يلتحق الأطفال والشباب السوريون بالمدارس والجامعات المصرية الحكومية، والخاصة دون تعقيد، فالمدارس والجامعات تقبل الطلبة السوريين بمجرد تأكد الإدارة التعليمية وإدارة الجامعة من أن الطالب سوري.
ويتابع " أبو نادر ": إننا تم تسجيلنا بمفوضية اللاجئين السوريين بعد دخولنا مصر بثلاثة شهور، وتتكفل مفوضية اللاجئين بفرعها بالاسكندرية، بالخدمات الطبية للسوريين بنسبة 100 في المئة، تغطي احتياجاتنا من الغذاء في حدود 200 جنيه مصريا شهريًا للفرد من خلال صرف قسيمة شراء مواد غذائية من سوبر ماركت مصري معروف، ولكن الاستفادة من تلك الخدمات تتوقف على استخراج البطاقة الصفراء للاجئين من اللجنة، وهو ما يستدعي الانتظار ليوم عمل كامل في طوابير طويلة للحصول عليها مثلما هو الحال بالنسبة للحصول على القسيمة الشهرية للغذاء.
ويتمنى " أبو نادر " أن تقوم المفوضية السامية للاجئين بافتتاح مقر لها في محافظة البحيرة ليخفف عني وعن كثير من العائلات السورية عناء السفر إلى محافظة الاسكندرية.
وفي جولتها بمدينة دمنهور التقت " بوابة المواطن "، شاب في الثلاثين من عمره يتحرك الرجل بخفة ونشاط في مطعمة يدور بين الزبائن ليتأكدأنهم لا ينقصهم أي شئ يدخل المطبخ ليشرف على الطعام بنفسه، ثم يخرج مسرعا ليشرف على تنظيف واجهة مطعمه الصغير، إنه محمود كان صاحب مطعم كبير في حلب، فجأة وجد نفسه مضطرا لظروف الحرب والأزمة السورية أن يترك هذ ويرحل ويدخل الي مصر ويقتن بمدينة دمنهور محافظة البحيرة مصطحبا معة لسرعة المكونة من سبعة أفراد.
"الأصدقاء في الغربة وطن"، هكذا بدأ محمود حديثة أكملت عامي الثلاثين هذا العام، متزوج ولي ستة أبناء عشت حياة مستقرة، وكنت صاحب محل للاكلات السورية بمدينة حلب، وكان وضعي المالي والاجتماعي مستقر بل انه كان ممتازا ولكن بعد الثورة السورية وما صاحبها من أحداث عنف جعلت إقامتي في دمشق شبه مستحيلة، فكان قرار الرحيل عام 2013 إلى الرياض ومنها إلى مصر ومدينة دمنهور، وكنت امتلك بعض المال وصنعة ورثتها عن والدي و برغبة حقيقية في الصمود والنجاح وبنظرة سريعة علي السوق المصري، تجعلك تدرك أن المطعم السوري هو المجال الأنسب للعمل به.
ويضيف "محمود" تعرفت على اصدقاء بمدينة دمنهور، وكانوا اصدقاء اوفياء قاموا بمساعدتي بالبحث عن مكان لإقامة مطعم به وبالفعل وجدنا المكان وقمت تجهيزه بالمعدات والأدوات واستقدام عمالة مصرية وسورية ونجحت في افتتاح المحل وها أنا أبدأ من جديد كما بدأت أول مرة منذ20 عاما في مدينة حلب بسوريا.
ويستطرد "محمود" أرفض الحديث في السياسة وعن ما خسرته في سوريا فكل ما يشغل بالنا هو النظر إلى الأمام، وافتتاح فرع اخري لمطعمي، والحمد لله اولادي جميعهم بالمدارس بالصفوف المختلفة بمدينة دمنهور واعمل علي توفير سبل الراحة لهم فانا الان مواطن مصري واحصل على كل حقوقي في مصر.
وعلي الجانب الآخر التقت "بوابة المواطن" بشباب سوري في الثلاثينيات من عمره يلقبه أصحابه "محمد "، يعمل طاهي بمطعم بشارع عبد السلام الشاذلي بدمنهور.
يقول" محمد " بعد الأزمة السورية فضلت الإقامة في بلدي الثاني مصر، أنا وأسرتي التي تتكون من أربع أفراد، ولكن تصريح الإقامة بمصر من الأمور شبه المستحيلة، وسبق أن ذهبنا إلى الجهات الرسمية لاستخراج التصريح ولكن دون جدوى، ونتحايل على الأمر بالسكن والعمل في المدن الجديدة ونخرج منها إلى قلب العاصمة في أضيق الحدود.
ويطالب " محمد " المسؤولين مراعاة الظروف المحيطة بالعائلات السورية وتسهيل الحصول على الإقامة في مصر.
هكذا يعيش اللاجئون السوريون في محافظة البحيرة، و يتعايشون مع أزمتهم التي حلت عليهم وأجبرتهم على ترك ديارهم على أمل العودة مرةأخرى إلى سوريا.