كثيرة هي الرسائل التي تضمنها معرض الدفاع الأول الذي استضافته مصر على مدار أيامه الثلاثة ، والتي تدور حول "سلام القوة"، القائم على تطبيق عملي لنظرية الردع في العلوم العسكرية، وهو ما عبرت عنه كلمات الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي في افتتاح المعرض، وهو ما جسده الفيلم التسجيلي البارع الذي أنتجته إدارة الشؤون المعنوية تحت عنوان" مصر.. القوة والسلام"، فلا معنى للسلام بدون قوة تحميه، وتردع اي من تسول له نفسه الاعتداء ذرة من ترابنا الوطني، أو تهديد مصالحنا ومقدرات شعبنا المصري العظيم.
هذا الحدث الضخم الذي يمثل مصدر فخر لكل مصري، لم تفلح معه محاولات الإعلام المعادي المعتادة، فكل المقاييس العسكرية والتجارية والإعلامية أكدت نجاح هذا الحدث العالمي بكل المقاييس الذي اختتم بتوقيع صفقات وشركات تضاف لجملة النجاحات العسكرية النوعية، التي شكلت تحديث تسليح القوات المسلحة خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل، بصفقات حققت مبدأ تنويع مصادر التسليح، وعدم رهن انظمتنا العسكرية لمدرسة عسكرية بعينها سواء كانت غربية أو شرقية.
لقد كان هذا المعرض العالمي الناجح الذي استضافته مصر، منصة لتبادل الخبرات والتقنيات العسكرية، حيث ولد عملاقا في نسخته الأولى، وكان ساحة لاستعراض مصر لقوتها ومكانتها الاستراتيجية، ومتانة تحالفاتها وعلاقاتها الاستراتيجية على المستويين الإقليمي والدولي، بل كان بمثابة إعادة تقديم مصر للعالم كدولة حديثة ورائدة، لا تنفصل عن جذورها، ولا تستغل قوتها لتهديد جيرانها أو السعي للهيمنة عليهم، بل تملك مفاتيح وأسرار القوة لحماية السلام.
إن استضافة مصر لهذا الملتقى العسكري العالمي، جاء كإحدى ثمار تحديث مصر لقدراتها العسكرية وإعادة تنشيطها لتحالفاتها الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي، فقد شاركت مصر استضافت خلال الشهور الماضية كبريات التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة مع مختلف دول العالم، مثل التدريب العسكري درع العرب 1 والتي شاركت بها الدول العربية الرئيسية والفاعلة، فضلا عن مناورات النجم الساطع مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث استضافت قاعدة محمد نجيب العسكرية تلك التدريبات، حيث تعد أكبر قاعدة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
لقد احاطتني كل هذه المعاني بمشاعر الفخر الوطني خلال تفقد المعرض على مدار أيام انعقاده، وهي نفس المشاعر التي رأيتها في عيون شباب الكليات العسكرية والجامعات المصرية وبرنامج رئاسة الجمهورية لتأهيل الشباب للقيادة، وهم يتوافدون على المعرض، ويشاهدون عظمة العسكرية المصرية ومكانة مصر، وسط حماس منقطع النظير ألهبه عزف فرق الموسيقات العسكرية التي تزينت بالزي الفرعوني، فكانت عنصرا أساسيا مكملا لجماليات المعرض، الذي شهد الجميع بنجاحه الباهر.
إن ثقة 376 شركة مشاركة من مختلف أنحاء العالم في فعالية تعقد للمرة الأولى، لهي شهادة تعكس إيمان المجتمع الدولي بمكانة مصر وقدراتها، ولعل الإعلان عن تنظيم النسخة الثانية من المعرض في العام 2020، يؤكد نجاح هذا الحدث التاريخي، وتأكيد على رغبة مصر في الاستفادة من خبراتها المتراكمة في هذا المجال، ليتبوأ معرض الدفاع المصري مكانة عالمية يستحقها وسط معارض الدفاع الدولية، وينافس على صدارتها في المستقبل القريب.