حدث داخل الأندلس .. المسلمون تنافسوا مع المسيحيين في الاحتفال بعيد الميلاد
الثلاثاء 01/يناير/2019 - 08:00 ص
وسيم عفيفي
طباعة
رغم التضليل التاريخي لأحداث فيلم المصير الذي أخرجه يوسف شاهين، لكنه أغفل جانبا عن ما حدث داخل الأندلس حيث الاحتفال بعيد الميلاد والذي تسبب في صراع فكري ديني بين المسلمين وبعضهم في الاحتفال بميلاد المسيح، ورغم التشدد القائم الآن لكن كانت الدنيا قديما أكثر لطفاً من هذه الأزمان.
إطلالة على ما حدث داخل الأندلس
إطلالة على ما حدث داخل الأندلس
كنيسة في الأندلس على الطراز العربي
تميز مجتمع الأندلس بالتعددية، فكان هناك مسلمون عرب وبربر ويهود ومسيحيون وأندلسيون أصليون، وأدى هذا التعدد إلى تمازج بين كل الطوائف حتى في عقائدهم الاحتفالية.
رد فعل علماء المسلمين .. فتوى وقرار غريب
وحدت رأس السنة الميلادية المسلمين والمسيحين في الاحتفال ويحكي المؤرخ بن قزمان الزجال مظاهر الاحتفال فيؤكد أنها كانت فارهة وفي بذخ كبير أما الفقيه المالكي أبو القاسم العزفي يتهم نساء المسلمين في ذلك حيث قال "من أهم أسباب الاحتفال بتلك الأعياد مطاوعة الرجال للنساء على الاستعداد لها والتفخيم لشأنها".
رد فعل علماء المسلمين .. فتوى وقرار غريب
كنيسة في الأندلس على الطراز العربي
غضب بعض علماء المسلمين من المشاركة في تلك الأعياد مستدلين بحديث "من تشبه بقوم فهو منهم"، ووصل الأمر إلى تكفير من يشارك في تلك الاحتفالات بينما البعض الآخر يرى أنهم مسلمون لكن لا تقبل صلاتهم.
أغرب قرار اتخذه عالم مسلم هو أن يكون الاحتفال المولد النبوي إجباريا حيث أطلق أبو القاسم العزفي دعوة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ورآه أولى بالاحتفال من هذه الأعياد.
رأي الدين الآن في الاحتفال بميلاد المسيح
دار الإفتاء المصرية
أعادت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها على "فيس بوك" فتوى "هل يجوز احتفال المسلمين مع المسيحيين وتهنئتهم فى رأس السنة الميلادية؟"، وأجابت: المسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويفرحون بأيام ولادتهم، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورا ورحمة، فإنها من أكبر نعم الله تعالى على البشر، والأيام التى ولد فيها الأنبياء والرسل أيام سلام على العالمين، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك؛ فقال عن سيدنا يحيى: ﴿وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا﴾، وقال عن سيدنا عيسى:﴿والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا﴾، وقال تعالى: ﴿سلام على نوح فى العالمين﴾، وقال تعالى: ﴿سلام على إبراهيم﴾، ثم قال تعالى:﴿سلام على موسى وهارون﴾، إلى أن قال تعالى:﴿وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين﴾ .
وتابعت: فإذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى على إرسالهم، والاحتفال والاحتفاء بهم؛ كل ذلك مشروع، بل هو من أنواع القرب التى يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل النبى صلى الله عليه وآله وسلم بيوم نجاة سيدنا موسى من فرعون بالصيام؛ فروى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوما - يعنى: عاشوراء -، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال: "أنا أولى بموسى منهم" فصامه وأمر بصيامه. فلم يعد هذا الاشتراك فى الاحتفال بنجاة سيدنا موسى اشتراكا فى عقائد اليهود المخالفة لعقيدة الإسلام.
وبناءً عليه: فاحتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح من حيث هو: أمر مشروع لا حرمة فيه؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أن فيه تأسيا بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم القائل فى حقه: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم فى الدنيا والآخرة، ليس بينى وبينه نبى".
وأضافت: هذا عن احتفال المسلمين بهذه الذكرى، أما تهنئة غير المسلمين من المواطنين الذين يعايشهم المسلم بما يحتفلون به؛ سواء فى هذه المناسبة أو فى غيرها؛ فلا مانع منها شرعًا، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلمين صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونهم التهنئة فى أعيادهم الإسلامية؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾، وليس فى ذلك إقرار لهم على شىء من عقائدهم التى يخالفون فيها عقيدة الإسلام، بل هى من البر والإقساط الذى يحبه الله؛ قال تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين﴾، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبرهم، وصلتهم، وإهداءهم، وقبول الهدية منهم، والإحسان إليهم بوجه عام؛ كل هذا مستحب شرعًا؛ يقول الإمام القرطبى فى "أحكام القرآن" : قوله تعالى: ﴿أن تبروهم﴾ - أى لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم - ﴿وتقسطوا إليهم﴾ أى تعطوهم قسطًا من أموالكم على وجه الصلة.