تحل علينا اليوم الذكرى الأربعين ليوم الأرض، ففي الثلاثين من آذار من العام 1976، هب الشعب الفلسطيني في جميع المدن والقرى والتجمعات العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 ضد الاحتلال الإسرائيلي، واتخذت الهبة الشعبية الفلسطينية شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية عارمة، أعملت خلالها قوات الاحتلال قتلاً وإرهاباً بالفلسطينيين، مما أدى إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين، هذا إضافة لمئات الجرحى والمصابين واعتقال الآلاف.
وكان السبب المباشر لهبة يوم الأرض هو قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة نحو 21 ألف دونما من أراضي “عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد” وغيرها لتخصيصها للمستوطنات الإسرائيلية في سياق مخطط تهويد الجليل.
إذ أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وفي سياق ممارساتها العنصرية المتمثلة بمصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، دمرت حوالي 418 قرية عربية بما فيها من مساكن ومساجد وكنائس ومعالم تاريخية تدميراً كاملاً، ومنعت أهلها من العودة إليها، وما يزال أهلها والذين يبلغ تعدادهم أكثر من ثلاثمائة ألف نسمة لاجئين في بلادهم داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
سيبقى يوم الأرض يوم وطني يحييه الشعب الفلسطيني كل عام في ذكراه تعبيراً عن تمسكه بأرضه واستعداده لتقديم التضحيات دفاعاً عنها، وفي مواجهة المشروع الإسرائيلي القائم على السيطرة على الأرض الفلسطينية وتهويدها، والتنكر لحقوقه المشروعة والتي أكدتها المواثيق والقوانين الدولية، مناضلاً من أجل هذه الحقوق في وجه السياسات والممارسات العنصرية الإسرائيلية وأهدافها.
وتأتي هذه المناسبة في وقت يتزايد فيه النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، فضلاً عن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ، وعملية التطهير العرقي الجارية في القدس وفصلها عن بقية أراضي الضفة الغربية المحتلة، واستمرار الحفريات تحت المسجد الأقصى، كما تأتي في وقت تشتد فيه حملات المصادرة والاقتلاع وهدم البيوت التي تصعدها الحكومة الإسرائيلية ضد الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل والتي تترافق مع تزايد التشريعات العنصرية المعادية لهم.
وإذ توجه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تحية إعزاز للنضال البطولي للشعب الفلسطيني في كل مكان لتمسكه بأرضه وتشبثه بها، وما قدمه من تضحيات جسام وشهداء وجرحى وأسرى في سبيل وطنه وأرضه دفاعاً عن حقوقه المشروعة وهويته الراسخة، تطالب المجتمع الدولي وخاصةً الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية ذات الصلة كشف الممارسات العنصرية للحكومة الإسرائيلية، واستهدافها للهوية والأرض والحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني عام 1948 والتضامن مع نضالهم المشروع.
كما تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) لإنهاء احتلالها العسكري والاستيطاني للأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوقف عن ممارساتها التي تدمر الجهود السلمية المبذولة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والتي تؤدي إلى فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض، مما يهدد السلم والاستقرار في المنطقة والعالم، فلا سلام من دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.