يأتي الثامن من شهر مارس كل عام ليعلن الجميع احتفاله باليوم العالمي للمرأة، ولكني أتعجب ممن يحتفلون بالمرأة في يوم واحد من كل عام!
فكيف نحتفل بها يوما واحدا وهى السبب الرئيسي لكل احتفال ونجاح نحققه كل يوم؟ لم أعهد صديقا أو زميلا نجاحا في مجال عمله إلا وأرجع السبب في ذلك لامرأة تدعمه، أمه كانت أو زوجته وربما اخته.
حالات لا نستطيع إحصائها من سيدات حققن انجازات يعجز عنها الرجال في بعض الأحيان، فكم من امرأة مات عنها زوجها وترك لها أبناء وتمكنت من التغلب على مصاعب الحياة لتخرج بهم للمجتمع وهم نماذج مشرفة بل وأصحاب مناصب قيادية ومهن سامية؟
كم من امرأة تحملت مشقة العمل وعناء التحدي وسخافات المجتمع من أجل كسب عيش كريم يضمن لها ولصغارها حياة كريمة؟
عجبا لمن يحتفل بيوم عالمي للمرأة يأتي كل عام، وهن السبب الرئيسي والداعم الأصيل لكل نجاحات وإنجازات نحققها كل يوم؟!
بل وصل بهن الأمر لمواجهة الإرهاب والتطرف، فما زالت صورة "الست حلاوتهم" المصابة في حادثة تفجير الدرب الأحمر منذ أسابيع عالقة في ذهني، امرأة في عقدها الرابع وعادة من عملها الذي تكتسب منه قوت يومها وحاجة أبناءها فتجد عبوة ناسفة في انتظارها لتنقل على أثر إصابتها للمستشفى، ولكن المدهش موقفها بعد أن فاقت فكان أول ما سألت عنه هو أبنائها!، نعم أبنائها فبرغم جراح جسدها وكسور عظامها إلا أن أبنائها هم أول ما جاء في ذهنها وأظنهم لم يغيبوا عن بالها للحظة.
وسيدة أخرى من سكان الدرب الأحمر تضررت من الموجة الانفجارية الناتجة عن التفجير الإرهابي، فتهدم محلها الصغير الذي كانت تنفق منه على أسرة بأكملها وأب طريح الفراش لا يقدر على العمل، وحينما سألها أحد زملائي الصحفيين عن ما تحتاج إليه، كان ردها في غاية الزهد فقط طلبت فرصة عمل توفر حياة كريمة لأسرتها، فلم تطلب مالا أو سكنا أو شيئا لنفسها، ولكنها طلبت العيش الكريم لأسرتها.
وغيرها من المواقف التي تؤكد كل يوم على قيمة المرأة في المجتمع، وتكذب المقولة الشائعة بأن المرأة نصف المجتمع، وتثبت أن المرأة هي المجتمع، وصدق فيها قول الشاعر "الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعب طيب الأعراق"، فالأم هنا هي المرأة بشكل عام، هي الأم الحنونة والزوجة المخلصة والأخت الداعمة والصديقة الوفية، فلولهن ما كن نحن.
فالمرأة هي الكائن البشري الوحيد الذي يعطي ولا ينتظر مقابل العطاء، جوادة دائما وحنانها هو الغذاء الذي تستقيم به أرواحنا نحن الرجال، فلولهن لكانت الحياة عابثة لا طعم لها ولا معني وإن كانت.
وفي ختام كلمتي لا يسعني سوى التقدم بأسمى آيات الحب والمودة لكل امرأة صادفتها في حياتي، لأمي لأختي لزوجتي المستقبلية لأساتذتي ومعلماتي ولكل من لها فضل علىّ، كل عام وأنتن شموعا تضيء لنا الطريق.