انتقل يوميا بين وسائل مواصلات عديدة، بحكم بُعد المسافة بين منزلي في القليوبية ومكان عملي في شارع مراد بالجيزة، مسافات طويلة لكن للأحلام والطموح ضريبة، لابد من دفعها، ولأني صحفية، وحكم مهنتي يحكم عليا الفضول والاستماع الجيد لأحاديث الناس، حتى تعمل قرون الاستشعار لدي، ربما استخرج من تلك الأحاديث موضوعات نناقشها وننحللها، لنقف على رؤى عامة الناس.
جلست بجواري في أحد حافلات النقل العام«سيدة»، على ما اعتقد أنها تبلغ 50 عامًا، يبدو على وجهها الشقى والإرهاق .
تساءلت ماذا تفكر!! ... هل تفكر في مستقبل أبنائها أم تفكر في الوجبة الدسمة التي تريد صنعها لصغارها .. احتارت كثيرًا حقًا!
أكلني الفضول وبت أفكر في نفس النقطة التي تفكر فيها تلك السيدة.
«هعمل أكل العيال إيه الوقت أتاخر»!
«هدفع فلوس الدروس منين»!
«يارب بعد التعب ده تسترها معانا»!
«لم أعلم ما الذي تفكر فيه ولكن بالتأكيد واحدة من هذه الأشياء التي جاءت في ذهني».. تباااااا! .
اقتربت منها ولكن للأسف توقف «الأتوبيس» وتفكير لازال مستمر..
في بعض الأحيان لم نحتاج أن نروي مانعاني به، نكتفي فقط بأن يكون هناك شخص واحد فقط ينظر إلى أعيننا حتى يفهم الكثير من الأحاديث التي تدور داخل رأسنا.
مثلًا فهناك سيدة أخرى كانت في محطة مترو الأنفاق وكان معها ثلاث فتيات ومن الواضح أنهم بناتها، وبطبيعة الحال أنا يُجذبني أن أري كيف تتعامل الأمهات مع أبنائهم لأن الحياة جعلت من الأمهات في وقتنا الحالي «معلمات قاسيات» وأنا تربيت على غير ذلك، أمي الله يبارك في عمرها تتعامل معنا كصديقه وتفعل كل شئ من أجلنا.
ولنعود لحكاية الأم وبناتها، هي كانت تعاملهم بخاف شديد وحب أكبر، وعلى ما أذكر كان الحديث عن معهم عن إحدي أصدقاء بنتها:
البنت: «أنا يا ماما قولتها عادي ممكن تحكي لمامتك وأنك علمتنا نكون أصحابك، بس هي قالتلي ياريت مامتك ماما».
ابتسمت الأم ووضعت يداها على ابنتها «طبطبت عليها» ثم نظرت لي، ولاحظت أني أتابع الحديث بشدة ثم التفتت لبناتها قائلة:
«شكلها حراميه خلي بالكم»
بناتها: «لا شكلها بنت ناس»
الأم: «عادي الدنيا بقت غريبه بتحصل عادي».
ثم وجهت الحديث لي: «لو مش نازله تعالي هنا».
فضحكت وقلت في نفسي: «تبا لصحافه» .