يومًا بعد يوم يُلاحظ الإنسان مدى اقتحام التكنولوجيا لملامح حياته التقليدية وعادته التي كانت لها لذة لا تعوضها شيء، فقد تغيرت تلقائيًا نظرته للأشياء وطريقة تعامله معاها، ولعل أقرب ما يُوضح هذا له والذي بات مجهولًا لدى الكثيرين هو قراءة الكتب التي طالتها التكنولوجيا باستحداث وسائل جديدة للقراءة تُعيد تشكيل علاقة القارئ بالكتاب إذا لم يُكن عزف عنها. 

وبالنظر إلى الأطفال فنجد من الصعب جعل الطفل أن يمسك كتابًا فقد أصبح «اليوتيوب» والتطبيقات والألعاب الإلكترونية في الهواتف الذكية من العادات المفضلة لديهم يوميًا، رغم أن كتب الأطفال أصبحت مُلفته لجذب أعينهم للقراءة إلا إن التطور التكنولوجي يُنافسها بشدة.

ومع كل هذا لابد أن يستعيد الإنسان مكانة القراءة ويحرص على مواظبتها، نظرًا لأهميتها وفوائدها المتعددة للعقل والذاكرة، والتي سنذكرها في السطور التالية وفقًا لموقع «Health line». 

أثبتت العديد من الأبحاث، أن القراءة تُغير عقل الإنسان بشكل كبير فهي تزيد من نشاط قشرة الدماغ الأيسر المسؤول عن اللغة، وتُحفز العديد من وظائف الدماغ، بما في ذلك العمليات البصرية والسمعية والطلاقة والفهم. 

كما أن قراءة القصص والروايات تزيد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية، مما يُعزز بدوره التواصل مع الآخرين والقدرة على فهمهم، وتضيف أيضًا العديد من المعلومات والأفكار التي تجعل الإنسان يتحدث بلباقة، وهو ما يزيد ثقة الإنسان بنفسه ويعزز مكانته وسط الأشخاص. 

وتساعد القراءة أيضًا على زيادة المهارات الحياتية المختلفة والقدرة على الحكم على الأمور وحل المشكلات كلما واظب الإنسان عليها بشكل مستمر، فضلًا على أنها تُزيد من نسبة ذكائه.  

أثبتت دراسة أجريت في عام 2009، أن القراءة لها تأثير مميز للتقليل من الإجهاد، حيث أوضحت أن القراءة لمدة 30 دقيقة متواصلة تُساعد على التقليل من ضغط الدم المرتفع وانتظام ضربات القلب، ويؤكد الباحثون أن القراءة لها نفس تأثير تمارين اليوجا للتقليل من الإجهاد. 

 

تُساعد القراءة بشكل يومي على التقليل من حدة التوتر والاحباط الذي يشعر به الإنسان خلال اليوم، بالإضافة إلى أنها تجعله إيجابيًا وتزيد من عدم استسلامه للأمور الحياتية المختلفة والقدرة على مواجهتها. 

كما أنها تُعد من أهم الأشياء التي تزيد من قدرة الإنسان على التخيل، وذلك لأنها تؤثر على الصدغ الأيسر من الدماغ وهي المنطقة الخاصة باللغة والإحساس لدى الإنسان، مما يساعد على التخيل والابتكار والإبداع.

 

يُعاني الكثير من الأشخاص من الأرق واضطرابات النوم والتي تكون نتيجة لبعض العادات الخاطئة أبرزها الجلوس أمام الهواتف الذكية أو تناول طعام غير صحي، ويمكن تبديل ذلك بعادة صحية وهي القراءة التي تساعد على هدوء العقل والشعور بالاسترخاء والتخلص من التوتر والأرق.  

أكد العديد من العلماء والباحثين، أن القراءة في عمر مبكر تجعل الإنسان يتحصن بكافة فوائد القراءة التي ذكرت سابقًا، بالإضافة للعديد من الفوائد الأخرى التي تخص الأطفال. 

في السنيين الأولى من عمر الطفل يجب أن يستمع لقراءة أبويه بعض القصص البسيطة ذات الكلمات المنطوقة والواضحة فهذا سوف يُغذي عقله ويساعده على التحدث سريعًا. 

كما أن مشاركة الطفل في قراءة كتاب أو قصة سوف يُعزز الروابط بينهما، وينمي عقل الطفل ويساعده في التعرف على العديد من السلوكيات الصحيحة وزيادة قدرته على التفكير والفهم، فضلًا عن توسيع الخيال لديهم وزيادة قدرتهم على الإبداع. 

وتضمن للطفل أيضًا القدرة على القراءة الجيدة في المدرسة وزيادة نسبة تحصيل المعلومات، ومع تقدم عمر الطفل سوف تتطور دماغه سريعًا، وستزداد قدرته على التركيز والانتباه وحل مشكلاته مما يُجعله أكثر تميزاً.