"بلاد العرب أوطاني.. وكل العرب إخواني" اقتباس من قصيدة التأشيرة للشاعر هشام الجخ، وهو أكثر ما يعبر عن ما شَهِدناه من الشعوب العربية في مونديال قطر 2022 من دعم وتشجيع للمنتخب المغربي بعد خروج المنتخبات العربية الأخرى التي تأهلت لكأس العالم كتونس وقطر والسعودية.
حيث رأينا تأهب جماهير بلادنا لمباريات المنتخبات العربية وتشجيعهم، حيث فَضَّلوا وضع جميع الخلافات والنزاعات السياسية بين البلدان جانبًا وآثروا وحدتهم في حدث مهم كهذا.
ومع اقتراب أسود الأطلس من النهائيات حلمت الجماهير العربية بفوزهم وحصولهم على كأس العالم، رافعين شعار "ديما مغرب" والذي كان من شأنه رفع همة المنتخب المغربي ولكن لم يحالفهم الحظ وذلك لا ينكر جهدهم الرائع حيث حققوا المركز الرابع على مستوى العالم.
تزامنًا مع ذلك حرصت الجماهير المغربية على ارتداء العلم الفلسطيني بجانب العلم المغربي دعمًا للقضية الفلسطينية التي يؤمنون بها، وتأكيدًا على حق إخوانهم الفلسطينين في حياة آمنة داخل بلادهم.
فإذا نظرنا إلى كل ما ذكرناه نرى أنه إنتماءًا قوميًا بكل المقاييس بين البلدان العربية، فبالرغم من بُعد المسافات الجغرافية ووجود الحدود بينهم إلا أنهم لم يتخلوا عن قوميتهم وعروبتهم التي يفخرون بها.
وكما بدا هذا الانتماء القومي بين الشعوب العربية في مثل هذه اللحظات السعيدة كمونديال كأس العالم، كذا في الأحداث الحزينة أو المأساوية كبعض الأحداث التي مرت بها بلادنا العربية في الآونة الأخيرة مثل انفجار مرفأ بيروت الذي حدث في ٤ أغسطس 2020 والذي أسفر عن 224 قتيل و6 آلاف جريح.
وتسبب الانفجار حينها في الإضرار بمعظم أحياء العاصمة وعدد كبير من البنايات السكنية وتشريد مايقرب من 300 ألف شخص باتوا بلا مأوى بعد الدمار الذي حدث، مما دفع معظم الدول العربية بتقديم شتى المساعدات كالمواد الطبية والغذائية والإمداد بطواقم طبية وفرق إنقاذ وغيرها.
ناهيك عن حالة الغليان التي تحدث للشعوب العربية عند أي اعتداء من القوات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية أو الهجمات الممنهجة على قطاع غزة، والتي كان أبرزها الاعتداء على حي الشيخ جراح في شهر رمضان عام 1442ه.
حيث قام المستوطنون حينها بالاستيلاء على بعض المنازل وتهجير عدد من المواطنين الفلسطينيين، بزعم أنه يوجد حكم قضائي صادر عام 1987 يقر بأحقية المؤسسات الإسرائيلية في هذا الحي، مما أدى إلى اندلاع مواجهات شديدة وتبادل إطلاق للصواريخ دام 11يومًا.
حينها لم تهدأ الشعوب العربية وظلت تعرف بالقضية الفلسطينية بجميع لغات العالم لمحاولة تعريف الغرب بما يحدث في فلسطين، كما دشنوا العديد من الهاشتاجات (أنقذوا حي الشيخ جراح، فلسطين حرة)، مما أدى إلى تفاعل العديد من المشاهير العالميين كنتالي بورتمان ممثلة هوليوود المعروفة ومنتجة الأفلام والتي تحمل الجنسية الإسرائيلية والأمريكية وكذلك مايكل مالاركي الممثل والمغني الأمريكي - البريطاني وغيرهم.
وكذلك التعاطف الشديد الذي عم الشعوب العربية عند سقوط الطفل المغربي ريان الذي كان يبلغ من العمر خمس سنوات، والذي سقط في بئر يصل عمقه 32 متر، أثناء اللعب حوله في بلدة تمروت، وذلك في 1 فبراير 2022.
بل ظلت الشعوب العربية أجمع تتابع آخر أخبار الطفل أول بأول ومشاهدة اللقطات والصور لمحاولات الإنقاذ التي تم نشرها من قِبل القنوات التلفزيونية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و الدعاء له وتدشين هاشتاج ( أنقذوا الطفل ريان)، فضلًا عن حالة الحزن العارمة التي سادت وسائل التواصل فور معرفة أن الطفل ريان قد وافته المنية بعد محاولات للإنقاذ دامت 5 أيامٍ و4 ليالٍ.
ويمكن القول أن من خلال هذه الأحداث قد أجمعت الشعوب العربية على الانتماء القومي قولًا وفعلًا، مع عدم الانسياق وراء النزاعات التي قد تؤدي إلى تفكك الوحدة المتكاملة بين البلدان.