«أنا الحق أنا الله».. قالها ليتم تصليبه حيًا ثم قتله بتهمة الكفر والزندقة وتم التمثيل بجثمانه، اختلف حوله العلماء والمؤخرين ورجال الدين والباحثين منهم من دافع عنه وقال أن أقوله ما هى إلا ضرب بالمثل في العشق الإلهائي، بينما قال الآخرين أنها تحمل معاني الكفر، وأختلفوا أيضًا حول أصله أهو عربي الأصل أم فارسي، ليبقى الجدل دائرًا حوله حتى بعد وفاته بأكثر من 1000 سنة، إنه أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج.

من هو الحسين بن منصور الحلاج؟


ليطلب «الحلاج» منه أن يذهب إلى منزله لتأدية طلبه، ويقوم هو بحلج القطن مكانه في محاله، بينما يرى آخرين أن السبب في التسمية يعود لوالده الذي كان يعلم حلاجًا في القطن.

وصفه المؤرخين بالمتلون، حيث كان يجلس مع أهل السُنة ويشعرهم بأنه واحدًا منهم، ويجلس مع الصوفين ويشعرهم بهذا أيضًا وغيرهم، هذا بخلاف تلونه الاجتماعي، فكان يجلس مع الفقيرة ويرتدي أبسط ما عنده، وعندما يجلس مع الأغنياء ويرتدي أفخم ما عنده، ليتمكن من استقطاب أكبر عدد من مريدون.

تتلمذ «الحلاج» على يد أعلام الصوفية أبرزهم الجنيد وسهل التستري وغيرهم، ثم أصبح له هو نفسه مع مرور الأيام مريدون كثيرون، كان يعبر عنهم في قصائد بقوله : «أصحابي وخلاني».

خلاف دام للأبد

بدأ الخلاف يبث بين «الحلاج» وبين أعلام الصوفية، حيث كان يعرف الصوفين بأنهم يكتمون مشاعرهم ووجدهم وأفكارهم وأسرارهم، وكانوا يؤثرون العزلة على الناس، تاركين أمر تدبير الخلق لله.

أما «الحلاج» فكان يتبع منهجًا جديدًا في التصوف، حيث يرى أن التصوف جهاد في سبيل إحقاق الحق، وليس مسلكًا فرديًا بين المتصوف والخالق فقط.

وليس ذلك فقط بل جعل التصوف جهادًا ضد الظلم والطغيان في النفس والمجتمع ونظرًا لما لتلك الدعوة من تأثير على السلطة السياسية الحاكمة في حينه.

انتقال متعدد

اتنقل «الحلاج» بين عدة مدن وولايات، منها الهند، ومكة والتي قضى فيها لفترة طويلة معتزلاً في الحرم المكي، وعرف الناس عنه أنه إذا جلس لا يغير جلسته أو موقعه في الليل أو في النهار، في الحر والبرد.

وعرف أيضًا بقلة طعامه، وزهده في كل شيء، وكان له مريدون يتبعونه، يحفظون عنه.

صُلب حيًا

تم إلقاء القبض على الحلاج للمحاكمة، وذلك بعدما قال «أنا الله أنا الحق» بتهمة الزندقة والكفر، حيث جادله الفقهاء والقضاة في آرائه، حتى وصل الأمر إلى يد الخليفة المقتدر بالله عن طريق وزيره حامد بن العباس، والذي أمر الخليفة بإهدار دمائه ليصبح عبرة لكل الصوفين.

وفي يوم السادس والعشرين من مارس في العام 922 تم إخراج «الحلاج» من محبسه وجلد جلدًا شديدًا، وصُلب حيًا حتى فاضت روحه إلى بارئها.

 وفي اليوم التالي تم قطع رأسه وأحُرق جثمانه، ونثر رماده في نهر دجلة، وقُيل أن بعض تلاميذه احتفظوا برأسه.
 
ووفقًا للمؤرخين والباحثين فإن القاضي أبو عمر المالكي هو من حكم بقتل «الحلاج»، بعد أن رأى كفره ومروقه وتماديه في الضلال وقد أمر الخليفة بإنفاذ الحكم.

اختلاف الآراء

بعد قتل «الحلاج» في سن مبكرًا من عمره حيث كان يبلغ السادسة عشر من عمره، اختلفت حوله الأراء حيث رأى البعض أن ما قيل على لسانه لا أساس له من الصحة وأنه كلام مدسوس عليه.

أما أتباعه فإنهم يقدسون أقواله ويؤكدون نسبتها إليه، ولكنهم يقولون إن لها معاني باطنة غير المعاني الظاهرة، وأن تلك المعاني لا يفهمها سواهم.

وقال عنه عبد القادر الجيلاني حين سئل عنه «عثر الحلاج ولم يكن في زمانه من يأخذ بيده ولو أدركته لأخذت بيده" بينما قال عنه أبو الحسن الشاذلي "أكره من العلماء تكفير الحلاج، ومن فهم مقاصده فهم مقصدي».

ورغم  أن «الحلاج» لم يعد نفسه من الشعراء، لكن ديوانه من أبدع دواوين الشعر العربي، حيث يضم الديوان نصوصًا جمعها تلاميذه، وهي أشعارٌ ومناجاياتٌ وأخبارٌ من كتاب الطواسين.

وهناك نصوصٌ أخرى حررها تلاميذه تزودنا ببعض أشعار ونصوص نثرية مفقودة للحلاج، ومنها حكاية الكرماني أو التقييد.

ومن أشهر أقوال "الحلاج" ، هى:

ما رأيتُ شيئًا إلَّا ورأيتُ اللهَ فيه.

 ما انفصلت البشريّة عنه، ولا اتّصلت به.

 من ظنّ أنَّ الإلهيّة تمتزج بالبشريّة أو البشريّة بالإلهيّة فقد كفر.

حجبهم بالاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علومَ القدرة لطاشوا، ولو كشف لهم عن الحقيقة لماتوا.

 إنَّ الإنسان إذا أراد الحجّ، أفرد في دارِه بيتًا وطاف به أيّام الموسم، ثم جَمَع ثلاثين يتيمًا وكساهم قميصًا قميصًا، وعمل لهم طعامًا طيّبًا فأطعمهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكلٍّ واحدٍ سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك قام له ذلك مقام الحجّ.

 أسماءُ اللهِ تعالى من حيث الإدراك اسم، ومن حيث الحقّ حقيقة.

إلهي، أنت تعلم عجزي عن مواضع شكرك، فاشكر نفسك عني، فإنَّه الشكر لا غير.

لا يجوز لمن يرى أحدًا، أو يذكر أحدًا، أن يقول: إنِّي عرفتُ الأحد، الذي ظهرت من الآحاد.