أطفالنا بين مطرقة الإرهاب وسنادين الانحراف.. "كارتونات مستوردة" وألعاب أبطالها "لصوص" وأخرى هدفها القتل
الجمعة 03/مارس/2023 - 04:24 م
مي ياقوت
طباعة
أطفالنا بين مطرقة الإرهاب وسنادين الانحراف.. "كارتونات مستوردة" وألعاب أبطالها لصوص وأخرى هدفها القتل
وآخر الدراسات والوقائع: "الانيميشن" القاتل يدفع الأطفال للانتحار وارتكاب جرائم قتل
تجارب استباقية ممهورة بـ"صنع في مصر" استشعرت الخطر ونجحت في التجربة
باحثون: الأسرة عليها أن تكون "مصفاة" ويجب التوعية من الهجمات الشرسة لتغيير الهوية
"هنلعب بوليس وحرامي زي لعبة الموبايل" ابتسمت للأطفال الجالسين أمامي في أحد النوادي يتفقون على اللهو معًا، كل شئ بدا طبيعيًا غير أن شجارًا بينهم حول من يكون "البوليس" ومن يكون "الحرامي" والحقيقة أنني اعتقدت أنهم يتشاجرون على من سيجسد دور "البوليس" غير أنهم كانوا يتشاجرون حول من يستطيع اقتناص دور "الحرامي"!
والحقيقة أنهم يمثلون اللعبة التي يلعبونها كفيديو جيم على هواتفهم المحمولة وكانت إحدى إصدارات "جاتا" حيث تظهر "الحرامي" هو البطل الذي عليه أن يعدو كل المراحل سواء بقتله أو إعطاء رشوة للضباط ليتمكن من أن يعدو المرحله للمرحلة التالية!
عقل الطفل "إسفنجة" وعوامل كثيرة تجعله مواطنًا "صالحا" أو "طالحًا"
"عقل الطفل إسفنجة"، قالها الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس الشهير عندما كنت وقتها أعمل على سلسلة تحقيقات مطولة عن الطفل المصري وعقله وكيف هبط سن الجريمة إلى أقل من ١٥سنة بعد أن كان هذا العام وقتها هو بداية ظهور جرائم قتل مدبرة بالأنامل الصغيرة والعقول المقلدة لمشاهد في مسلسلات أو أفلام أو حتى ألعاب فيديو جيم كالحوت الأزرق وغيرها.
في عام ٢٠١٤ تقريباً كانت بداية ظهور جرائم غريبة كان المتهمون فيها صغاراً في الوقت الذي كان فيه الأطفال يتم تدريبهم بعد تعرضهم لعمليات غسل دماغ من سن ٥ سنوات في العراق وسوريا من قبل "داعش" ليكونوا إرهابيين كبار.
"داعش" التي استيقظنا لنجدها تنتج برامج كرتونية على اليوتيوب و السوشيال ميديا ترسلها لمن تستقطبهم من الأطفال من سن ١١ سنة ممن يتركهم آباؤهم وأمهاتهم طوال الوقت فريسة لمن يلتقطهم على الإنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك لتبدأ كجماعة بها دارسين لعلم النفس في اللعب في "أدمغة الصغار" بالانيميشن وبإصداراتهم التي اصدرت فيما بعد مجموعة ألعاب حاولت تقليد فيها لعبة "جاتا" وبدلاً من أن تنتهي اللعبة بـ"جيم أوفر" في حال خسارة الطفل الذي يهاجم فيها رجال من الجيش والشرطة كانت تنتهي المرحلة بكلمة "مبروك لقد استشهدت"!!
بعد إغلاق هذه التطبيقات والألعاب ما زالت هناك ألعابًا تسيطر على مخ أطفالنا كـ"جاتا" وأيضًا الانيميشن المستورد وبعض الأفلام والمسلسلات التي يكون فيها النجم أو البطل بلطجي أو خارج عن القانون لتتحول صورة البطل الذهنية رويداً رويداً إلى "الايكفيكان" أو الشرير مثلما يقولون في عالمهم!!
"كرتونات مستوردة" وألعاب أبطالها لصوص وأخرى هدفها القتل
" محمد .ن" الطفل صاحب العشر سنوات الذي كان يحاول شنق نفسه لولا تدخل والدته بعد ان أخذته لعبة الحوت الازرق بالانيمشن إلى عالم آخر من الأوامر التي كادت أن توصله إلى نهايته أو "أحمد .أ" الذي لم يطفئ وقتها ١١ شمعة من عمره وتسبب في مقتل زميله في المدرسة لأنه حاول تقليد أحد المشاهد العنيفة في لعبة كارتونية، و" محمد .ا" الذي قلد أحد مشاهد العنف في تحد المسلسلات!
من عرفنا على عالم "كرتون داعش" كان "عمار" الطالب المتفوق الذي استطاعوا استقطابه من الإنترنت من عمر الحادية عشر من عمره وتم غسل دماغه ليصل وهو في عمر السابعة عشر إلى أول إرهابي في مصر يستخدم السلاح الأبيض في عملية ارهابية.
باحثون: الأسرة عليها أن تكون "مصفاة" ويجب التوعية من الهجمات الشرسة لتغيير الهوية
دراستنا العميقة لحياة عمار كطفل والتي قالت عنه عمته في حزن "أن مخه اتلحس واتخطف مننا في لحظة" أثبتت أنه طوال عمره مثلما كانت قصاصته تقول أنه افتقد لقدوة أو "هيرو" بطل مثلما كانت الأجيال التي قبله لديها أفلام كرتون شهيرة وعربية كـ'"كابتن ماجد" و "النمر المقنع" وغيرها، كان يفتقد لخيال عذب يلهب مشاعره ويفجر هواياته ويجعله يتعلق بـ"كرتون" غير موجه يتابعه كـ"بكار" و"السنافر" و"كعبول".. كان يحتاج لمحتوى يملأ فراغه إلا أن الفترة من ١٩٩٩ وحتى ٢٠١٠ لم يكن يقدم أي محتوى هادف إلا قليل وغاب الكرتون وأنطوى في عالم النسيان فلجأ الطفل بكل جوارحه إلى القنوات الأجنبية التي تذيع ما يناسب قيمها ومحتواها وارتمى شغفه في أحضان الكرتون الأجنبى.
وآخر الدراسات والوقائع: "الانيميشن" القاتل يدفع الأطفال للانتحار وارتكاب جرائم قتل
الحقيقه أن العشر سنوات الماضية كانت هناك ملفات كثيرة وتحقيقات استقصائية طويلة وصلنا فيها إلى أن هناك خطة ممنهجة لتغيير الهوية تصر عليها شركات بعينها لتغيير المبادئ وقيمنا العربية الأصلية كما أنها لا يوجد لديها مشكلة في وجود مشاهد إباحية في المنتج الكرتوني وهو ما يخالف الكثير عن مجتمعاتنا ليأتي فيلم "strange world"، الذي تطرحه في السينمات العالمية ومن بعدها سيذاع على القنوات ويثير استياء جمهور السوشيال ميديا المصري منبهين الأسر المصرية للسم المدسوس في العسل مثله مثل الكثير من الحلقات مما يجعلنا أن نتوقف في المجتمعات العربية وخاصة في المجتمع المصري المحافظ بطبعه لحظة لنعيد تشكيل ما يتم طرحه على عقل أطفالنا الذين هم شباب الغد ونقول"لا للكرتون المستورد".
تجارب استباقية ممهورة بـ"صنع في مصر" استشعرت الخطر ونجحت في التجربة
غير أننا علينا أن نحيي ضربات استباقية استشعرت أيضاً الخطر مسبقاً وأنتجت أو رعت مبادرات لحماية عقل الطفل المصري خلال الثلاث أعوام الماضية وممهورة بـ"صنع في مصر" كفيلم الأميرة والفارس للمخرج بشير الديك الذي تناول قصة بطل عربي وشاركت فيه أياد عربية وفيلم سكاي دراجون والذي تناول قصة الطيارين الأوائل المصريين متنبئ بإنتاج مصر لأول طائرة مصرية ويعتبر أول فيلم مصري سينما بأياد مصرية مائة بالمائة ومثل مصر في مهرجان الإسماعيلية الدولية والذي رعته وزارة الشباب والرياضة والمركز القومي للسينما ومن إنتاج طاهر الأزهري و فيلم أبطال إلى الأبد الذي جسد معركة الإسماعيلية في ٢٥ يناير إضافة لحلقات فطين وبلبل التي خضعت لنفس الإشراف ولاقت نجاحاً كبيراً وكانت حلقات منفصلة تتحدث عن عدد من المواقف التعليميه للقيم للطفل ومن إنتاج دار التحرير للطبع والنشر وعدد آخر من التجارب.
يقول "باسم" رسام في مجال الكرتون حول رأيه حول مواصفات ما يجب تقديمه إننا نحتاج إلى كرتون غير موجه ولا يعتمد على الجرافيك بالشكل الأساسي لأن الطفل يحتاج إلى خياله فتقنيات التو دي والثري دي الأنجح وهي التي يستخدمها الغرب وأننا نحتاج إلى قصص تصنع له خيال يناسبه حالياً بعيداً عن النمطية والتكرار.
ترى الكثير من الأبحاث أن الحل هو إغلاق الحدود الثقافية أمام الهجمات الممنهجة لتغيير الهوية والعمل على عرض المناسب للمجتمع وأن الأساس هو الأسرة التي عليها أن تشارك طفلها في كل ما يشاهد وأن تكون مصفاة لأن عقله "إسفنجة" عليه ملؤها بكل ماهو مفيد لتقديم شاب صالح للمجتمع بدلاً من أن يجبر على ملئها بتفاهات أو عنف أو تطرف في سنوات عدم التمييز فيخرج شابًا طالحًا كما ترى الأبحاث أن من ينتج أفلامًا للطفل أيًا كان يعي جيداً ما يود تقديمه.