شهدت العلاقات الصينية المصرية في السنوات العشر الأخيرة حالة من النمو غير مسبوقة، لكنها اتخذت في الفترة الأخيرة شكلًا مختلف
على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، إذ القت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية توافق
2030 ،"مما عزز التعاون على نحٍو غير مسبوق.
لم تكن منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر "تيدا السويس" أول المشروعات، كما
أن البرج الايقوني في العاصمة الإدارية الجديدة ليس آخرها، لكنهما مشروعان يحملان دلالة سياسية
واقتصادية عميقة، تكشف عن تالقي الأهداف المشتركة بين البلدين، فإن "تيدا السويس" تعمل على توفير
40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب المصري، مما يعكس مدى فهم الإدارة الصينية لأهداف
الاقتصادية في مصر والثمار المأمولة من خطط التنمية المستدامة، بينما يمثل البرج الايقوني الذي انتهت
أعماله الإنشائية على يد الخبراء الصينيين تطّلع الإدارة المصرية لمستقبل تستلهم فيه النهضة العلمية
والتكنولوجية الصينية.
عندما تم إطالق مبادرة "الحزام والطريق" الصينية عام 2013 ،كانت تأتي كامتداد لطريق الحرير،
بهدف ربط الصين بالعالم، وتمثل المبادرة أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، وقد
2022 دعمت 146 دولة مبادرة الحزام والطريق، من بينها 139 دولة وّقعت
نطاق المبادرة على طرق التجارة القديمة التي كانت تربط الصين بالغرب، وطرق رحالت "ماركو بولو" و"ابن طوطة"، فتشمل المبادرة بذلك قارات العالم القديم؛ آسيا وأفريقيا وشرق أوربا، وتشمل مشروعات البنية التحتية
في هذه المناطق الموانئ والسكك الحديدية والطرق ومحطات الطاقة والطي ارن ومعدات الاتصالات السلكية
والاسلكية... إلخ.
وتهدف الإدارة السياسية الصينية من تعاملاتها مع ملفات مناطق النزاعات في
الشرق الأوسط، فالادارة الصينية تهدف لمحاولات التهدئة في تلك المناطق، وتوفير الدعم لألنظمة التي
تحتاج إليه بغض النظر عن اتجاهاتها السياسية أو الطائفية أو العرقية، مما جعل الحكومة الصينية تقوم
بدور سفير السلام في العالم؛ لا سيما في الشرق الأوسط، ومن هذا المنطلق فإنها تنظر إلى مصر باعتبارها في المنطقة،
شريك يزيد دورها الإقليمي في حل قضايا الشرق الأوسط.
تم إطلاق "رؤية مصر 2030 "في عام 2016 ،وهي خطة طويلة المدى لتحقيق أهداف التنمية
المستدامة في كل المجالات؛ الاقتصادي والاجتماعية والبيئية، وتم ربط هذه المبادرة بالأهداف العالمية،
وتهدف الخطة على المستوى الاجتماعي إلى تحسين جودة حياة المواطن المصري، وعلى المستوى
الاقتصادي تهدف إلى تحقيق معدل مرتفع للنمو االقتصادي وتعزيز الاستثمارات في البشر من خلال الحث
على نمو الابتكار والمعرفة، وعلى المستوى البيئي تهدف إلى مواجهة الآثار المترتبة على تغير المناخ
ومواجهة المخاطر البيئية.
ولاى تلقي المبادرة الصينية والاجندة المصرية في البعد الزمني فقط، بل إنها تلتقي في العديد من
ّهذا التعاون بشكٍل مطرد، مما فتح آفاق
وتنامي
الأهداف، مما يجعل تعزيز التعاون أمر
التعاون في المحاور الاقتصادية والعلمية والبيئية.
استفادت مصر من الخبرات الإنشائية الصينية في العديد من المواقع في العاصمة الإدارية
الجديدة وفي مدينة العلمين الجديدة وغيرهما من المواقع التي تطمح مصر لجعلها عنوان
المستقبل، كما استفادت من الخبرات الصينية التكنولوجية في مشروع قطار الضواحي "العاشر من رمضان"
وفي إنشاء المركز المصري تجميع واختبار الأقمار الصناعية، وتنفيذ القمر الصناعي "مصر سات 2 ،"
وغيرها من المشروعات التكنولوجية.
قد يبدو ما تم إنجازه في هذه المشروعات كافي
"مصر 2030 "فى بداية، فكلا البلدين يطمحان لمزيد من التعاون والمزيد من المشروعات المشتركة
لتحقيق أهداف المبادرتين، وإن كان المجالات الاقتصادي والانشائي قد نال النصيب الأكبر من التعاون
البلدين، فإن المجال البيئي يطمح لمزيد من التعاون، خصوص تجاه إلى تنويع
عرف "بالوقود الأخضر"، فكان التعاون مع روسيا في إنشاء محطة "الضبعة" للطاقة
النوو ية، ولذلك فإن آفاق التعاون الصيني المصري في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مفتوحة وتنتظر
مشروعات عمالقة كسابقيها، فإن مصر تمتلك مساحات شاسعة من الصحارى تتسع للملايين من الألواح
الشمسية وتوربينات الهواء، مما يؤهلها لان تكون الدولة الرئدة في الشرق الأوسط لهذا المجال، الذي يحد
الاعتماد على الوقود الاحفوري من أجل الحد من المخاطر البيئية.