العلاقات الروسية التركية بين الصراع والتعاون
الثلاثاء 01/نوفمبر/2016 - 07:57 ص
عبدالرحمن حماد
طباعة
العلاقات الثنائية بين الدولتين الروسية والتركية لها تاريخ عمره 5 قرون، حيث بعث إيفان الثالث الأمير الأكبر وحاكم روسيا في عام 1492 برسالة إلى السلطان العثماني بايزيد الثاني، حول مسائل التجارة البحرية بين الجانبين، وافتتحت السفارة الدائمة للامبراطورية الروسية بالقسطنطينية في عام 1701.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا السوفيتية في 3 يونيو عام 1920، واعترفت تركيا في عام 1991 بروسيا الاتحادية بكونها وارثة لحقوق للاتحاد السوفيتي، وقد عقدت بين روسيا وتركيا ما يزيد عن 60 معاهدة تخص التعاون في المجالات المختلفة، وضمن أهم الاتفاقيات المعقودة في السنوات الاخيرة معاهدة أسس العلاقات "25 مايو عام 1992"، وخطة الأعمال الخاصة بتطوير التعاون بين روسيا وتركيا في القارة الاوراسية "16 نوفمبر عام 2001"، واتفاقية التعاون العسكري عام 2002، والبيان السياسي المشترك حول تعميق الصداقة والشراكة 6 ديسمبر عام 2004.
وقد زار فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، تركيا في ديسمبر عام 2004، وشارك بوتين عام 2005، في مراسم افتتاح خط أنابيب الغاز "السيل الأزرق"، وذلك خلال القمة التاسعة لمنظمة التعاون الاقتصادي بين دول البحر الأسود التي انعقدت في مدينة سامسون التركية في عام 2007.
وزار الرئيس التركي السابق، أحمد نجدت سيزر، روسيا، في الفترة من 28 يونيو إلى 30 يونيو عام 2006، واحتلت مركز الصدارة في المباحثات بينه وبين الرئيس الروسي، المواضيع مثل التعاون في مجال الطاقة والبناء والاستثمارات والتعامل مع القضايا العالمية والاقليمية.
وقام رئيس الوزراء التركي حينها، رجب طيب أردوغان، بزيارة روسيا عدة مرات، ففي 13 اغسطس عام 2008 زار "أردوغان" موسكو حيث تقدم بمبادرة إنشاء "منطقة الاستقرار والتعاون في القوقاز"، وأصبح البروتوكول الخاص بانتهاء المباحثات الثنائية حول دخول السلع والخدمات الروسية للأسواق التركية في إطار عملية انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية والذي تم توقيعه يوم 19 ابريل عام 2005 في انقرة، وأصبح إنجازًا هامًا في تطور العلاقات الروسية التركية، وقد جرت عام 2007 في تركيا فعاليات سنة الثقافة الروسية.
أما عام 2008 فشهد فعاليات سنة الثقافة التركية في روسيا، وتعد منتجعات تركيا من أفضل الأماكن لاستجمام المواطنين الروس، وقد زار تركيا في عام 2010 عدد قياسي من السواح الروس بلغ 3.1 مليون شخص.
وتعد تركيا شريكة اقتصادية تقليدية لروسيا، ويزداد حجم التبادل السلعي بين البلدين من سنة إلى أخرى، وقد بلغ عام 2004 قيمة 11 مليار دولار، أما في عام 2008 فبلغ قيمة قياسية قدرها 33.8 مليار دولار.
وتشغل تركيا المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين لروسيا، ومن أهم الصادرات الروسية إلى تركيا موارد الطاقة والمنتجات الحديدية والمواد الكيميائية، أما الواردات الروسية من تركيا فتشمل النسيج ومنتجاته والماكينات ووسائل النقل ومنتجات الصناعة الكيميائية والمواد الغذائية.
وتم في عام 1992 تشكيل اللجنة الحكومية المختلطة الخاصة بالتعاون التجاري الاقتصادي والعلمي والتقني، كما تم في عام 1991 تأسيس مجلس الأعمال التركي الروسي، وفي أكتوبر عام 2004 أسس مجلس الأعمال الروسي التركي، ويساهم المجلسان في إقامة علاقات العمل المباشرة بين الشركات والأقاليم الروسية والتركية.
وقام الرئيس الروسي السابق، دميتري مدفيديف يوم 12 مايو عام 2010، بزيارة تركيا وأسفرت الزيارة عن توقيع 17 اتفاقية، منها اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة وبناء محطة كهروذرية وفي مجال الزراعة وأيضًا عن إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين. ووقع الطرفان أيضًا اتفاقية التعاون حول بناء وتشغيل محطة كهروذرية في موقع اككويو قرب مدينة ميرسين التركية، وشاركت في المناقصة الخاصة ببناء هذه المحطة التي أعلنت منذ آواخر سبتمبر عام 2008 حوالي 14 شركة رائدة في العالم.
وبعد فحص العطاءات أعلنت الحكومة التركية أن الفائز في المناقصة هو الكونسورسيوم الروسي- التركي، الذي يضم شركتي "اتوم ستروي اكسبورت" و"انتر راو يي إس" الروسيتين للطاقة وشركة "Park Teknik" التركية.
ووقعت روسيا وتركيا خلال زيارة مدفيديف كذلك، على مذكرة للتعاون في مجال ضمان النقل الآمن للنفط في منطقة البحر الأسود، ويعطي الطرفان الأولوية إبان ذلك لمشروع أنبوب النفط سامسون-جيهان، الذي بدأ بناؤه في آواخر ابريل عام 2010، ويمر الخط من شمال تركيا إلى جنوبها التفافًا على مضيقي البوسفور والدردنيل، وسينقل النفط الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية.
وكانت "Eni" و"Calik" التركيتان و"روس نفط" و"ترانس نفط" الروسيتان، قد وقعت في أكتوبر 2009 مذكرة تفاهم تنص على إمكانية استحداث مؤسسة مشتركة خاصة ببناء أنبوب النفط "سامسون-جيهان".
أما عن الخطوات الروسية والتركية السريعة والمتبادلة من أجل إعادة تطبيع العلاقات، بين موسكو وأنقرة، من شأنها أن تحمل معها تغيرات كبيرة على صعيد العديد من المعادلات الإقليمية التي تحكم أكثر من ملف من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين، لاسيما الأزمة السورية، وخارطة التحالفات في المنطقة، مرورًا بتعقيدات العلاقات الروسية والتركية مع الاتحاد الأوروبي من زاويتين مختلفتين، وصولًا إلى العلاقات التركية الأمريكية.
كما أن التقاط الرئيس فلاديمير بوتين، لرسالة الاعتذار من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، عن إسقاط طائرة روسية من طراز "سو24" في نوفمبر 2015، لم يكن نقطة البداية لعملية تطبيع العلاقات بين البلدين، أو حسب القاموس السياسي الروسي "إعادة تشغيل العلاقات"، فقد سبق ذلك تعبير الرئيس الروسي أكثر من مرة عن رغبته بعلاقات جيدة مع تركيا والشعب التركي، وكشف "بوتين" في 28 مايو الماضي عن وجود اتصالات روسية مع تركيا، لكنه ربط حينها عودة العلاقات مع أنقرة بخطوات تنتظرها موسكو من الجانب التركي، وبدوره لم يفوت أردوغان أي فرصة ممكنة للدعوة إلى إعادة العلاقات الودية مع روسيا.
وتخطى "أردوغان" حاجزًا نفسيًا بإرساله رسالة اعتذار لنظيره الروسي، كان "بوتين" قد وضعها في مقدمة ثلاثة شروط لإعادة العلاقات بين البلدين، "اعتذار أردوغان العلني، وتعويض الأضرار، والتحقيق في مقتل الطيار الروسي"، علمًا بأن المتهم بقتل الطيار الروسي خضع للمحاكمة، وفي الضفة الأخرى بادر الرئيس الروسي لإجراء مكالمة هاتفية مع أردوغان، ووقع على مرسوم يقضي بإلغاء العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضت على تركيا عقب حادثة إسقاط القاذفة الروسية إلا أن الطرفين مازالا يؤكدان على ثبات مواقفهما تجاه العديد من الملفات الساخنة ذات الاهتمام المشترك، على وجه الخصوص الأزمة السورية والنزاع في أوكرانيا وقضية شبه جزيرة والصراع على إقليم "ناغورني كارباخ"، مما يضع عملية التطبيع أو "إعادة التشغيل" في سياق استمرار الخصومة السياسية لكن على أرضية تقاطع المصالح، وهي مساكنة ممكنة في ظل ما يتمتع به الرئيس بوتين من براغماتية عالية، وقدرة أردوغان على الإمساك بخيوط شبكة علاقات متناقضة، بالإضافة إلى حجم المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية والأمنية المتبادلة بين روسيا وتركيا، ناهيك عما تمثله الحرب في سوريا من مأزق مزدوج لكل من موسكو وأنقرة.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وروسيا السوفيتية في 3 يونيو عام 1920، واعترفت تركيا في عام 1991 بروسيا الاتحادية بكونها وارثة لحقوق للاتحاد السوفيتي، وقد عقدت بين روسيا وتركيا ما يزيد عن 60 معاهدة تخص التعاون في المجالات المختلفة، وضمن أهم الاتفاقيات المعقودة في السنوات الاخيرة معاهدة أسس العلاقات "25 مايو عام 1992"، وخطة الأعمال الخاصة بتطوير التعاون بين روسيا وتركيا في القارة الاوراسية "16 نوفمبر عام 2001"، واتفاقية التعاون العسكري عام 2002، والبيان السياسي المشترك حول تعميق الصداقة والشراكة 6 ديسمبر عام 2004.
وقد زار فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، تركيا في ديسمبر عام 2004، وشارك بوتين عام 2005، في مراسم افتتاح خط أنابيب الغاز "السيل الأزرق"، وذلك خلال القمة التاسعة لمنظمة التعاون الاقتصادي بين دول البحر الأسود التي انعقدت في مدينة سامسون التركية في عام 2007.
وزار الرئيس التركي السابق، أحمد نجدت سيزر، روسيا، في الفترة من 28 يونيو إلى 30 يونيو عام 2006، واحتلت مركز الصدارة في المباحثات بينه وبين الرئيس الروسي، المواضيع مثل التعاون في مجال الطاقة والبناء والاستثمارات والتعامل مع القضايا العالمية والاقليمية.
وقام رئيس الوزراء التركي حينها، رجب طيب أردوغان، بزيارة روسيا عدة مرات، ففي 13 اغسطس عام 2008 زار "أردوغان" موسكو حيث تقدم بمبادرة إنشاء "منطقة الاستقرار والتعاون في القوقاز"، وأصبح البروتوكول الخاص بانتهاء المباحثات الثنائية حول دخول السلع والخدمات الروسية للأسواق التركية في إطار عملية انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية والذي تم توقيعه يوم 19 ابريل عام 2005 في انقرة، وأصبح إنجازًا هامًا في تطور العلاقات الروسية التركية، وقد جرت عام 2007 في تركيا فعاليات سنة الثقافة الروسية.
أما عام 2008 فشهد فعاليات سنة الثقافة التركية في روسيا، وتعد منتجعات تركيا من أفضل الأماكن لاستجمام المواطنين الروس، وقد زار تركيا في عام 2010 عدد قياسي من السواح الروس بلغ 3.1 مليون شخص.
وتعد تركيا شريكة اقتصادية تقليدية لروسيا، ويزداد حجم التبادل السلعي بين البلدين من سنة إلى أخرى، وقد بلغ عام 2004 قيمة 11 مليار دولار، أما في عام 2008 فبلغ قيمة قياسية قدرها 33.8 مليار دولار.
وتشغل تركيا المرتبة الخامسة بين الشركاء التجاريين لروسيا، ومن أهم الصادرات الروسية إلى تركيا موارد الطاقة والمنتجات الحديدية والمواد الكيميائية، أما الواردات الروسية من تركيا فتشمل النسيج ومنتجاته والماكينات ووسائل النقل ومنتجات الصناعة الكيميائية والمواد الغذائية.
وتم في عام 1992 تشكيل اللجنة الحكومية المختلطة الخاصة بالتعاون التجاري الاقتصادي والعلمي والتقني، كما تم في عام 1991 تأسيس مجلس الأعمال التركي الروسي، وفي أكتوبر عام 2004 أسس مجلس الأعمال الروسي التركي، ويساهم المجلسان في إقامة علاقات العمل المباشرة بين الشركات والأقاليم الروسية والتركية.
وقام الرئيس الروسي السابق، دميتري مدفيديف يوم 12 مايو عام 2010، بزيارة تركيا وأسفرت الزيارة عن توقيع 17 اتفاقية، منها اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة وبناء محطة كهروذرية وفي مجال الزراعة وأيضًا عن إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين. ووقع الطرفان أيضًا اتفاقية التعاون حول بناء وتشغيل محطة كهروذرية في موقع اككويو قرب مدينة ميرسين التركية، وشاركت في المناقصة الخاصة ببناء هذه المحطة التي أعلنت منذ آواخر سبتمبر عام 2008 حوالي 14 شركة رائدة في العالم.
وبعد فحص العطاءات أعلنت الحكومة التركية أن الفائز في المناقصة هو الكونسورسيوم الروسي- التركي، الذي يضم شركتي "اتوم ستروي اكسبورت" و"انتر راو يي إس" الروسيتين للطاقة وشركة "Park Teknik" التركية.
ووقعت روسيا وتركيا خلال زيارة مدفيديف كذلك، على مذكرة للتعاون في مجال ضمان النقل الآمن للنفط في منطقة البحر الأسود، ويعطي الطرفان الأولوية إبان ذلك لمشروع أنبوب النفط سامسون-جيهان، الذي بدأ بناؤه في آواخر ابريل عام 2010، ويمر الخط من شمال تركيا إلى جنوبها التفافًا على مضيقي البوسفور والدردنيل، وسينقل النفط الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية.
وكانت "Eni" و"Calik" التركيتان و"روس نفط" و"ترانس نفط" الروسيتان، قد وقعت في أكتوبر 2009 مذكرة تفاهم تنص على إمكانية استحداث مؤسسة مشتركة خاصة ببناء أنبوب النفط "سامسون-جيهان".
أما عن الخطوات الروسية والتركية السريعة والمتبادلة من أجل إعادة تطبيع العلاقات، بين موسكو وأنقرة، من شأنها أن تحمل معها تغيرات كبيرة على صعيد العديد من المعادلات الإقليمية التي تحكم أكثر من ملف من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين، لاسيما الأزمة السورية، وخارطة التحالفات في المنطقة، مرورًا بتعقيدات العلاقات الروسية والتركية مع الاتحاد الأوروبي من زاويتين مختلفتين، وصولًا إلى العلاقات التركية الأمريكية.
كما أن التقاط الرئيس فلاديمير بوتين، لرسالة الاعتذار من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، عن إسقاط طائرة روسية من طراز "سو24" في نوفمبر 2015، لم يكن نقطة البداية لعملية تطبيع العلاقات بين البلدين، أو حسب القاموس السياسي الروسي "إعادة تشغيل العلاقات"، فقد سبق ذلك تعبير الرئيس الروسي أكثر من مرة عن رغبته بعلاقات جيدة مع تركيا والشعب التركي، وكشف "بوتين" في 28 مايو الماضي عن وجود اتصالات روسية مع تركيا، لكنه ربط حينها عودة العلاقات مع أنقرة بخطوات تنتظرها موسكو من الجانب التركي، وبدوره لم يفوت أردوغان أي فرصة ممكنة للدعوة إلى إعادة العلاقات الودية مع روسيا.
وتخطى "أردوغان" حاجزًا نفسيًا بإرساله رسالة اعتذار لنظيره الروسي، كان "بوتين" قد وضعها في مقدمة ثلاثة شروط لإعادة العلاقات بين البلدين، "اعتذار أردوغان العلني، وتعويض الأضرار، والتحقيق في مقتل الطيار الروسي"، علمًا بأن المتهم بقتل الطيار الروسي خضع للمحاكمة، وفي الضفة الأخرى بادر الرئيس الروسي لإجراء مكالمة هاتفية مع أردوغان، ووقع على مرسوم يقضي بإلغاء العقوبات الاقتصادية والتجارية التي فرضت على تركيا عقب حادثة إسقاط القاذفة الروسية إلا أن الطرفين مازالا يؤكدان على ثبات مواقفهما تجاه العديد من الملفات الساخنة ذات الاهتمام المشترك، على وجه الخصوص الأزمة السورية والنزاع في أوكرانيا وقضية شبه جزيرة والصراع على إقليم "ناغورني كارباخ"، مما يضع عملية التطبيع أو "إعادة التشغيل" في سياق استمرار الخصومة السياسية لكن على أرضية تقاطع المصالح، وهي مساكنة ممكنة في ظل ما يتمتع به الرئيس بوتين من براغماتية عالية، وقدرة أردوغان على الإمساك بخيوط شبكة علاقات متناقضة، بالإضافة إلى حجم المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية والأمنية المتبادلة بين روسيا وتركيا، ناهيك عما تمثله الحرب في سوريا من مأزق مزدوج لكل من موسكو وأنقرة.