لقد رفع الله قدر هذه الأمة واصطفاها على غيرها من الأمم وجعلها خير أمة أخرجت للناس فقال عز وجل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) ولم لا وهى أمة النبى الخاتم محمد صلى اله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين وهى لا تدرك هذا الفضل إلا بإيمانها بالله ورسوله وطاعتها فى الأمر والنهى. وهذه الأمة مثلها فى عداد الامم كالشعرة السوداء فى جلد الثور الأبيض ومع هذا فهى فى الذروة العالية (انكم موفون سبعين أمة انتم خيرها وأكرمها على الله).
فهى الأمة المجاهدة لاعلاء كلمة الله وتبليغها فى الآفاقة. وهى الأمة المحفوظة من الهلاك والاستئصال فلا تهلك بنسبة عامة ولا يسلط عليها عدوًا من غيرها ولا تجتمع على ضلالة. وجعل لها الأرض مسجدًا وطهورًا. وجعل صفوفها فى الصلاة كصفوف الملائكة وفيها الشهداء على الأمم فى الدينا والآخرة.
ومع كل هذه الخصائص والمزايا فواقع الحال يدلك على تردى هذه الأمة وتهاويها بين الأمم وتخلفها عن السبق الحضارى لما تعيشه من حال ضعف وإنهاك وظروف قاسية وأزمات محكمة الإغلاق وتراجع فى الدور التقنى بين شعوب العالم فى ظل اجبار بعض ابنائها على حصارها واعاقة مسيرة تقدمها ومنعها من النهوض الحضارى ومواصلة حملها للرسالة السماوية إلى العالم.
لذا يثور التساؤل بين الحين والآخر من بعض أبناء الأمة المخلصين عن سبل الخلاص من هذا الواقع المظلم والوصول إلى درجة الإصلاح الحضارى التى تبعث للأمة روحها المشرقة التى اضاءت ظلمات العالم بمصابيح علمها وفكرها الثاقب ونور هدايتها الذى لا ينكره إلا جاحد أو جاهل.
وتكمن الإجابة فى هذه النقاط التالية:
أولًا: الفهم الصحيح والعميق للدين دونما غلوا وافراط فهى صاحبة الوسطية التى اهدت للبشرية كلها فكر الاحياء والتجديد ولم تقف عند الجمود والانغلاق بل حازت قوة التشخيص للواقع وقضايا الانسان وربطت نظام الدين بواقع الدنيا.
ثانيًا: مواجهة تيارات التضليل الفكرى والاعلامى لتسير الأمة على ضوء الرؤية مطمئنة وفى نفسها واثقة من ربها ومن رسالتها العالمية ومشروعها الحضارى المرموق.
ثالثًا: الاهتمام بالشباب وقضاياهم وتفجير الطاقات والمواهب وتحريك الارادة والعزم وتطوير الكفاءات والقدرات المادية والمعنوية للارتقاء بهم إلى مستوى التحديات الحضارية لقيادة عملية النهضة وإقامة حضارة راسخة فى قواعدها شامخة فى علو مبانيها.
رابعًا: الاهتمام بالتعليم والبحث العلمى وتنمية الخبرات العلمية للخروج من المنعطفات التى تمر بها الأمة والانتقال بها الى مستوى حضارى أفضل.