آمنة بنت وهب.. "الزهرة القرشية" التي سرقها الموت من رسول الله
الثلاثاء 18/أبريل/2017 - 02:27 م
اية محمد
طباعة
انبثق من رحمها نور أضاء الأرض بإذن ربها وأخرج أمة من النور إلى الظلمات.. "زهرة قريش" التي كانت مخبأة من العيون، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها، إنها آمنة بنت وهب التي نشأت في بيئة راقية، وكانت لها مكانة مرموقة من حيث أصالة النسب والحسب والمجد.
عرفت آمنة في طفولتها، ابن العم "عبد الله بن عبد المطلب"، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل. ولكنها حجبت منه عندما ظهرت عليها بواكر النضج، وحينها تسارع فتيان مكة إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها،فغمر الفرح نفسها.
بقي "عبد الله" مع عروسه أياما قليلة، ثم كان عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام، ومرت الأيام وشعرت خلالها "آمنة" ببوادر الحمل، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأي مشقة أو ألم حتى وضعته.
شعاع النور
رأت السيدة آمنة في منامها كأن شعاعا من النور ينبثق من كيانها اللطيف فيضئ الدنيا من حولها وسمعت هاتفا يهتف بها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، وما هي إلا أيام معدودات لم يحددها الرواة ولكنها عند جمهرة المؤرخين لم تتجاوز عشرة أيام،ومضى شهر لا جديد فيه سوى أن آمنة شعرت بالبادرة الأولى للحمل وكان شعورها به رقيقا لطيفا وكأن المولود قد هون عليها مرارة فراق زوجها، ومضى الشهر الثاني ولم يعد عبد الله.
لقد توفي الزوج الحبيب بين أخواله من بني النجار ودفن هناك وترملت العروس الشابة وعاشت في وحدتها تجتر أحزانها حتى خاف عليها بنو هاشم وبنو زهرة أن تموت من فرط الحزن والألم إلى أن أنزل الله سكينته عليها فشغل تفكيرها بجنينها، فعاودتها الرؤى في صدر ليلة مقمرة من ليالي ربيع الأول وسمعت من يهتف بها من جديد أنها توشك أن تلد سيد هذه الأمة ويأمرها أن تقول حين تضعه أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، وما هي إلا أيام قليلة حتى ولدت آمنة في دار أبي طالب بشعب بني هاشم.
الأم ورضيعها
أقبلت الأم على صغيرها ترضعه، ولكن الأحزان لم تتركها فجف لبنها بعد أيام فدفعت به إلى "ثويبة" جارية عمه عبد العزى فأرضعته حتى وفدت المرضعات من البادية ولكنهن زهدن في الرضيع الذي مات أبوه قبل أن يحقق لنفسه مالا يذكر وثقل على الأم أن ترى مراضع البادية يعدن إلى ديارهن زاهدات في ولدها الشريف اليتيم مؤثرات عليه أطفال الأحياء ممن يرجى منهم الخير الوافر، إلى أن جاءتها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي تلتمس محمدا وأخذته معها عامين ظلت خلالهما الأم الوحيدة تنتظر عودته حتى جاءت به السيدة حليمة وكأنه ابن أربع سنوات لما بدا عليه من علامات النمو والنضج والصحة.
ثم عاد الرضيع إلى مراعي بني سعد مع السيدة حليمة، ولم تمض إلا بضعة أشهر حتى عادت به وهي بادية القلق فسألتها السيدة آمنة بعدما علمت قصة الملكين الذين شقا صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أفتخوفت عليه من الشيطان؟ ردت السيدة حليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لولدي لشأنا أفلا أخبرك خبره؟ فقالت السيدة حليمة: بلى، فحدثتها بما رأت وسمعت حين حملت به ثم قالت: فوالله ما رأيت من حمل أخف من حمله ولا أيسر منه وقع حين ولدته وانه لواضع يديه على الأرض ورافع رأسه إلى السماء، دعيه عنك وانطلقي راشدة، وعاد الوليد الطيب إلى أمه فبدد بنوره ظلال الكآبة التي كانت تغشي دنياها في وحدتها وترملها الباكر.
ويعترف كتّاب السيرة بما كان لها من أثر جليل في هذه المرحلة من عمر نبي الإسلام فيقول شيخهم ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب في رعاية الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا وأثمرت عنايتها الفائقة فبدت على محمد صلى الله عليه وسلم بوادر النضج المبكر ورأت فيه وهو ابن السادسة مخايل الرجل العظيم الذي طالما تمثلته ووعدت به في رؤاها.
أخذها الموت من "محمد"
حين بلغ محمدٌ السادسة من عمره اصطحبته أمه إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب لمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، ومكثت بجوار قبر زوجها ما يقارب شهرا كاملا، بينما "محمد" يلهو ويلعب مع أخواله. وبعدها أخذته عائدة إلى مكة، وفي الطريق تعبت "آمنة" وشعرت بأن أجلها قد حان.
وأخذ الموت آمنة من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا، وانهالت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو لم يدرك معنى الموت بعد. فأخذته "أم أيمن" مرضعته وأكملت معه الطريق.
وعاد اليتيم الصغير إلى مكة حاملًا في قلبه الصغير الحزن والألم، ورأى بعينيه مشهد موت أعز الناس وأقربهم إلى قلبه؛ أمه آمنة.. زهرة قريش الطاهرة.
عرفت آمنة في طفولتها، ابن العم "عبد الله بن عبد المطلب"، عرفته قبل أن ينضج صباها، وتلاقت معه في طفولتها البريئة على روابي مكة وبين ربوعها، وفي ساحة الحرم، وفي مجامع القبائل. ولكنها حجبت منه عندما ظهرت عليها بواكر النضج، وحينها تسارع فتيان مكة إلى باب بني زهرة من أجل طلب الزواج منها،فغمر الفرح نفسها.
بقي "عبد الله" مع عروسه أياما قليلة، ثم كان عليه أن يلحق بالقافلة التجارية المسافرة إلى غزة والشام، ومرت الأيام وشعرت خلالها "آمنة" ببوادر الحمل، وكان شعورا خفيفا لطيفا ولم تشعر فيه بأي مشقة أو ألم حتى وضعته.
شعاع النور
رأت السيدة آمنة في منامها كأن شعاعا من النور ينبثق من كيانها اللطيف فيضئ الدنيا من حولها وسمعت هاتفا يهتف بها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، وما هي إلا أيام معدودات لم يحددها الرواة ولكنها عند جمهرة المؤرخين لم تتجاوز عشرة أيام،ومضى شهر لا جديد فيه سوى أن آمنة شعرت بالبادرة الأولى للحمل وكان شعورها به رقيقا لطيفا وكأن المولود قد هون عليها مرارة فراق زوجها، ومضى الشهر الثاني ولم يعد عبد الله.
لقد توفي الزوج الحبيب بين أخواله من بني النجار ودفن هناك وترملت العروس الشابة وعاشت في وحدتها تجتر أحزانها حتى خاف عليها بنو هاشم وبنو زهرة أن تموت من فرط الحزن والألم إلى أن أنزل الله سكينته عليها فشغل تفكيرها بجنينها، فعاودتها الرؤى في صدر ليلة مقمرة من ليالي ربيع الأول وسمعت من يهتف بها من جديد أنها توشك أن تلد سيد هذه الأمة ويأمرها أن تقول حين تضعه أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، وما هي إلا أيام قليلة حتى ولدت آمنة في دار أبي طالب بشعب بني هاشم.
الأم ورضيعها
أقبلت الأم على صغيرها ترضعه، ولكن الأحزان لم تتركها فجف لبنها بعد أيام فدفعت به إلى "ثويبة" جارية عمه عبد العزى فأرضعته حتى وفدت المرضعات من البادية ولكنهن زهدن في الرضيع الذي مات أبوه قبل أن يحقق لنفسه مالا يذكر وثقل على الأم أن ترى مراضع البادية يعدن إلى ديارهن زاهدات في ولدها الشريف اليتيم مؤثرات عليه أطفال الأحياء ممن يرجى منهم الخير الوافر، إلى أن جاءتها حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي تلتمس محمدا وأخذته معها عامين ظلت خلالهما الأم الوحيدة تنتظر عودته حتى جاءت به السيدة حليمة وكأنه ابن أربع سنوات لما بدا عليه من علامات النمو والنضج والصحة.
ثم عاد الرضيع إلى مراعي بني سعد مع السيدة حليمة، ولم تمض إلا بضعة أشهر حتى عادت به وهي بادية القلق فسألتها السيدة آمنة بعدما علمت قصة الملكين الذين شقا صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أفتخوفت عليه من الشيطان؟ ردت السيدة حليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لولدي لشأنا أفلا أخبرك خبره؟ فقالت السيدة حليمة: بلى، فحدثتها بما رأت وسمعت حين حملت به ثم قالت: فوالله ما رأيت من حمل أخف من حمله ولا أيسر منه وقع حين ولدته وانه لواضع يديه على الأرض ورافع رأسه إلى السماء، دعيه عنك وانطلقي راشدة، وعاد الوليد الطيب إلى أمه فبدد بنوره ظلال الكآبة التي كانت تغشي دنياها في وحدتها وترملها الباكر.
ويعترف كتّاب السيرة بما كان لها من أثر جليل في هذه المرحلة من عمر نبي الإسلام فيقول شيخهم ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب في رعاية الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا وأثمرت عنايتها الفائقة فبدت على محمد صلى الله عليه وسلم بوادر النضج المبكر ورأت فيه وهو ابن السادسة مخايل الرجل العظيم الذي طالما تمثلته ووعدت به في رؤاها.
أخذها الموت من "محمد"
حين بلغ محمدٌ السادسة من عمره اصطحبته أمه إلى أخوال أبيه المقيمين في يثرب لمشاهدة قبر فقيدهما الغالي، ومكثت بجوار قبر زوجها ما يقارب شهرا كاملا، بينما "محمد" يلهو ويلعب مع أخواله. وبعدها أخذته عائدة إلى مكة، وفي الطريق تعبت "آمنة" وشعرت بأن أجلها قد حان.
وأخذ الموت آمنة من بين ذراعي ولدها الصغير وفارقت هذه الدنيا، وانهالت أعين الطفل بالبكاء بين ذراعي أمه، فهو لم يدرك معنى الموت بعد. فأخذته "أم أيمن" مرضعته وأكملت معه الطريق.
وعاد اليتيم الصغير إلى مكة حاملًا في قلبه الصغير الحزن والألم، ورأى بعينيه مشهد موت أعز الناس وأقربهم إلى قلبه؛ أمه آمنة.. زهرة قريش الطاهرة.