حرّمت الوهابية، بناء الأضرحة والمقابر داخل المساجد، بل وصل هجومهم الى التطاول على أضرحة آل البيت مثل السيدة نفيسة السيدة زينب وعيرهم محاولين هدمهم.

واستدل الوهابيون على أحاديث واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدين أن تلك الأحاديث تعني في تفسيرها منع بناء الأضرحة داخل المساجد، وأن الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة غير صحيحة.

من بين تلك الأحاديث، قول النبي "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك".

كذلك قول النبي: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

وقال الشيخ الشعراوي، إنه لا يوجد شئ إذا تبرع رجلًا ببناء مسجد وشيد لنفسه بداخله قبر على نفقته الخاصة، النبي قبره في المسجد، والأزهر موجود وقبور الأولياء كلها في المساجد.

واستنكر الشيخ الشعراوي، موقف الرافضين من إقامة القبور والأضرحه في المساجد قائلًا: "التنطع ده سِبنا منه، جايبين دليل ما يعرفوش هم مستدلين به ازاي، يقول لك، لعن الله من اتخذ قبور أنبيائهم مساجد، مش دا الشاهد من الدليل بتاعهم، قول لهم أنتم أغبياء في الاستشهاد".

وتابع: "ما هو القبر الذي فيه جثة الرجل، هل هذا اتخذ قبرًا؟ اتخذ مسجدًا؟ ولا معمول عليه سور حتى بيسموه ايه؟ مقصورة على الدفن لا تتعداه لأي حدث، فمن أين جاء القبر صلاة؛ مصلى، أغبياء يا أخي".

ومضى يقول: "روحوا اهدموا القبر بتاع النبي، فإن قيل خصوصية للنبي قل له لا أبوبكر مدفون فيها وعمر، ونصلي في الصفة والقبر أمامنا، ونصلي في الروضة والقبر على يسارنا ونصلي في منزل الوحي والقبر على يميننا ونصلي في المواجهة والقبر خلفنا، إذن القبرية لا دخل لها، (وقَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) ولم ينكرها الله".

من جانبه قال الشيخ أحمد البشير، من الطريقة الحافظية الخلوتية، في تصريحات خاصة لـ"المواطن"، أن بناء المساجد على الأضرحة هو أمر لا شئ فيه، بل هو مستحب وهو من فعل السلف الصالح الذي أقره الله في القرآن وأقره نبيه في كتابه.

وأضاف أن الله تعالى حكى لنا عن أهل الكهف وقال في شأنهم: "وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"، فقد استقر رأي المؤمنين ببناء مسجدًا على مقبرتهم.

وأكمل أن الهيثمي قد روى أن النبي صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم قال: "في مسجد الحيف قبر سبعين نبي"، ولو كان في الأمر شئ لأمر النبي بهدم المسجد أو إخراج رفات الأنبياء منه ومعاذ الله أن يأمر نبينا بأمر كذلك، وبناء الصحابي أبو جندل مسجدًا على قبر صاحبه أبى بصير وأخباره للنبي بذلك.

وأضاف أن هذه القصة قد أخرجها "البيهقي" في "دلائل النبوة": لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة انفلت رجل من أهل الإسلام من ثقيف يدعى "أبو بصير بن أسيد بن جارية الثقفي" من المشركين، فذكر قصة أبي جندل وأبي بصير المشهورة، وكيف قتل أبو بصير أحد الرجلين اللذين أخذاه من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج حتى أتى سيف البحر، وكيف انفلت أبو جندل بن سهيل من قريش، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما سمعوا بِعِيرٍ خرجت لقريشٍ إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده أن يرسل إلى أبي بصير وأصحابه.

وتابع، في آخره قال: "وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير يأمرهم أن يقدموا عليه، ويأمر من معهما ممن اتبعهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم، ولا يعترضوا لأحدٍ مرَّ بهم من قريشٍ وعيرانها فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- زعموا -على أبي جندل وأبي بصير، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا".

وقال "البشير": "قد دفن سيدنا إسماعيل وأمه السيدة هاجر في الحجر، وقد صلى فيه النبي وأمر السيدة عائشة أن تصلي فيه، بل إن عبد الرازق قد أخبر أنه بين الركن والمقام دفن نحو تسعين نبيا، وقد أرسل الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وأن يدخل فيه حجرة الرسول ويوسعه من جميع جوانبه بشراء الأملاك المحيطه به وهذا أمر حدث على مرأى ومسمع من فقهاء المدينة العشرة وبفعل عمر بن عبد العزيز ووجود التابعين وعلى رأسهم الإمام على بن الحسين ولم يعترض أحد بل إن المسلمون كافه أستحسنوه عبر العصور".

وتابع: "أخرج الحاكم، عن سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين "عليهم السلام"، عن أبيه، أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده".

والحافظ الخطيب البغدادي يقول في تاريخ بغداد: "كان سيدنا محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يومٍ فإذا عرضت لي حاجةٌ صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى".

وأضاف، قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"، عن إبراهيم الحربي قال: "قبر معروف الترياق المجرب"، فهذا الأمر شائع في التاريخ الإسلامي من زمن النبي حتي يومنا هذا ولا علة لتحريمة أو تكفير من يفعله ويقول بذلك فقد أرتكب جريمة كبرى حيث كفر المسلمون.

ومضى يقول، قول سيدنا النبي الذي يسشتهد به من يكفر المسلمين "لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" فهو ليس حجه لأنه لم يفهم معنى الحديث، فمناسبة الحديث أن السيدة عائشة، رضي الله عنها، جلست بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مرض موته، وقالت وهي تسريه وتسليه، يا رسول الله كنا في الحبشة نري أقواما يضعون صور صلحائهم وأنبيائهم علي القبور ثم يصلون لها، فقال عليه الصلاة والسلام: "لعن الله اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، فهم سجدوا للقبور ولأصحابها وقالوا بألوهية أصحابها ولم يفعل أحد من المسلمين ذلك، بل إنهم يصلون لله رب العالمين يؤمنون به وحده لا شريك له.