تعددت التجاوزات داخل منطقة "القاهرة التاريخية"، والتي تعود لعشرات السنوات بدون أن تلتفت إليها وزارة الآثار لتعالجها وتحد منها، فلم يقتصر الأمر على السلسلة الطويلة من السرقات.

"سبيل البازار" وهو مبني آثري يعود لعهد العثمانيون خلال القرن السادس عشر، مر بعدة مراحل ساهمت في تدميره، ما بين نقله من مكانه الأساسي وانتشار القمامة حوله، وحتى السماح ببناء مبنى حديث مخالف ملاصق له مراعاة حرمة الآثر.

سبيل البازدار
أنشأه محمد أفندي البازدار عام1640 م_ 1050هـ، بشارع الباب الأخضر بين الجامع الأزهر وجامع المشهد الحسيني، وكان يعلوه كتاب وملحق بمسجد مندثر حاليًا.

ونقل السبيل فيما بعد إلى درب القزازين بحي الجمالية 2، حجرة التسبيل مستطيلة بها شباكين لتسبيل ماء الشرب يُغشى كل منهما مصبعات من النحاس يوجد شباك في الواجهة الجنوبية الغربية وبجانبه أحد مدخلي السبيل، والشباك الثاني في الواجهة الشمالية الغربية يجاوره المدخل الثاني للسبيل.

يلتقي مدخلا السبيل في دهليز منكسر يلتف حول حجرة التسبيل وفي الدهليز باب آخر يقابل باب حجرة التسبيل يؤدى إلى مبنى مجاور للسبيل تشغله مدرسة ابتدائية، ويجاور هذا الباب باب ثاني يؤدي إلى سلم صاعد إلى الكتاب.

السبيل قائم حاليًا يعلوه الكتاب في درب القزازين المتفرع من شارع أم الغلام بالجمالية.

بازدار: كلمة مركبة من أصل فارسي تتألف من "باز" بمعنى صقر و"دار" بمعنى ممسك، حامل ومعنى الكلمة هو حامل الصقر، وكان البازدار مكلفًا بحمل صقور الصيد السلطانية.

قامت لجنة حفظ الآثار العربية بنقل السبيل من موقعه الأصلي بشارع الباب الأخضر إلى موقعه الحالي في درب القزازين بالجمالية عندما قامت الحكومة المصريّة بإعادة تنظيم الميدان الواقع جامع المشهد الحسيني وبناء مقر مشيخة الأزهر خلال سنتي 1933- 1934.

وقد جاء بملف السبيل المحفوظ في أرشيف قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أن مساحة السبيل عند نقله كانت 80م2 وأن أرضيته كانت مدكوكة بالمونة وغير مكسوة بالرخام، وقد خضع السبيل لأعمال الترميم والإصلاح ضمن الآثار الإسلاميّة بحي الجمالية منذ السنوات الأخيرة من القرن العشرين.

بناء مخالف
في البداية قال أسامة كرار، مسئول اللجنة الشعبية للدفاع عن الآثار، أن فكرة إقامة بناء حديث ملاصق لمبنى آثري، في حد ذاته، أمر مخالف مهما بلغت أهمية هذا البناء الحديث، لافتًا إلى أن الآثار لها حرمتها كما أنها تسطر تاريخ طويل لفترات عاشتها مصر.

وتسائل كرار، في تصريح خاص لــ"المواطن" عن مدى أهمية هذا المسرح الخاص بوزارة الثقافة، قائلًا "البلد واسعة فلماذا نختار الأماكن الآثرية".

البناء تابع للوزارة
ومن جانبها صرحت أماني توفيق، مدير قطاع آثار "القاهرة التاريخية"، أن مسرح خيال الظل (البناء الحديث) حاصل على موافقة مجلس الإدارة وتابع للمجلس الأعلى للآثار ومقام على أرض تابعة للوزارة، مشيرة إلى أنه في عام 2013 حدث لغط حول البناء بسبب تغيير العاملين بمكتب الوزير، وبالفعل تم إرسال جميع الأوراق الخاصة بالقاهرة التاريخية للوزارة، مضيفة أنها تقدمت بطلب للنيابة الإدارية في عام 2014، والتي أصدرت قرارها بحفظ المحضر، وبالتالي انتهى الموضوع.

وتابعت مدير قطاع الآثار بالقاهرة التاريخية، "أنه حتى لو البناء ملاصق للمبنى الآثري مخالف، الأمر لا يعنيني، أنا كمديرة منطقة ملتزمة بقرارات حكومية"، لافتة إلى أن مجلس الإدارة أصدر قراره واللجنة الدائمة صدقت عليه، وحاليًا شكلت لجنة أخرى لاستمرار العمل بمسرح خيال الظل (المبنى المخالف).

الحكم سقط بمضي المدة
وعلى صعيد آخر قالت أماني توفيق، أن المبنى المخالف حصل على الموافقات وتم العمل به من عام 2002، ولذلك قررت النيابة الإدارية حفظ المحضر بعد مضي المدة وسقوط المخالفة.

وأضافت "توفيق" في تصريح خاص لــ"المواطن" أنها استلمت منصبها كمديرة منطقة "القاهرة التاريخية"، من 2006 واستخرجت كل الأوراق الخاصة بالمبنى خلال هذه الفترة، والتي تنفي أي علاقة بيني وبين بناء المبنى المخالف، موضحة أن مؤسسة أسوان للإنشاء والتعمير هي المسئولة عن البناء واستلمت جميع مستحقاتها المالية من الوزارة.