بالصور.. الموت والأمراض داخل شريان الحياة بالفيوم
الثلاثاء 15/أغسطس/2017 - 06:51 م
هاني البنا
طباعة
تعددت مظاهر الحياة السلبية التي ربما باتت عادة تمارس بشكل طبيعي، ومتقبلة لدي الكثيرين من المسئولين، والمواطنين علي نحو سواء، ورغم كل شئ إلا أن شريان الحياة يعد الخط الأحمر الذي لا يجب أن يتحول إلي مقالب للقمامة، أو مدفن للحيوانات النافقة، ومستنقع لشتي أنواع المخلفات الطبية والنفايات التي تتحل وتبُث السم داخل مياه الشرب ومياه الري الزراعي، فتنتشر السرطانات والأمراض، وتتفاقم الأزمات الصحية التي تكلف الجميع وتجعل الجميع في موقع المسئولية، دون تغافل أو تجاهل.
"بحر يوسف"، شريان الحياة بمحافظة الفيوم يشطر المدينة إلي شطرين، وهو أحد أكبر مصبات نهر النيل ويمر وسط 4 محافظات بشمال صعيد مصر هي "أسيوط –المنيا – بني سويف وصولا إلي الفيوم"، عن طريق ترعة الإبراهيمية التي تعمل على نقل المياه من النيل إلى بحر يوسف الذي شقه سيدنا يوسف عليه السلام، قبل الآلاف السنين لكن للأسف الشديد أصبح هذا البحر مصدر وجع وآلام وأمراض للإنسان، علاوة على أنه يتسبب في إصابة الآلاف من أبناء الفيوم بأمراض الكبد والفشل الكلوي، نتيجة تلك الملوثات، واختلاط مياه الشرب والري بمياه الصرف الصحي، وسط حالة من التغافل والاستهتار من قبل المسئولين عن هذه الكارثة البيئية التي تتسل وتبُعث الموت يبطئ إلي أعماق الحياة.
العديد من أصحاب المنازل المُطلة على ضفاف بحر يوسف يقومون بالتخلص من النفايات، ومخلفات البناء داخل البحر ليس هذا فحسب، فعضهم أيضًا يقوم بتحويل صرف منازلهم على مياه البحر وبطول امتداده داخل القرى والنجوع تتصاعد الأزمة بإلقاء البعض للحيوانات والطيور النافقة، ومخلفات المزارع بكل أنواعها ليرتوي الأهالي مياه الشرب المخلوطة بالعديد من الملوثات والمواد المتأكسدة، والمتحللة التي تتسبب في انتشار الأمراض المزمنة بين المواطنين.
ويصف مصطفي إبراهيم، طالب بالمرحلة الثانوية، ما يراه من تعدي قائلًا: "اللي بيحصل سلوك سيء، وأن الناس اعتادت إلقاء القمامة بهذا الشكل، ولا احد يفكر في عواقب ذلك من الأمراض اللي انتشرت داخل كل بيت".
"المسئولين فين؟؟، البحر لا يتم تطهيره إلا مره واحدة وقت السدة الشتوية، وكتر خيرهم علي كدا طول السنة بنشرب مياه مليانه سموم وصرف صحي، وكتر خيرهم اننا بنتعبهم معانا مره في السنه" عبارات التهكم والسخرية التي طالت مسئولي الري والجهات التنفيذية علي لسان عبد الرحمن سعد صاحب مغسلة.
ابتسام محمد تلك السيدة التي تلقي بمخلفات منزلها الكائن علي ضفاف البحر دون أدني مسئولية تقول: "أنا بعمل زي كل الناس ما بتعمل أنا معايا إعدادية، وعارفه إن دا غلط بس هنرمي حاجتنا فين، ومفيش صناديق زبالة قريبة مننا وعمال النظافة مبشفهمش في حينا يبقي نعمل ايه؟".
لم يختلف رد المهندس آمان الله فريد، وكيل وزارة الري بالفيوم، عن المواطنين سوي أن الكلام منمق وربما مفصل بشكل رسمي إلا إنه أيضًا في مجمل حديثة القي وابل الاتهامات تجاه المواطنين، ورفع التقصير تجاه مسئولياته عن تلك الكارثة الطبيعية، معللًا ذلك بضخامة حجم المسئولية التي تمتد بطول البحر وأن المجهود الذي يبذل كبير ولكن الظاهرة أعمق والإهمال وانعدام المسئولية أقوي من أن تتحمله مديرية الري وحدها.
مسئوليات يتواكل بها الكل علي الكل لتصبح متاهة تبحث عن مخرج يبعثُ شعاع نور ينقذ الإنسانية من شبح الإهمال فربما لا تكن مجرد حملة توعية كافية لإنبعات شعاع النور إلا أنها بمثابة خطوة في طريق يستحق الجد والعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.