باختصار شديد وبكل ثقة أؤكد للزميل عبد الرحيم على أن ألفا من بوابتكم لاتغني عن جمهورية واحدة.. وباختصار أشد فالحقيقة أنه منذ ظهور الصحافة الخاصة وهناك حالة من التربص بالصحف القومية ومؤسساتها التي كان لها ومايزال الدور الأكبر في الحفاظ على التوازن الوطني في مصر.
والحق أن الصحافة الخاصة لعبت في السنوات القليلة الماضية أدوارا مشبوهة برغم النجاح الذي حققته.. وهذا لأسباب عديدة منها أنها أوهمت الناس بأنها البديل والمنقذ لهم من الصحف القومية الكاذبة التي تجني الملايين وتبيع الوهم للمواطنين وتعمل على تثبيت أركان النظام الحاكم وتتحدث باسمه وتدافع عنه وتروج له.. وصاحب هذه النغمة موجة جديدة من الحديث عن مشاكل الشارع والمواطنين الكادحين حتى اعتقد الناس أن الصحافة الخاصة ويتبعها الإعلام الفضائي الخاص أيضا هما الملجأ والملاذ من صحافة الحكومة الكاذبة..
لم يكن المواطن العادي وقتها يدرك أن اللعبة أكبر منه ومن أي تناول سطحي وأن في الخلفية رجال أعمال من الحيتان التي تلتهم في طريقها كل شئ بلا ثمن فالمهم مصلحة البيه رجل الأعمال أولا وأخيرا.. كانت هذه باختصار هي قصة الصحافة الخاصة.. رجل أعمال يبحث عن حماية خاصة لمصالحه وأمواله فيقوم بتأسيس صحيفة يدفع فيها الملايين ليهاجم فيها من يريد ويدافع عمن يريد ويحمي مصالحه بالحملات الصحفية الموجهة والمغرضة.. ثم زاد الأمر وظهرت الفضائيات فأطلق رجال الأعمال فضائياتهم لنفس السبب وبنفس المنطق وكلما فكرت الدولة في المساس بأحدهم لتحصل منه على أموال منهوبة أو أرض مسلوبة يقوم بإطلاق الإعلاميين المأجورين على من يتجرأ ويقترب منه حتى لو كان أكبر سلطة في الدولة..
وفي الوقت نفسه كانت الصحافة القومية تعاني وتتراجع لأسباب كثيرة أولها وأهمها هو الهجمة الشرسة من الصحف الخاصة على الصحافة القومية ومؤسسات الدولة في محاولة لتفكيكها والنيل منها حتى تصبح الدولة نفسها فريسة للصحافة الخاصة والإعلام الفاسد لرجال الأعمال أو حتى لجهات مشبوهة تعمل لصالح جهات خارجية..
وفي نفس الوقت أيضا كانت الديون تثقل كاهل تلك المؤسسات وهي الديون التي تراكمت عبر سنوات طوال لم تجرؤ الدولة فيها على حل هذه المشكلة حتى وصلت لمفترق طرق فإما حل مشاكل تلك المؤسسات أو تركها تنهار.. وهو الأمر الذي يضع الدولة في موقف حرج أمام هجمات الإعلام الخاص والمغرض..
أقول هذا الكلام بمناسبة الهجوم غير المبرر من الزميل عبد الرحيم علي ضد جريدة الجمهورية وزعمه في تصريحات نشرتها جريدة وموقع البوابة الذي يرأس تحريره أن جريدة الجمهورية العريقة سيتم تحويلها لإصدار أسبوعي لأنها جريدة فاشلة لاتحقق أرباحا ولا توزيعا .. وهو كلام بالطبع ليس على مستوى المسئولية فالصحافة القومية هي رمانة الميزان في مصر حتى ولو كان هناك آلاف الصحف الخاصة وآلاف المواقع والبوابات والفضائيات المملوكة لرجال أعمال..
وجريدة الجمهورية تحديدا ياسيادة النائب لا يمكن أن تغلق لمجرد أنك تتمنى إغلاقها وتنشر خبرا غير صحيح على لسان مصدر في الهيئة الوطنية للصحافة.. فلن يسمح أحد بإغلاق صرح تاريخي عريق في حجم وتاريخ هذا الإصدار حتى ولو كانت الجريدة والمؤسسة التابعة لها تعانيان من مشاكل مادية وصحفية.. ولن يستطيع كائن من كان أن يغلق جريدة لها تاريخ جريدة الجمهورية.. والحق أن ألفا من بواباتك لاتغني عن جمهورية واحدة فقط مثل جمهوريتنا لأن تاريخنا الوطني يشفع لنا حتى لو كانت المشاكل والعوائق تحاصرنا من كل اتجاه.. ولن أتحدث هنا عن تاريخ الجمهورية منذ نشأتها ولا بداياتها ولا من الذي تولى رئاسة تحريرها ولكن أتحدث عن ثوابت وطنية لم تخرج عنها الجريدة طوال تاريخها المضيء.. فلم يثبت يوما أنها نشرت موضوعا مقابل أموال حصلت عليها أو أنها قامات بحملة صحفية مثلا لصالح أحد رجال الأعمال في صفقة مشبوهة.. أو أن صحفيا في الجمهورية أو في أي من إصدارات دار التحرير مثلا قام بالتعاون مع جهات مشبوهة سعيا لنشر مواد صحفية تضر باستقرار وأمن الوطن..
ولم يحدث مثلا في تاريح الجمهورية أن دافعت عنها جهات مشبوهة كما حدث مع موقع وجريدة البوابة التي كانت محل اهتمام من موقع "هافينجتون بوست" عربي.. وهو الموقع ذو الميول الإخوانية الذي أسسه وضاح خنفر الإعلامي الفلسطيني والمدير العام السابق لشبكة الجزيرة و المدير العام لشركة " إنتجرال ميديا ستراتيجيس" وهو الموقع الذي يرأس تحريره الصحفي أنس فودة رئيس التحرير السابق لموقع إم بي سي نت وأحد مؤسسي موقع العربية نت..
هذا الموقع الإخواني هو الذي تبنى الدفاع عن موقع وجريدة البوابة التي تهاجم الجمهورية وتدعي أنها ستتحول لإصدار أسبوعي بسبب خسائرها.. هذا الموقع الإخواني هو الذي دافع عن البوابة ونشر تقريرا يهاجم فيه وزير الداخلية مجدي عبد الغفار ويتهمه بمصادرة عدد من جريدة البوابة لأنه تجرأ ونشر خبرا عن مرور عام على هروب حبيب العادلي..
أليست غريبة أن يدافع الإخوان عن عبد الرحيم على وبوابته رغم هجومه العنيف عليهم ورغم صندوقه الأسود الذي كان يفضحهم.. مصادفة غريبة وتناقض أشد غرابة!!
ثم تأتي المصيبة الأكبر عندما ينفي كرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة صحة الخبر الذي نشرته البوابة عن تحويل الجمهورية لعدد أسبوعي.. بل ويؤكد كذب الخبر المنشور فيقول نصا " إن الهيئة بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية، التي تحفظ حقها في التصدي لمثل هذه الأخبار التي تثير البلبلة وتنال من حالة الاستقرار التي تسود المؤسسات الصحفية القومية.
ويؤكد أن هذا الخبر عار تماما عن الصحة جملة وتفصيلا.. ولا ظل له من الحقيقة أو الواقع.. والكلام منشور في بوابة الأهرام على لسان كرم جبر لمن أراد أن يطالع الخبر بنفسه!
وشدد جبر في نفس الخبر على ضرورة الالتزام بالمعايير المهنية لنشر الأخبار وقال نصا: "هذه الأخبار غير الصحيحة تأتي في الوقت الذي أقرت فيه الهيئة الوطنية للصحافة مشروع الإصلاح الشامل في المؤسسات الصحفي.
أعتقد بعد كل هذا أن الأمر ليس مجرد خبر تم نشره خاصة بعد أن تجاوزت الصحيفة الخطوط الحمراء في النشر، فبعد أن نشرت تحقيقا بعنوان "كرهت الله" تروج فيه للإلحاد ثم تنشر خبرا بعنوان " لبيك يا ساحل" ثم تنشر أخيرا خبرا مكذوبا عن جريدة الجمهورية ذات التاريخ الناصع والعريق.. بعد كل هذا أعتقد ان الأمر ليس مجرد صدفة وأنه يحتاج لتدخل عاجل من الهيئة الوطنية للصحافة التي طالما حدثتنا عن المعايير المهنية والأخلاقية في النشر!