ورغم أنه كان من المفترض أن يوقظ هذا الزلزال- أي زيارة السادات لإسرائيل وخطابه في الكنيست ثم التفاوض مع قادتها - العرب من سباتهم العميق في مواجهة العدو الصهيوني،ويدفعهم للخروج من قمقم الرفض والممانعة السلبية التي لا تفيد
بعد 40 عاما من زيارته لإسرائيل.. السادات لايزال بطل الحرب والسلام
يوافق اليوم التاسع عشر من نوفمبر الذكرى
الأربعين لزلزال أحدثه الزعيم خالد الذكر محمد أنور السادات في منطقتنا العربية
ولا تزال توابعه تتواصل حتى اليوم.
ورغم أنه كان من المفترض أن يوقظ
هذا الزلزال- أي زيارة السادات لإسرائيل وخطابه في الكنيست ثم التفاوض مع قادتها -
العرب من سباتهم العميق في مواجهة العدو الصهيوني،ويدفعهم للخروج من قمقم الرفض
والممانعة السلبية التي لا تفيد،وليعبروا حدود تمترسهم خلف لاءات لاتجدي،إلى
الدخول في مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الأراضي
العربية التي لاتزال تحتلها بعدوانها في 5 يونيو 1967،غير أن زعماء العرب ضيعوا أكثر
من 15 عاما في رفضهم لأية حلول بالتفاوض مع إسرائيل لإعادة الحقوق المسلوبة.
عندما كبد السادات والجيش المصري
المتحالف مع دول عربية أخرى من إلحاق أول هزيمة بجيش إسرائيل الذي زعم أنه لا يقهر،ولقن
العدو الإسرائيلي درسا لا ينسى،واستعاد جزءا من سيناء العزيزة وأعاد الملاحة لقناة
السويس شريان الملاحة العالمي،وأيقن أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم بكل قوة
إسرائيل حليفها الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط،مع تراخي الدور السوفيتي في دعم
الدول العربية،دعا الجميع للتقاوض مع إسرائيل من موقف القوة وبدعم من انتصارات
السادس من أكتوبر 1973،غير أن غالب قادة العرب أشاحوا بوجوههم عنه، وأصموا
آذانهم،وأعموا أعينهم، ولم يتفقوا إلا على فرض حصار على مصر كنانة الله في أرضه،
وحامي حمى العرب،حتى جامعة الدول العربية "بيت العرب "نقلوها إلى تونس
رغم مخالفة ذلك النقل لميثاقها.
وفي ختام مفاوضات مصرية إسرائيلية
برعاية أمريكية وقعت الدولتان يوم 26 مارس 1979 في واشنطن معاهدة كامب ديفيد للسلام بعد 16 شهرا من زيارة الرئيس السادات لإسرائيل
في عام 1977 ،وكانت السمات الرئيسية للمعاهدة الاعتراف المتبادل،ووقف حالة الحرب التي
كانت قائمة منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948،وتطبيع العلاقات، وسحب إسرائيل
الكامل لقواتها المسلحة والمدنيين من شبه جزيرة سيناء حتى اكتمل انسحابها في 25
أبريل 1984، وعادت مدينة طابا لمصر بحكم دولي ،وتم رفع علم مصر عليها يوم 19 مارس
1989 ليرفرف فى عزة وكرامة على آخر بقعة من أرض سيناء ليتم تحرير كامل الأرض المصرية
التي احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة في عام 1967.
وبعد 10
أعوام من رفض منظمة التحرير الفلسطينية مشاركة السادات في التفاوض ثنائيا مع
إسرائيل في كامب ديفيد،أدركت المنظمة بقيادة ياسر عرفات أن الحل لا يكمن في لاءات
الرفض،ويجب إدراك أن الحرب لن تجدي مع إسرائيل التي تدعمها أمريكا بكل ما أوتيت من
قوة،فاضطر عرفات ومنظمة التحرير للتقاوض مع تل أبيب سرا في
البداية برعاية أمريكية العام 1991 في أوسلو بالنرويج،ثم جرى توقيع اتفاقية "أوسلو
1"، المعروفة رسميا بإسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي بين
إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993،بحضور
الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون،وجرى على أساسها إنشاء السلطة الوطنية
الفلسطينية،والتزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات بحق دولة
إسرائيل في العيش في سلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع
الدائمة من خلال المفاوضات.
وبعد عام ثم انضمت الأردن لركب السلام ،فتم
توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية "معاهدة وادي عربة" في 26 أكتوبر
1994،وترتبط هذه المعاهدة مباشرة بالجهود المبذولة في عملية السلام بين إسرائيل ومنظمة
التحرير الفلسطينية. بتوقيع هذه المعاهدة أصبحت الأردن ثاني دولة عربية بعد مصر وثالث
جهة عربية بعد مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية تطبع علاقاتها مع إسرائيل.
ولاتزال إسرائيل تحتل أجزاء من
سوريا ولبنان،وترفض الانسحاب منها بزعم أنها لم تتوصل لمعاهدتي سلام معهما.
وكل يوم يثبت فعلا أن الزعيم السادات كان سابقا لعصره وأقرانه من الحكام العرب،وأن سياساته التي انتهجها كانت الأصوب والأحق أن يتبعونها...فرحم الله السادات الذي أخلص لشعبه وأمته وكان بالفعل بطل الحرب والسلام.