دائما ما يمارس زعماء العالم، ما يسمى باللعبة السياسية، وتعد منطقة الشرق الأوسط، ارض خصبة لكل زعماء ورؤساء أوروبا، لممارسة هذه اللعبة، وسوريا من أكثر المناطق العربية، التي كانت ولا تزال بحر خضم، يستغله زعماء العالم لكي يتنافس كل واحد منهم مع الآخر، ويحاول أن يثبت قدراته ودهائه السياسي، وهنا سنجد الأضواء تتهافت وبشكل قوي على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

لقطة تلفت النظر:
ليس المقصود التعظيم من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أو التحيز للتوجه اليساري، وإنما حينما نجد واحدة من أشهر وأهم الصحف العبرية، وهي "جيروزاليم بوست"، قد ألقت الضوء على بوتين، والتأثير الذي من الممكن يسببه لإسرائيل، في حال تنفيذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للرئيس بشار الأسد، فهذه اللافتة تستحق أن تلفت النظر.

ماذا هدد نتنياهو.. وماذا علق الإعلام الإسرائيلي:
وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تهديدات للرئيس السوري، بشار الأسد بأنه ينوي مهاجمة دمشق وضربها عسكريا، في حال السماح بإنشاء قاعدة عسكرية إيرانية بسوريا، وتهديدات نتنياهو، ليست بالغريبة فهي أمر طبيعي، كونه يخشى على مصالحه وتحديدا، هضبة الجولان، ولكي تكون الأمور أوضح، فإسرائيل من الممكن أن تختلق الأسباب والأكاذيب الواهية لتهديد إيران، لكن ما يعد حقا أمرا يستحق البحث هو ما ذكرته صحيفة "جيروزاليم بوست" ذات التوجه العبري، من أنه يتوجب على نتنياهو وقبل الشروع في تنفيذ تهديداته في حال تحقيق مخاوفه من طهران، أن ينتبه لروسيا وما يمكن أن يشكله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خطورة عليه، تلك هي القضية.

دهاء بوتين السياسي:
بعد ما نوه عنه الإعلام الإسرائيلي، حول بوتين، والنصيحة التي قدمت لنتنياهو، أصبح إذا من الضروري، الاعتراف بأن الرئيس الروسي، أثبت أنه يمتلك دهاء سياسي قوي، تفوق به فيما يسمي بـ"اللعبة الشرق أوسطية" على كل من الرئيسين الأمريكي باراك أوباما ودونالد ترامب لأنه وببساطة، اعتمد على مبدأ الواقعية السياسية والخبرته في المنطقة العربية، وهو ما لم ينتبه له ترامب أو أوباما.

لعبها صح:
ربما يكون من الضروري معرفة، كيف تمكن الرئيس الروسي، من ممارسة لعبته السياسية في المنطقة بطريقة صحيحة، وكيف لفت له الأنظار حتى أكثر من رؤساء واشنطن، وهذا سيتضح عند معرفة أين يكمن دهاء بوتين السياسي، فعند محاولة معرفة أهم المجريات، التي شهدتها دمشق مؤخرا، سنكتشف أن روسيا قد تكبدت خسائر مالية مهولة، علاوة على خسارتها من قادة عسكريين روس بارزين، لكن روسيا ليست غبية فقد عمل بوتين على تكبد كل هذه الخسائر لما ستعود عليه من فوائد في النهاية فقد فتحت له الحرب، منجما لشركات بيع الأسلحة الروسية، وما خفي كان أعظم.

روسيا تستفيد من داعش:
يخفي في جعبة روسيا الكثير، اذي يدل على ما تمتلكه من دهاء سياسي بحت فربما تتعجب سيدي القاريء، إذا عرفت أن روسيا وفي حملتها ضد "داعش"، لكن هذا حقيقي فقد كان لحملتها العسكرية ضد هذا التنظيم، فرضة لإختار ليس أقل من 600 نوع من أسلحتها، بما فيها من مخزونات الأسلحة القديمة، إذ حتى طائرات إس- يو 25 التي يصفها الكاتب بأن قنابلها لم تصب أهدافها بشكل دقيق في نحو 1600 حادثة في مناطق المعارضة السورية، باتت تُباع الآن بشكل جيد.

هدف بوتين:
لا شك أن روسيا بذلت مجهود ملحوظ في سوريا، لكن القضية الأبرز هو معرفة الهدف الذي يطمح له الرئيس فلاديمير بوتين، إن كل ما يحتاجه الآن هو أن يربح معركة السلام، ليقدم نفسه إلى بقية بلدان الشرق الأوسط بوصفه الرجل الذي لا يتخلى عن حلفائه في الضراء أو السراء وأنه سيصبح لاعبا معترفا به في المشهد العالمي.

هدف بوتين من بقاء الأسد في السلطة:
ملحوظة "جيروزاليم بوست" العبرية، وتحذيرها لنتنياهو، من الرئيس الروسي، جعلت هناك ضرورة لقراءة ما بين السطور، وما تخفيه النوايا الروسية، وترى ما هو السر وراء إصرار فلاديمير بوتين من استمرار بشار الأسد، في السلطة، بهذه الطريقة، ستوسع روسيا قاعدتها البحرية في طرطوس، لاستيعاب عشرات السفن الحربية، وستسعى أيضا لتقرير من سيمثل المعارضة في مفاوضات الطاولة المستديرة المستقبلية، وأن تتولى أمريكا والاتحاد الأوروبي قائمة تمويلات إعادة بناء البنية التحتية المحطمة في سوريا، على أن تنسحب الولايات المتحدة بعد فترة وجيزة، بوصة بوصة، من الشرق الأوسط.

كيف تمكن بوتين من خداع ترامب؟:
وفقا لما سبق ذكره، فإن فلاديمير بوتين، قد تمكن من خداع الولايات المتحدة، والسبب وراء ذلك بسيط فهو ضابط مخابرات سابق، تدرب على يد رئيس الوزراء والقيادي السابق في المخابرات الروسية، يفغيني بريماكوف، الذي علمه كيف يستخدم الشرق الأوسط كرصيد ومنطقة نفوذ ضد الولايات المتحدة.

الخلاصة:
القضية بدأت من مجرد لقطة في إحدى الصحف العبرية، حاولنا من خلاله الكشف عن ما هدف له الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وكيف أثبت أنه ذات دهاء سياسي خارق، وكيف انتصر على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وجعل من بلاده ذات صقل في المنطقة، الهدف إذا الذي يطمح إليه من كل ذلك هو، حماية روسيا من المتمردين الإسلاميين فيها، ولكن في المستوى الأعم أيضا إظهار تعب الولايات من الحرب وترددها في القيادة.