بالصور.. "نصطبح بالطين ونتمسى بالعجين".. صناعة الطوب في مهب الريح بسوهاج
السبت 27/يناير/2018 - 12:22 م
سوهاج _ أيمن الجرادى
طباعة
صناعة قديمة لها تاريخ عبر الزمن، ولا تزال على درجة كبيرة من الأهمية في عصرنا الحالي، ولكن بعض المعوقات التي تواجه العاملين بها لكونها صناعة شاقة ومرهقة بدنيا وغير مجزية مادياً، تهدد باندثار تلك الصناعة، هى صناعة "الطوب البلدي"، وتعد مصدر رزق للعديد من المواطنين ولأبنائهم، في صعيد مصر وخاصة محافظة سوهاج.
ينغمس الكثير من الكبار والصغار في أكوام من الطين، تكاد تُعمى ابصارهم او تقتُلهم مرضا نتيجة البرودة الشديدة التي تَنهش عظامهم، فلا ترحمهم الأيام الصعبة ومتطلبات الحياة من العمل شتاءاً في البرد القارص أو صيفاً تحت لهيب الشمس الحارقة، بالإضافة إلى أمراض كثيرة أخرى مثل الروماتيزم، والرطوبة، والغضروف، والبلهارسيا، وأمراض العظام المختلفة.
يحكي لنا "محمد.س" 47 عامًا، ويقطن بقرية بنجا بدائرة مركز طهطا، لديه 5 أبناء منهم 3 فى المراحل التعليمية المختلفة، ويعمل فى صناعة الطوب البلدي "دقاق طوب"، قائلا: ورثت تلك الصناعة عن آبائي وأجدادي ولم اتعلم صناعة غيرها، لذلك لا يمكن ان احترف صناعة اخرى غيرها، وتأتى علينا ايام وليالي نحتار فيها في الحصول على الجنيه لتلبية متطلبات أبنائي من المأكل والمشرب وخاصة فى موسم الشتاء يكون الطلب على الطوب قليل، وأيضا ظهور عدد من المصانع والورش التى تقوم حاليا بانتاج طوب أحمر بأشكاله المتنوعة، مما جعل الطلب على الطوب البلدي أقل مما كان قبل.
وبسؤاله عن مكونات تلك الصناعة، قال إنها خليط من التربة "الطين" نأتي به من الأراضي الزراعية أو المنازل الطينية التي تم هدمها، بالإضافة إلى بعض قش الأرز أو القمح "التبن" أو "الدمس" أو الشعير، المكسر أو المدروس وناعم أو مخلفات القصب والتي نأتي بها من مصانع السكر بنجع حمادي، والتي يصل سعرها إلى 3000 جنيه، بالإضافة إلى بعض الرماد ان وجد، ويتم خلطهما جيدا وتركهما لمدة يوماً كامل على الاقل بالماء على هيئة كتلة طينية كبيرة "مخمرة"، ثم يتم هرسها جيدا من العمال وتنعيم تلك الخلطة وإزالة ما بها من طوب وزلط وأي شوائب أخرى.
وأضاف أنه في اليوم التالي نأتي بـ "الفورمة" التي يتم تشكيل قالب الطوب على هيئتها، والذى يصنع من الخشب وغالبا ما يكون مقاسة 10سم عرض و20سم طول، أو 11سم عرض و21 سم طول، أو أكبر من ذلك أو أقل حسب الطلب على مقاس الطوب فى قليل من الاحيان، ويقوم العمال من خلفه بتقطيع الطين من "المخمرة" ونقلة عن طريق "شيكارة" لها أيادي او "برويطة" لها عجل فى أغلب الاحيان، ووضعه بجواره ليقوم بقطع كتل صغيرة من الطين ليضعها فى "الفورمة" على ارضية مستوية، ومغطاة ببعض التبن او أو كسر الأرز أو كسر القمح وغيرها، والتي تساعد على عدم التصاق القالب المصنوع بالأرض، ويضيف بناكلها من حلال ربنا ومفيش اقل من الطين نشتغل فيه نصبح ونمسي عليه.
يلتقط الحديث بصوته الضعيف الأجش عم "محمود.ا" 57 عام، والذى أفنى حياته في تلك المهنة قائلاً: أنا رجل مسن وأعمل في الصنعة القاسية حتى لا أمد يدي لأحد، ويضيف بعد صناعة الطوب يترك تحت أشعة الشمس لمدة من 5 أيام إلى 10 أيام، ونقوم بين الحين والاخر بتقليبه، حتى يتعرض لأشعة الشمس والهواء من كل جانب حتى يجف سريعا، ثم نقوم بتجميع هذا الطوب في مكان معين ونقوم بصناعة غيره حتى نجمع مايقارب 15 او 30 او 45 ألف طوبة اكثر من ذلك او اقل ونقوم بعمل "قمينة" او تسمى "كوشة" يتم إقامتها بصورة مربعة او مدورة عن طريق اصطفاف الطوب بجوار بعضه البعض وفوق بعضه البعض، ويتخلل الطوب اثناء بنائة بعض المازوت او الفحم، بالإضافة الى بعض إطارات السيارات او العجل المصنوعة من الجلد، ويتم وضع بعض الاخشاب او الجريد أو إفلاق النخيل أسفل تلك القمينة "الكوشة" وإشعال النار بها لتتحول من الطوب اللبني إلى الأحمر.
ويضيف أن العاملين في مجال الطوب ليس لهم تأمين صحي أو معاش يضمن لهم حياة كريمة بعد التقاعد عن العمل، وقد نتعرض للتسريح من قِبل أصحاب المصانع في حالة تعرضنا لأزمة صحية لا نقدر نتيجة لها على العمل، وإحنا طول حياتنا بنصطبح على الطين ونتمسى على العجين ومفيش شغالين اقل من كده ونقول الحمد لله.
أما الطفل "أسامة" 16 عام طالب بالصف الثاني الثانوي التجاري من قرية الجريدات شمال سوهاج، يقول اشتغل بتلك المهنة منذ 4 أعوام حتى أتمكن من قضاء حوائجي وتلبية متطلبات المدرسة واساعد أهلي في بعض الأحيان ولا اتسول او اسرق مثل الكثير من الشباب.
ويضيف قائلاً: "نحن الطوابين اللي ضايعين فى النص لا الحكومة مساعدانا ولا صاحب الشغل راحمنا، ونطالب بتأمين صحي لنا خوفا من غدر الزمان، وخاصة أنه لا يوجد وظائف حكومية نلتحق بها".
ويؤكد "سالم"، على أن الأهالي لايقومون بشراء الطوب مثلما كان من ذي قبل، لذلك يقومون بتحويله إلى طوب أحمر عن طريق حرقه في القمينة، وهذا مكلف لان سعر طن الفحم وصل 3000 جنيه، بالإضافة إلى مصاريف انتقاله، والعمالة والأخشاب وإفلاق النخيل التى تدخل فى عملية الحرق، ويتم دهان القمينة بأكملها بالمازوت او الفحم في كافة الجوانب وبداخلها وتبدأ عملية الحرق للطوب،وتستمر عملية حرق القمينة 3 أو 4 أيام، وتترك حتي تبرد تماماً للبدء في إخراج الطوب المحروق البلدي منها فيما بعد، وأضاف ان الحكومة تقوم بتحرير محاضر بيئة لهم ومحاضر تجريف اراضي زراعية بأعداد كبيرة، واحنا عمالين نتحايل نأكلها بالحلال، "زى اللى بيقولوا لينا روحوا اسرقوا أكسب ليكم".
ويضيف عم "سالم "ان الطوب البلدي اكثر متانة من الطوب الأخر الذي يدخل في صناعته الرمل، وثمنه أقل على المشتري من الطوب الذي يخرج من المصانع، وطالب المسئولين بعمل نقابة لهم مثل المهن الاخرى حتى يمكن لهم الاستفادة من المعاش بعد السن المسموح، وتؤمن بعض الشئ حياة أبناءنا أو تساعد فى تلبية متطلباتنا من مأكل او مشرب أو دواء بعد كبر السن وعدم القدرة على العمل.
وأكد على رشدي مهندس زراعي أن القمائن تؤثر بالسلب وينتج عنها أضرار كثيرة للمواطنين عن طريق الادخنة المتصاعدة منها لأيام متتالية نتيجة استنشاق الأطفال والكبار لها، وتؤثر بالتالي على صحتهم، مما يضطرهم لتحرير محاضر بتلك المخالفات.
ينغمس الكثير من الكبار والصغار في أكوام من الطين، تكاد تُعمى ابصارهم او تقتُلهم مرضا نتيجة البرودة الشديدة التي تَنهش عظامهم، فلا ترحمهم الأيام الصعبة ومتطلبات الحياة من العمل شتاءاً في البرد القارص أو صيفاً تحت لهيب الشمس الحارقة، بالإضافة إلى أمراض كثيرة أخرى مثل الروماتيزم، والرطوبة، والغضروف، والبلهارسيا، وأمراض العظام المختلفة.
يحكي لنا "محمد.س" 47 عامًا، ويقطن بقرية بنجا بدائرة مركز طهطا، لديه 5 أبناء منهم 3 فى المراحل التعليمية المختلفة، ويعمل فى صناعة الطوب البلدي "دقاق طوب"، قائلا: ورثت تلك الصناعة عن آبائي وأجدادي ولم اتعلم صناعة غيرها، لذلك لا يمكن ان احترف صناعة اخرى غيرها، وتأتى علينا ايام وليالي نحتار فيها في الحصول على الجنيه لتلبية متطلبات أبنائي من المأكل والمشرب وخاصة فى موسم الشتاء يكون الطلب على الطوب قليل، وأيضا ظهور عدد من المصانع والورش التى تقوم حاليا بانتاج طوب أحمر بأشكاله المتنوعة، مما جعل الطلب على الطوب البلدي أقل مما كان قبل.
وبسؤاله عن مكونات تلك الصناعة، قال إنها خليط من التربة "الطين" نأتي به من الأراضي الزراعية أو المنازل الطينية التي تم هدمها، بالإضافة إلى بعض قش الأرز أو القمح "التبن" أو "الدمس" أو الشعير، المكسر أو المدروس وناعم أو مخلفات القصب والتي نأتي بها من مصانع السكر بنجع حمادي، والتي يصل سعرها إلى 3000 جنيه، بالإضافة إلى بعض الرماد ان وجد، ويتم خلطهما جيدا وتركهما لمدة يوماً كامل على الاقل بالماء على هيئة كتلة طينية كبيرة "مخمرة"، ثم يتم هرسها جيدا من العمال وتنعيم تلك الخلطة وإزالة ما بها من طوب وزلط وأي شوائب أخرى.
وأضاف أنه في اليوم التالي نأتي بـ "الفورمة" التي يتم تشكيل قالب الطوب على هيئتها، والذى يصنع من الخشب وغالبا ما يكون مقاسة 10سم عرض و20سم طول، أو 11سم عرض و21 سم طول، أو أكبر من ذلك أو أقل حسب الطلب على مقاس الطوب فى قليل من الاحيان، ويقوم العمال من خلفه بتقطيع الطين من "المخمرة" ونقلة عن طريق "شيكارة" لها أيادي او "برويطة" لها عجل فى أغلب الاحيان، ووضعه بجواره ليقوم بقطع كتل صغيرة من الطين ليضعها فى "الفورمة" على ارضية مستوية، ومغطاة ببعض التبن او أو كسر الأرز أو كسر القمح وغيرها، والتي تساعد على عدم التصاق القالب المصنوع بالأرض، ويضيف بناكلها من حلال ربنا ومفيش اقل من الطين نشتغل فيه نصبح ونمسي عليه.
يلتقط الحديث بصوته الضعيف الأجش عم "محمود.ا" 57 عام، والذى أفنى حياته في تلك المهنة قائلاً: أنا رجل مسن وأعمل في الصنعة القاسية حتى لا أمد يدي لأحد، ويضيف بعد صناعة الطوب يترك تحت أشعة الشمس لمدة من 5 أيام إلى 10 أيام، ونقوم بين الحين والاخر بتقليبه، حتى يتعرض لأشعة الشمس والهواء من كل جانب حتى يجف سريعا، ثم نقوم بتجميع هذا الطوب في مكان معين ونقوم بصناعة غيره حتى نجمع مايقارب 15 او 30 او 45 ألف طوبة اكثر من ذلك او اقل ونقوم بعمل "قمينة" او تسمى "كوشة" يتم إقامتها بصورة مربعة او مدورة عن طريق اصطفاف الطوب بجوار بعضه البعض وفوق بعضه البعض، ويتخلل الطوب اثناء بنائة بعض المازوت او الفحم، بالإضافة الى بعض إطارات السيارات او العجل المصنوعة من الجلد، ويتم وضع بعض الاخشاب او الجريد أو إفلاق النخيل أسفل تلك القمينة "الكوشة" وإشعال النار بها لتتحول من الطوب اللبني إلى الأحمر.
ويضيف أن العاملين في مجال الطوب ليس لهم تأمين صحي أو معاش يضمن لهم حياة كريمة بعد التقاعد عن العمل، وقد نتعرض للتسريح من قِبل أصحاب المصانع في حالة تعرضنا لأزمة صحية لا نقدر نتيجة لها على العمل، وإحنا طول حياتنا بنصطبح على الطين ونتمسى على العجين ومفيش شغالين اقل من كده ونقول الحمد لله.
أما الطفل "أسامة" 16 عام طالب بالصف الثاني الثانوي التجاري من قرية الجريدات شمال سوهاج، يقول اشتغل بتلك المهنة منذ 4 أعوام حتى أتمكن من قضاء حوائجي وتلبية متطلبات المدرسة واساعد أهلي في بعض الأحيان ولا اتسول او اسرق مثل الكثير من الشباب.
ويضيف قائلاً: "نحن الطوابين اللي ضايعين فى النص لا الحكومة مساعدانا ولا صاحب الشغل راحمنا، ونطالب بتأمين صحي لنا خوفا من غدر الزمان، وخاصة أنه لا يوجد وظائف حكومية نلتحق بها".
ويؤكد "سالم"، على أن الأهالي لايقومون بشراء الطوب مثلما كان من ذي قبل، لذلك يقومون بتحويله إلى طوب أحمر عن طريق حرقه في القمينة، وهذا مكلف لان سعر طن الفحم وصل 3000 جنيه، بالإضافة إلى مصاريف انتقاله، والعمالة والأخشاب وإفلاق النخيل التى تدخل فى عملية الحرق، ويتم دهان القمينة بأكملها بالمازوت او الفحم في كافة الجوانب وبداخلها وتبدأ عملية الحرق للطوب،وتستمر عملية حرق القمينة 3 أو 4 أيام، وتترك حتي تبرد تماماً للبدء في إخراج الطوب المحروق البلدي منها فيما بعد، وأضاف ان الحكومة تقوم بتحرير محاضر بيئة لهم ومحاضر تجريف اراضي زراعية بأعداد كبيرة، واحنا عمالين نتحايل نأكلها بالحلال، "زى اللى بيقولوا لينا روحوا اسرقوا أكسب ليكم".
ويضيف عم "سالم "ان الطوب البلدي اكثر متانة من الطوب الأخر الذي يدخل في صناعته الرمل، وثمنه أقل على المشتري من الطوب الذي يخرج من المصانع، وطالب المسئولين بعمل نقابة لهم مثل المهن الاخرى حتى يمكن لهم الاستفادة من المعاش بعد السن المسموح، وتؤمن بعض الشئ حياة أبناءنا أو تساعد فى تلبية متطلباتنا من مأكل او مشرب أو دواء بعد كبر السن وعدم القدرة على العمل.
وأكد على رشدي مهندس زراعي أن القمائن تؤثر بالسلب وينتج عنها أضرار كثيرة للمواطنين عن طريق الادخنة المتصاعدة منها لأيام متتالية نتيجة استنشاق الأطفال والكبار لها، وتؤثر بالتالي على صحتهم، مما يضطرهم لتحرير محاضر بتلك المخالفات.