فيديو| "أم عبده".. حكاية مكافحة ذاع صيتها بالإسكندرية.. تصنع "المأكولات" بأسعار منافسة.. مات "ابنها" ولا يزال على قيد الحياة
الخميس 08/فبراير/2018 - 05:41 ص
أحمد سعيد
طباعة
في منطقة الإبراهيمية وسط الإسكندرية، وبالتحديد بشارع أبو قير أمام شركة الكهرباء بالقرب من مبني كلية الهندسة، تجلس "أم عبده" علي "كرسي وترابيزة" بابتسامة رضا، لتعرض بعض الحلوى والخضار المنظف والمقطع بأنواعه المختلفة والأطعمة التي تقوم بصنعها لبيعها للمواطنين.
فمع دقات تمام الثانية عشر ظهرا، تبدأ المرأة رحلة عملها مفترشة ما لديها من حلوى وطعام، تنتظر زبائنها الذين تعودوا علي شراء منتجاتها، حتى ذاع صيتها بين أبناء المنطقة، لتعود إلى منزلها في تمام الثالثة عصرا حاملة ما قسمه الله لها من رزق، لتضعه بين يدي زوجها المريض الذي حال المرض بينه وبين العمل، ضاربة المثل للزوجة المثابرة التي تعين زوجها علي متاعب الحياة وصعوبة المعيشة في وقت شدته.
بعد رحلة من البحث بين الأزقة، تمكنت "بوابة المواطن" من التوصل إلى تلك المرأة التي تعد نموذج للمرأة المصرية الصابرة، ونموذج للكفاح المشرف، ونموذج لنساء من طين الأرض المصرية الصلبة، الباحثة عن لقمة عيشها بـ"عرق جبينها".
تقول "أم عبده"، أن زوجها كان يعمل موظفًا في "سنترال المنشية"، وجاءت إليها الفكرة بعد أن مرت بضائقة مالية أثناء تجهيزها لابنتها لتزويجها، مما اضطرها للتداين لجيرانها، ومن هنا اقترحت علي زوجها أن تساهم معه في حمل أعباء المعيشة وسد الديون المتراكمة بأن تقوم بصنع الطعام وإعداده له ومن ثم يقم هو بتوزيعه علي زملائه في العمل بالشركة بثمن رخيص مقارنة بالأسعار المتداولة في المحال والمطاعم.
- قصة كفاح لا تعرف اليأس..
وتضيف بائعة الطعام، أنها بدأت في تنفيذ فكرتها بـ 10 جنيهات فقط، حيث كانت لا تملك غيرها، وسرعان ما مرض زوجها وأصبح يعاني من "سرعة في نبضات القلب وارتفاع في ضغط الدم والسكر"، ولم تجد من يقم ببيع الطعام بدلا منه داخل الشركة، فاقترحت عليها إحدى صديقاتها بأن تذهب لبيع منتجاتها بين موظفي شركة الكهرباء بالمنطقة، وانطلقت بالفعل وبدأت في السعي يوميا بين موظفي الشركة لبيع منتجاتها والترويج لنفسها، كما اتسعت الدائرة لتصبح تتراود علي المعهد العالي للبحوث ومستشفي جمال عبد الناصر للبيع للموظفين، قائلة: "كنت بلف بالشغل بتاعي لحد ما أوزّعه ويخلص، وأعود للمنزل لصنع غيره وأرجع مرة أخري في اليوم التالي لتوزيعه".
- صعوبات وتحديات..
وأضافت أنه ذات يوم قام رجال الأمن بالشركة بمنعها من الدخول نظرا لكونها غير موظفة بالشركة، واقترح عليها أحد رجال الأمن بأن تجلس بالشارع أمام الشركة لتبيع منتجاتها وسط المارة دون أن يعترضها أحد، وعلى الفور بدأت في تنفيذ ذلك وجلبت "كرسي وترابيزة"، وبدأت تعرض منتجاتها التي تتفنن في صنعها لتجلب مزيدا من الزبائن.
- سر شهرتها..
بالكلمة الطيبة والبسمة التي تكسو دائما وجهها، بدأت "أم عبده" تجذب الأنظار إليها حتى ذاع صيتها بين أهالي المنطقة، وظلت هكذا تمارس عملها منذ قرابة 10 سنوات في ذات المكان، وسبق تلك المدة 5 سنوات ظلت تجوب خلالهم الشركات والمستشفيات لبيع منتجاتها، لتعود في نهاية اليوم بقوت يومها لأفراد الأسرة.
"كنت أحيانا أرجع إلي المنزل لأولادي دون أن أبيع شيئا، ولكن أكملت دون يأس وكنت أطعمه لأولادي، ثم أصنع غيره في اليوم التالي" تقول المرأة المكافحة، مضيفة أن سر محبتها واشتهارها بين أبناء المنطقة نظرا لتأكّدهم من نظافة طعامها، قائلة: "كل الناس في المنطقة يعرفوني، والسر من عند ربنا والمحبة.. ودي أرزاق وربنا بيشيعلي رزقي وكل ده هبة من عند الله".
- رسالة للشباب..
وحول الأصناف التي تعدها من الحلوى والطعم وأسعارها، قالت إنها تقم ببيع خضار منظف ومقطع مثل "التورلى، والخضار المشكل، والفاصوليا، والبامية، والقلقاس والسلق، وجميع أنواع المحاشى مثل "ورق العنب، الكرنب، الفلفل، الكوسة، الباذنجان، بوريك بالجبنة، كيك، فطائر، كسكسى"، موضحة أن ثمن المحاشي بأنواعها 20 جنيه، والمنبار بـ 40 جنيه للكيلو، وقطعة الكيك بـ 25 جنيه وتزل كيلو جرام.
ووجهت "أم عبده" برسالة للشباب بأن يسعوا للعمل وعدم اليأس والسعي لكسب رزقهم بالحلال، قائلة: "أنا مش محتاجة حاجة والحمدلله علي كل حال وراضية برزقه، ومحدش ييأس واللي ربنا كاتبهولك هتشوفه.. أنا واجهتني صعوبات في الأول وكنت برجع من غير ما أبيع شئ لكن كنت بواصل وبكمل".
- وفاة ابنها وما يزال حيا..
وأشارت إلى أن لديها بنت متزوجة عمرها 32 سنة، وولد متزوج عمره 30 سنة ويقطن معها في نفس المسكن، وذلك بسبب عدم تمكنه من الحصول على وظيفة بسبب أنها كانت قد أنجبت ولدا وتوفي عقب ولادته بأسبوع بعد أن قامت بتسجيله في سجلات مكتب الصحة بمنطقة الإبراهيمية، وعندما توفي قامت جدته بدفنه دون أن تستخرج له تصريح بالدفن، مما ظل مدون لدي وزارة الصحة أنه مازال علي قيد الحياة، الأمر الذي تسبب في مشكلة كبيرة لنجلها المتزوج حيث كلما تقدم إلى وظيفة طُلب منه تقديم شهادة تثبت موقف تجنيده، ولكن لم يستطع استخراجها وإثبات أنه وحيدا وليس لديه أشقاء كما هو مثبت في الأوراق الرسمية.
واستكملت أنها قامت بتوكيل محام لإنهاء الإجراءات واستخراج شهادة وفاة لطفلها المتوفى ودفعت له مبلغ 9 آلاف جنيه، إلا أنه لم يفعل شيئا ولم تستطع التواصل معه أو إرجاع ما تقاضاه منها من أموال دون مقابل، واتهمته بالنصب والاحتيال عليها والاستيلاء على أموالها دون وجه حق.
وناشدت "أم عبده" وزير الصحة والمسئولين بالدولة بحل مشكلة نجلها المتزوج واستخراج شهادة وفاة لطفلها الذي توفي في المهد، رأفة بها وليكون عونا لها علي ظروف الحياة المعيشية الصعبة، خاصة وأنها متزوج ولديه أولاد يسعي لرعايتهم، قائلة: "أنا مش طالبة أي حاجة غير حل مشكلة ابني بس ليستطيع العمل في أي مجال وتربية أولاده".