فيديو| الصعيدي ملمع الأحذية والعقول.. الرضا في عيون البسطاء
الثلاثاء 13/فبراير/2018 - 01:05 م
ولاء السيد
طباعة
ربما مررت به يومًا في ميدان الجيزة، أو وقفت أمامه منتظرًا أن يضفي من بريقه بعض اللمعان على حذائك، ولعلك لاحظت أيضًا صمته حين يعمل، لكنك غالبًا لن تكون قد جربت سماعه لتنساب عليك تلك الأمواج الهادئة من الكلمات المشبعة بالحكمة والرضا.. إنه عم جمال أبو العلا، الصعيدي الذي يجلس لتلميع الأحذية وربما تلميع العقول أيضًا.
للوهلة الأولى حين تنظر إليه سوف يخطفك ذلك البريق المنطلق من عينين قويتين ثابتتين مليئتين بالحدة والتحدى والورح الراضية، لعلك حينها تدرك دون حتى أن تستمع إلى كلماته رضها المنعبث من تلك التجاعيد التي نحتتها سنوات الـ60، والتي قضي ما يزيد على الثلثين منها في جلسته تلك.
ربما بدأ "عم جمال" حياته في تلميع الأحذية من تراكمات أتربة خلفتها تقلبات الجو، لكنه الآن أصبح يلمع العقول أيضًا ويعلمها الرضا بما كتبه الله، والسعادة الكامنة في العمل وكسب الرزق وعدم انتظار هدية تهبط من السماء تنقل صاحبها إلى عالم أثرياء المال، فثراؤه في رضاه بعمله وقدرته على رعاية بنتيه بعدما أكمل رسالته مع اخيهم الولد الذي تزوج بودأ حياته بنفسه.
ما بين ميدان الجيزة ومقر سكن "عم جمال" في منطقة أبو النمرس، حكايات وقصص قضاها الرجل القادم من مدينة طما في محافظة سوهاج، باحثًا عن حياة جديدة في ربوع المحروسة، حتى صار نموذجًا مشرفًا للمصري الذي يحمل بين جنباته رضا وهمة وتصميمًا على رعاية أسرته الصغيرة، وعدم انتظار أحد، فرغم مرضه وتدهور صحته إلا أنه يقف امام عقبات الزمن كشجرة ثابتة أوغلت جذورها في هذه الأرض الطيبة، ورمزًا للشباب الذي يفضل الجلوس على المقاهي في انتظار عمل "يناسبه".