وأخيرا استطاع الصحفي المبتدئ أن يحجز له مقعدا قرب المنصة حتى يتسنى له تسجيل كل شاردة وواردة، خاصة ان رئيس التحرير شرفه بتغطية حدث مهم حسب ما فهمه، القاعة مكتظة والكل ينتظر رئيس الحزب الذي شغل البلاد والعباد.
وأخيرا دخل الرجل محاطا بتغطية أمنية مبالغ فيها، كل الأنظار منصبة نحوه باعتباره شخصية سياسية هامة مقربة من دوائر القرار كوب ماء ودخل مباشرة في الموضوع بكل حماس. شرب
- انه منعرج تاريخي كبير ونحن مستهدفون من قوى أجنبية وهذا بتواطئ أيادي داخلية عميلة لا تريد اللستقرار لهذا البلد.
لحد الساعة لم يسجل صاحبنا في مفكرته شيئا وهذا باعتبار ما قيل مجرد لغة خشب متداولة منذ سنوات.
تناول زعيم الحزب كوبا ثانيا من الماء وتراجع الى الخلف قليلا ثم ضرب بيديه على الطاولة بكل قوة....... .....
- مصلحة الوطن خط أحمر ونرفض التدخل الأجنبي في أمورنا الداخلية، وأقول لكل من تسول له نفس المساس بوحدتنا الترابية أننا مستعدون لبذل الغالي والنفيس لحماية بلادنا.
في هذه الأثناء أخشاب كثيرة تناثرت في المكان ولحد الساعة لم يستوعب رجال الصحافة كل ما قاله هذا الممثل السياسي البارع، وكلهم كانوا ينتظرون فتح باب النقاش لكي يطرحوا أسئلة جدية قد تبعد شيئًا من الخشب الكثير الذي غطى المكان.
وقبل إتاحة الفرصة أمام رجال السلطة الرابعة، أصر رجل السلطة الحقيقية ان يرمي بأخشابه الأخيرة.....
- نحن نؤمن بالتداول السلمي على السلطة ولكننا نرفض بشدة تطبيق أي أجندة خارجية في بلادنا، ويجب على الشعب ان يحمد الله كثيرا على نعمة الاستقرار، العالم كله يحسدنا على خيراتنا وحنكتنا السياسية.
و بمجرد ما فتح المجال أمام الصحفيين وقبل حتى طرح السؤال الأول إنقطع التيار الكهربائي وأصبح الظلام سيد المكان أسرع رجال الحماية الخاصة نحو زعيم الخشب وأخرجوه بسرعة رهيبة.
ثم سمع صوت صادر من الظلام يتكلم عن توقيف الندوة الصحفية وتأجيلها الى وقت لاحق.
خرج صاحبنا مثل غيره من الصحفيين من القاعة وهو مقتنع جدا بأن البلد بخير كما قال رئيس الحزب والانقطاعات الكهربائية ظاهرة صحية تحدث في الكثير من دول العالم.