"أنا ببص بره ليه".. فكرت مرة أن أتقمص شخصية الرجل وأسأل نفسي هذا السؤال، ربما تمكنت من معرفة السبب الحقيقي وراء تلك المعضلة التي بدأت منذ عصر الإنسان الأول ولن تنتهي حتى يوم القيامة، لعلني أجده مظلومًا أو مغلوبًا على أمره.
المشكلة الأولى التي واجهتني هي كيفية تقمص دور الرجل، في البداية فكرت في السجائر وبالفعل أحضرت إحدى الماركات وبدأت في إشعالها، بغض النظر عن كوني "بهدلت الدنيا وكنت هحرق نفسي والشقة باللي فيها"، إلا أنني لم أشعر بأي رجولة فيما أفعل، ووجدتني مضطرة أن أبحث عن شئ آخر.
المرحلة التالية في رحلة بحثي كانت في الصوت العالي، فبدأت كما حدث سابقًا "أتخن صوتي وأجعر"، لكني أيضًا أصيبت بخيبة أمل كبيرة فضلًا عن الألم الذي لازم أحبالي الصوتية لأيام عدة ولم يخرج حتى بـ"الطبل البلدي".
لا أدري كم من الزمن جلست أبحث فيما يفعله هؤلاء "الرجال المبصبصاتية"، فجربت التسكع على النواصي، ولبس الملابس المتخلفة، حتى أنني فكرت في المخدرات ولم أفلح، باختصار جربت كثيرًا حتى استسلمت وأصابني اليأس.
بعد رحلة البحث الشاقة، شعرت بخيبة أمل كبيرة وفشل ذريع، وحبست نفسي في البيت وبدأت أفكر جديًا في كتابة اعتراف رسمي موثق في الشهر العقاري وبشهادة اثنين موظفين على فشلي أمام رجولة هؤلاء الذين لا يكتفون بإمرأة واحدة، وأعلن أني لن أعارض أي رجل بـ"بصبص أو بيعاكس" تاني أبدًا.
قبل شروعي في كتابة اعترافاتي الانهزامية تلك، توقفت لحظة ساد فيها الصمت.. ثم صرخت بأعلي صوتي حتى ان والدتي شرعت في البحث عن أرقام والدي لتطلب إليه أن يصطحبني إلى الطبيب النفسي، وتخبره أن "بنتك مجنونة يا حاج"، حينما رأتني أقفز من كرسي إلى آخر وأضحك بلا سبب.
لم تتفهم والدتي الأمر إلا بعد أيام حينما ظللت أخبرها أني اكتشفت أن ما ظللت الفترة الماضية أبحث عنه مجرد عبث، لأنني ببساطة حاولت أن أكون رجلًا لأتصرف تصرفًا لا يفعله الرجال، فهؤلاء مجرد ذكور فقط بالطبيعية الفيسيولوجية ولكنهم لا يمتون إلى الرجولة بأي صلة.. وصباحكم ندى